يوسف أيوب

ترامب فى شرق آسيا

الخميس، 16 نوفمبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى خضم التطورات المتسارعة التى يشهدها الشرق الأوسط، وتصاعد وتيرة الأحداث والأحاديث أيضًا عن احتمالية التعامل العسكرى مع إيران وحزب الله، بسبب الاتهامات السعودية لهما بدعم الحوثيين عسكريًا لضرب المملكة، شهدت منطقة جنوب شرق آسيا حدثًا غاية فى الأهمية، وهو الجولة الأولى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب لهذه المنطقة التى تحظى باهتمام أمريكى متصاعد، مرتبط أساسًا بتغيير خريطة الاهتمامات الأمريكية وتوجيهها إلى هذه المنطقة المليئة بالحلفاء والمصالح الأمريكية، وأيضًا دول لا تزال واشنطن تعتبرها بمثابة العدو، وتحاول فتح قنوات اتصال معها.
 
ترامب زار فى جولته الآسيوية خمس دول، منها ثلاثة حلفاء لواشنطن وهى اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، وأخرى تخشاها السياسة الأمريكية وهى الصين، وخامسة لم يتوان رئيسها عن توجيها الاتهامات بل والسباب لرؤساء أمريكا، وهى الفلبين، هذه التركيبة التى جمعت الحلفاء والأعداء جعلت للزيارة بعدًا مختلفًا، ففى المجمل يمكن اعتبارها جولة البحث عن المصالح، واستشراف مستقبل العلاقات التى تحاول إدارة ترامب أن تبنى عليها مستقبلًا لمواجهة الضغوط الداخلية، التى يثيرها ضده «الجمهوريين والديمقراطيين» معا، والتى وصلت حدتها إلى درجة فتح تحقيق حول ما سمى بالتدخلات الروسية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من أجل إنجاح ترامب، وخسارة منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون.
 
ما وصلنا من أخبار عن هذه الجولة أنها انتهت دون عثرات وأيضًا بدون تحقيق إنجاز مهم، كما أنها لم تكشف عن تغيرات فى السياسة التى يتبناها ترامب وهو يتعامل مع الدول الخمس، وإن كانت أجواء الاستقبال التى جرت فى العواصم الخمسة جعلت الرئيس الأمريكى يقول إن جولته كانت ناجحة جدًا، وإنه مسرور كونه حظى باستقبال «لم يشهده أحد من قبل»، وأنه خرج من الجولة سعيدًا، والسبب: «كسبت الكثير من الأصدقاء على أعلى مستوى».
 
ما قاله ترامب لا يعبر بشكل قوى عن النتائج، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرئيس الأمريكى ذهب إلى آسيا وأمامه هدفان، الأول تشديد الخناق على كوريا الشمالية، والثانى العمل على تسهيل دخول الشركات الأمريكية إلى الأسواق الآسيوية، فما تواتر من أنباء لا يبشر بوجود اختراق فى الهدفين، ففعليًا لم يظهر أى جديد فى الهدف الأول والخاص بكوريا الشمالية، وإن كانت الصين بدأت تتراجع جزئيا عن مواقفها الداعمة لها، نعم هى لم تقطع لترامب بوعود جديدة فى هذا الملف، وان كانت هناك مؤشرات إلى أن بكين فى سبيلها للعب دور مهم مع زعيم كوريا الشمالية، الذى يرتبط بعلاقات قوية مع الرئيس الصينى تشى جين بينج، الذى يتمتع بوضع استثنائى حاليًا فى الصين، بعدما قرر الحزب الشيوعى وضع مفهوم «تشى» حول إضافة «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعهد جديد» إلى دستور الحزب، وهو ما أعطى للرئيس الحالى للصين مكانة رفيعة المستوى لم يحظ بها إلا اثنان فقط طوال تاريخ الصين.
 
أما فيما يتعلق بالملف الثانى، والخاص بالمبادلات التجارية، فقد ظهر أن ترامب بدأ يغير تدريجيا من سياسته الصدامية تجاه الصين، فخلال حملته الانتخابية احتلت الصين حيزًا كبيرًا من تصريحاته، خاصة أنها تستحوذ على عدد كبير من الشركات الأمريكية التى اختارت الصين لتصنيع منتجاتها بسبب وفرة الأيدى العاملة، فضلا عن قلة الضرائب، لكن خلال زيارته الأخيرة لبكين، ألقى ترامب اللوم بشأن العجز فى الميزان التجارى بين الولايات المتحدة والصين على أسلافه الديموقراطيين والجمهوريين، على حد سواء، واتهمهم بعدم إبداء حزم فى هذا الملف على مدى عقود، وفى المقابل أعلنت بكين أنها تنوى توسيع إمكانية وصول الشركات الأجنبية إلى قطاعها المالى، وهو ما تلقاه ترامب جيدًا من خلال التركيز على مجموعة من العقود التى توصل إليها، وتقارب قيمتها الإجمالية 300 مليار دولار، حتى وإن لم يتم تحويلها إلى فعل على الأرض، لكن مجرد التوقيع على عقود مثل هذه مع بكين يصب فى صالح مساعى ترامب لتقوية اقتصاد بلاده.
 
إذن فعليًا لم يحدث جديد فى الهدفين، سواء ما يتعلق بكوريا الشمالية أو فتح أسواق آسيا أمام المنتجات والسلع الأمريكية، لكن هذا لا يقلل من أهمية هذه الجولة، خاصة إذا أشرنا لمحاولة ترامب تصحيح أخطاء سلفه أوباما، وهو ما ظهر خلال حديث ترامب عن لقائه مع نظيره الفلبينى رودريجو دوتيرتى، المعروف بتوجيه الشتائم لأوباما، فقد عبر ترامب عن ارتياحه لما حققه من قطيعة فى سياسة سلفه الديمقراطى الذى «كان لديه الكثير من المشاكل» مع مانيلا، كما قال، وأضاف «من المهم جدا أن نقيم علاقات جيدة مع الفلبين وهذا هو الحال اليوم».
 
الجولة كانت فرصة لترامب لكى يتحدث ويرى عن قرب المصالح الأمريكية فى هذه المنطقة المهمة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا أيضا، وبناء على هذه الجولة سنرى هل ترامب سيسير على خطى سلفه باراك أوباما الذى فكر فى ترك الشرق الأوسط والتركيز على شرق آسيا، أم أن ترامب سيصل إلى نتيجة مفادها أن هذه المنطقة مليئة بالصراعات، وأن وجوده سيكلفه الكثير، وبالتالى فإنه لن يسير على خطى أوباما إلا إذا دفع حلفاؤه فى المنطقة، وتحديدًا اليابان وكوريا الجنوبية تكلفة الوجود الأمريكى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة