على مسرح من مسارح الأوبرا، يقف الساعة الثامنة ليلا، وجه باسم يبدو شابا وإن علت بعض التجاعيد وجهه، يقف مرحبًا بصفوف تنتظر دورها لتدخل المسرح وكأنه ينتظر ضيوفه على باب بيته، وما أن تدلف من باب المسرح لتجد لنفسك كرسيا فى مواجهة مسرح شبه دائرى لا يفصله عنك فاصل مما يُشعر المشاهد بحالة من الحميمية مع المعروض أمامه، وتجد نفسك وقد سلمتها للعرض وأبطاله وحكاياتهم التى تحكى عنك أنت المشاهد فتتوحد مع الشخصيات إما حزنا أو فرحا أو ضحكا أو غناء.
أما الوجه الباسم فهو لفنان ثقيل الوزن قيمة وقامة فى صناعة الفن المسرحى والتمثيلى خالد جلال، وأما العرض فهو نتاج ورشة الارتجال والتمثيل المسرحى للدفعة الثالثة لمركز الإبداع الفنى التابع لصندوق التنمية الثقافية، وهو بعنوان «سلم نفسك»، ومدة العرض ساعتان يحكى فيها أبطاله عن مدينة خيالية فاضلة فى المستقبل، تخلو من كل ما نعانيه الآن من أخلاق فاسدة، مدينة نحلم بأن نجدها فلا نجدها إلا فى عالم خالد جلال أو غيره من الحالمين منذ أفلاطون.
وفى تلك المدينة السعيدة، يظهر فيها فجأة إنسان مختلف عن أهلها من زمن مضى ولكنه ملوث بكل فيروسات الأمراض التى نعيشها كمجتمع حالى، فهو ملوث بالفساد والرياء والكذب والنميمة والغرور والتعصب والجهل وادعاء العلم، فيراه أهل المدينة تهديدا لمدينتهم الفاضلة، مما يستوجب التخلص منه بالقتل، ولكن عالمة وحيدة تبحث فى هذا الإنسان عن فضيلة واحدة غائبة فى أعماق نفسه لكى تُبقى على حياته وتلك هى القصة.
العرض يشمل التمثيل والموسيقى والغناء والضحك والسخرية والدموع، ويتولى بطولته مجموعة شابة تنبض بالموهبة، وتلك هى قيمة خالد جلال الذى يعرف كيف يبحث عن المواهب ليصقلها تعليما وثقافة وفنا، فهو كصائد الفراشات أو صائد اللؤلؤ، وكم من حبات لؤلؤ منحها للفن المصرى، فأغلب المواهب التى نراها الآن أبطال شابة هى من تدربت وتعلمت فى مدرسة خالد، أما الدفعة الجديدة التى نراها على مسرحه حاليا، فكلها شابات وشباب جميعهم مؤهلون للبطولة كما لأدوار عديدة، فهم اثنان وعشرون وجها كفيلة بتحديد صورة الشاشات الصغيرة والكبيرة والمسرح بروح جديدة وأداء مبهج متعلم وموهوب فى كل أنواع الفن كالكوميديا والرومانسية وحتى التراجيديا، وبعضهم يحمل ملامح الفنان الشامل القادر على الغناء والتمثيل.
فتذكروا هذه الأسماء التى قد لا تعرفونها الآن، ولكن من المؤكد أنهم مشروعات نجوم «ألحان المهدى، منصور أمين، أحمد الشاذلى، سارة هريدى، سارة عادل، مختار الجوهرى، محمد مجدى، هدير الشريف، سارة سلام، نديم هشام، ريهام سامى، حمدى التايه، كريم شهدى، أمجد الحجار، نجلاء فوزى، سارة مجدى، أحمد محارب، كريم يحيى، رشا مجدى، محمد مدكور، عبد العزيز حسين، شريف عبدالمنعم، أحمد كيكار، أحمد زكريا ، محمد أمين، محمد غيث، عادل الحسينى» هؤلاء سلموا أنفسهم لخالد جلال فقدموا لنا «سلم نفسك»، وبالتأكيد سيقدمون لنا ما هو أكثر وأفضل.