دعونا نضع طبول الحروب وصيحات الخوف جانبًا لبعض الوقت، وتعالوا نفكر برويّة فى مسألة سد النهضة بعيدًا عن الحماسة الزائدة، وهو ملف سياسى بقدر ما هو مسألة فنية واقتصادية مهمة لجميع شعوب حوض النيل، الشق السياسى للملف لا يجعله منفصلًا عن التطورات الجنونية فى المنطقة، فالتردى العربى الممتد من سوريا الممزقة ولبنان المأزوم وليبيا الباحثة عن الخلاص والسودان الحائر بين الديون وغياب الرؤية، هذا التردى له فاتورة تدفعها البلاد المستقرة، ويجنى فوائدها تجار النفط والسلاح ومصائر الشعوب، وهذه الخطوط المتقاطعة من الصراعات الإقليمية تقول إن هناك حربًا قادمة لا محالة وتنتظر فقط الغبى الذى سيطلق ضربة البداية ثم تنفتح بعدها أبواب الجحيم، لذا سيكون من الأفضل لمصر أن تظل تمارس دبلوماسيتها الحاسمة لكى تضمن عدم خروج الأمر عن السيطرة، فنحن لن نكون بالغباء لكى يحركنا النقد اللاذع للتعامل الهادئ مع المسألة، ولسنا مستعدين لتسديد فواتير جديدة وعندنا ما يكفى من المعارك.