أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

سد النهضة.. الحلول المقترحة «1»

السبت، 18 نوفمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشىء المؤكد ليس فقط لدى المصريين، وإنما لدى كل شعوب العالم، أن الأمن المائى يعد جزءًا أصيلاً من الأمن القومى لأى دولة، بل إن المياه، وفقاً لكثير من التقديرات، ستكون السبب فى اندلاع الحروب مستقبلاً، لندرتها، وفى نفس الوقت لزيادة السكان، وفى مصر لدينا ارتباط قوى بنهر النيل، باعتباره شريان الحياة لنا، حيث تعد مصر الأكثر اعتمادًا على مياهه، وبالتالى كان طبيعيًا أن يمتد مفهوم الأمن المائى ليصل إلى المنابع الرئيسية فى حوض النيل، اتصالا بالمشروعات التى تنفذها هذه الدول على مجرى النهر، التى من شأنها أن تؤثر على وصول المياه إلى دولتى المصب «مصر والسودان»، وفقاً للنسب المتفق عليها منذ سنوات طويلة، والمقدرة بـ55.5 مليار م3 لمصر وللسودان.
 
هذه المقدمة كانت ضرورية لفهم ما يحدث ويجرى حالياً من تفاوض ونقاش بين مصر وإثيوبيا والسودان حول «سد النهضة»، الذى شرعت أديس أبابا فى بنائه فى أعقاب أحداث 25 يناير 2011، مستغلة انشغال مصر بوضعها الداخلى، وبعد ذلك حدث نقاش طويل، دافعت مصر خلاله عن حصتها التاريخية فى مياه النيل، وبما لا يضر رغبة وطموح دول الحوض، تحديداً إثيوبيا، فى التنمية، وقد اخترت أن أتناول قضية مياه النيل من ناحية سد النهضة، فى أكثر من مقال أتناول خلاله كل أبعاد القضية، حتى يتنسى لنا الحديث عن الحلول المقترحة.
 
أقول إن نقاشا طويلا حدث بين الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، حول السد، وعقدت الكثير من الاجتماعات واللقاءات الرسمية والفنية، ووصلنا إلى نقطة فاصلة، حينما أعلن الأحد الماضى الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، أن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزارى، الذى استضافته القاهرة يومى 11 و12 نوفمبر 2017 بمشاركة وزراء الموارد المائية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا لم يتوصل فيه إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالى الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتى المصب.
 
وزير الرى شرح ما حدث فى الاجتماع بقوله: «إنه على الرغم من موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالى على ضوء أنه جاء متسقاً مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، التى تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، فإن طرفى اللجنة الآخرين لم يبديا موافقتهما على التقرير وطالبا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها»، وأعرب وزير الموارد المائية والرى عن قلق مصر من هذا التطور لما ينطوى عليه من تعثر للمسار الفنى، على الرغم مما بذلته مصر من جهود ومرونة عبر الأشهر الماضية لضمان استكمال الدراسات فى أقرب وقت، بما فى ذلك الدعوة منذ مايو 2017 لاجتماع على المستوى الوزارى للبت فى الأمر، وما بذل من جهد فى التوصل إلى اتفاق إعلان المبادئ فى مارس 2015 الذى كان علامة فارقة على مسار التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا، الأمر الذى يثير القلق على مستقبل هذا التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضة، وكيفية درء الأضرار التى يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائى.
 
منذ هذه اللحظة التى أعلن فيها وزير الرى فشل المفاوضات الفنية، ونحن أمام العديد من السيناريوهات التى تبارى أصحابها للحديث عن آرائهم الخاصة، كأنهم عالمون ببواطن الأمور، ووصل الأمر إلى درجة أن البعض منهم ذهب بعيداً وتحدث عن تدخل عسكرى، دون أن يدركوا خطورة هذا الطرح حالياً، وتأثيراته على مصر وعلاقاتها الدولية.
 
بالتأكيد لا أحد يستطيع أن يجزم بما ستؤول له الأوضاع فى هذا الملف، وإن كنت أعلم أن الدولة المصرية تجرى حساباتها بدقة شديدة، وأنها لا تتسرع فى الحكم على المجريات، وهو ما ظهر من الاجتماعات والتصريحات الرسمية التى تعاملت بواقعية شديدة دون انفعال، لكن فى نفس الوقت متمسكة بحقوق مصر، واعتبار أن قضية المياه أمن قومى لا مساس بها، وتسير مصر وفق استراتيجية «لا ضرر ولا ضرار»، وأيضاً اتساقاً مع الالتزامات المتضمنة فى اتفاق إعلان المبادئ الثلاثى الذى تم التوقيع عليه بين قادة الدول الثلاث فى الخرطوم قبل عامين، حتى يتسنى وضع برنامج ملء خزان السد ووضع قواعد تشغيله بالأسلوب الذى يدرأ الضرر إزاء دولتى المصب.
 
معلوم للجميع أن نهر النيل يمر عبر 11 دولة، هى إثيوبيا، وإريتريا، أوغندا، رواندا، كينيا، بوروندى، تنزانيا، الكونغو الديمقراطية، السودان، جنوب السودان، مصر، ويبلغ الإيراد المائى لنهر النيل حوالى 1600 مليار متر مكعب سنويًا، ووفقاً لكل التقديرات، فإن هذا الرقم يعكس حالة الوفرة المائية لدول حوض النيل، أخذاً فى الاعتبار أن دول المنبع لا تستهلك سوى أرقام ضئيلة من مياه النيل، ربما لا يتعدى فى أحسن الظروف %5، على عكس دول المصب، وتحديداً مصر التى تعتمد اعتمادا كليا على مياه النيل، فمعظم دول الحوض عدا مصر والسودان تملك حاجتها من المياه لكثرة البحيرات العذبة، فضلاً عن كثرة هطول الأمطار فيها، بينما تعتمد مصر على مياه النيل بنسبة %97، كما تعتمد السودان على نسبة %77.
 
فى مقال الغد سأتناول جانبا من الاتفاقيات التاريخية الموقعة بين دول الحوض، التى تؤكد الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة