كل التقارير ترسم صورة مرعبة لما يتعرض له المسلمون فى أمريكا حاليا من اعتداءات عنصرية وجرائم كراهية واسعة النطاق، وخصوصًا فى اعقاب هجمات باريس واعتداء سان برنادينو وعملية الطعن، التى حدثت مساء أول أمس فى نيويورك وما ترافق معها من تصريحات عدوانية عنصرية، وهذا ما أشارت إليه دراسة للباحث السيد زهرة، ونشرت منذ عده سنوات وحملت عنوان «المسلمون والجنون العنصرى فى أمريكا».
كل التقارير، بما فى ذلك الأمريكية منها، تجمع على أن هذه الحملة من العدوان والكراهية، التى يتعرض لها المسلمون غير مسبوقة على الإطلاق، ولم تحدث فى أمريكا حتى فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
الذى يتابع تفاصيل ما يتعرض له المسلمون من جرائم كراهية، ومن اعتداءات، يدرك أن حالة من الجنون العنصرى ضد المسلمين تجتاح أمريكا هذه الأيام.. حتى أن صحيفة «اندبندنت» البريطانية نشرت قبل أيام تقريرًا ترصد فيه ما أسمته «حالة الذعر الهستيرية»، التى تجتاح أمريكا من الإسلام والمسلمين، وتعدد فيه بعض وقائع ما يتعرض له المسلمون من اعتداءات وجرائم.
ما أبعاد هذه الحملة؟.. ماذا وراءها؟.. ما الذى تكشف عنه؟
فى الأيام القليلة الماضية، نشر تقريران أمريكيان لخصا الصورة العامة لما يتعرض له المسلمون.
النقرير الأول، أصدره مركز دراسات الكراهية والتطرف فى جامعة كاليفورنيا.
يذكر التقرير أن جرائم الكراهية والعنصرية ضد المسلمين فى أمريكا تضاعفت ثلاث مرات منذ هجمات باريس واعتداء سان برناردينو، ووصلت إلى مستوى لم يحدث منذ هجمات سبتمبر 2011.
وقال التقرير إن المركز قام بتحليل معلومات المباحث الفيدرالية الأمريكية الـ«أف بى آى»، وأيضا المعلومات، التى نشرتها المراكز المختصة بمتابعة القضية وأجهزة الإعلام.. وبناء على هذه المعلومات، ذكر أن جرائم الكراهية ضد المسلمين فى أمريكا كانت تبلغ فى المتوسط 12.6 جريمة شهريا، لكن فى خلال شهر واحد بعد هجمات باريس وقعت 38 جريمة.
والتقرير يرجع هذه الزيادة الكبيرة فى جرائم الكراهية ضد المسلمين إلى هجمات باريس والهجوم، الذى وقع فى سان برنادينو، وأيضًا إلى تصاعد الخطاب المعادى للإسلام والمسلمين فى أمريكا، وخصوصًا من جانب بعض المرشحين السابقين للرئاسة.
التقرير الثانى، أصدره مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية.. وذكر التقرير أنه وقع 29 هجوما على المساجد هذا العام، وهو أعلى معدل منذ عام 2009.. وقال إن أكبر عدد من الهجمات وقع فى شهر نوفمبر الماضى، وبلغ 17 هجوما، وأن هذه الهجمات شملت جرائم حرق وتدمير ممتلكات واعتداءات.. مثل هذه التقارير تقدم صورة عامة لتزايد جرائم الاعتداء والكراهية، التى يتعرض لها المسلمون فى أمريكا.
لكن بشاعة الصورة تتضح أكثر إذا تابعنا تفاصيل بعض هذه الجرائم والاعتداءات.
ولنتأمل فقط بعضها:
- فى فرجينيا، تم إغلاق المدارس فقط لأن معلمة طلبت من الطلاب كتابة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فى إطار تدريب على الخط.
- فى لوس أنجلوس، تم أيضا إغلاق المدارس بسبب تهديد وهمى.
- القاضية الأمريكية المسلمة كارولين وولكر تعرضت لحملة ضارية من الشتائم والإهانات وصلت إلى حد التهديد بالقتل واتهامها بأنها إرهابية وأنها تريد تدمير أمريكا.. تعرضت لكل هذا فقط لأنها أقسمت على القرآن الكريم قبل أن تتسلم وظيفتها.
- جيرى فالويل، رئيس جامعة ليبرتى فى ولاية فرجينيا، دعا طلاب الجامعة إلى الحصول على تصاريح لحمل السلاح، وذلك بهدف «وضع حد لأولئك المسلمين» كما قال.
- أقدم مخربون على إشعال النار فى مسجد بكالفورنيا.. كما تعرضت مطاعم يمتلكها مسلمون إلى اعتداءات وأعمال تخريب.
- قام أفراد يرتدون زى مليشيات عسكرية وملثمون ويحملون بنادق بمحاصرة مركز إسلامى فى تكساس، وأعلنوا أنهم يفعلون ذلك بهدف «وقف أسلمة أمريكا».. وقام أفراد هذه المليشيات بنشر عناوين العشرات من الأسر المسلمة وهددوا باستهدافها.
- فى يوم عيد الشكر، قام شخص بإطلاق الرصاص على سائق تاكسى مسلم وهو جالس فى سيارته.
- تعرضت سيدتان مسلمتان إلى الهجوم فى تامبا. واحدة منهما تعرضت لإطلاق رصاص أثناء قيادتها لسيارتها بعد الخروج من المسجد.. وقبل ذلك بيومين، تعرضت مسلمات أيضًا للرشق بالحجارة أثناء خروجهن من المسجد.
هذه مجرد أمثلة فقط لما يتعرض لها المسلمون فى أمريكا من اعتداءات وما يرتكب بحقهم من جرائم.. لكن هذه الأمثلة تكفى لتبيان الحد المرعب الذى وصلت إليه هذه الاعتداءات والجرائم.. الخطورة فيما يتعرض له المسلمون فى أمريكا اليوم ليس فقط تصاعد حملة الكراهية والاعتداءات ضد المسلمين على هذا النحو، ولكن أن هذا التصاعد ارتبط به جوانب ثلاثة خطيرة.. يتبع.