عبد الفتاح عبد المنعم

لماذا تعاملت إدارة أوباما على أن أمريكا قوة لا تقهر؟

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءاتى للدور الأمريكى فى العالم العربى والإسلامى، ومحاولتها الهيمنة والسيطرة على العالم كله وليس العربى والإسلامى، وذلك استنادًا للدراسة الخطيرة للباحثة الفلسطينية صفاء عبد الوهاب على وحملت عنوان «الاستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط»، تقول الباحثه «مع مجىء إدارة الرئيس باراك أوباما إلى الحكم فقد ورثت من الإدارة السابقة تحديات أمنية عديدة جرى تكريسها من خلال ما يتم فرضه من أساليب منتهكة كل المواثيق والأعراف الدولية والقيم والقواعد الشرعية الدولية والأخلاقية وغير مهتمة بالقوى والمنظمات الدولية، وهناك أيضاً تركيز فى هذا الفصل على موضوعين مهمين بالنسبة للولايات المتحدة بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص، حيث يقوم الكاتب بتحليلهما وهما معالجة الوضع القائم فى العراق وأيضاً البرنامج النووى الإيرانى.
 
وفى موضع آخر من الدراسة تتحدث الباحثة عن الحالة التى وصلت إليها الولايات المتحدة مما جعلها تفكر بمنطق القوة التى لا تقهر، وحسب ما جاء فيما كتبه المحافظ تشارلز كروثامر قائلا: «أمريكا تجاوزت العالم، فمنذ أن دمر الرومان قرطاج لم تبلغ قوة الذرى حيث وصلنا»، وذهب كاتب آخر أبعد فى المستقبل عندما قال: «إن القرن الثامن عشر كان فرنسياً، والقرن التاسع عشر كان إنجليزياً والعشرين أمريكياً والقادم سيكون كذلك».
 
لقد استحوذت هذه المقولات على إدارة الرئيس جورج بوش الابن بعد انفراط الحلقات الرئيسية لنظام توازن القوى الثنائى الذى حكم العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية على نحو مكنها من احتلال مكانة فريدة لا نظير لها فى التاريخ الحديث، وفى مقابل ذلك كانت النتيجة الثانية للتحول الدولى هى زيادة فرص بروز قوى دولية جديدة فى أوروبا وآسيا، سواء أكانت دولاً أم كتلاً كبرى اقتصادية وسياسية، تحاول ترسيخ النظام الدولى المتعدد الأقطاب، الأمر الذى جعل الولايات المتحدة الأمريكية أمام الخيارات الاستراتيجية التالية:
 
- التعاون والتعددية فى خيار إدارة مشتركة لنظام عالمى فى طريقه إلى التعددية القطبية بين الدول الكبرى.
 
- تبنى سياسة تقليدية لتوازن القوى مشابهة للسياسة البريطانية فى القارة الأوروبية فى القرن التاسع عشر.
 
- إبقاء القطبية الأحادية من خلال استراتيجية الهيمنة.
 
وفى ظل هذه البيئة الدولية، والتوجه الأمريكى فيها للهيمنة على العالم، كان من الطبيعى أن تتأثر الأقاليم ذات الأهمية الاستراتيجية، وفى مقدمتها منطقة الشرق الأوسط ذات الحساسية العالية لأى تأثيرات بالتحولات الاستراتيجية فى هيكلة المنظومة الدولية، لكونها ارتبطت بعلاقة تأثير متبادل مع النظام الدولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فالتوازنات العالمية تؤثر فى التوازنات الإقليمية وبالعكس، فكانت التحولات التى شهدها التوازن العالمى من اختفاء أحد أقطابه لابد أن تؤثر نتائجه وبقوة فى هذه المنطقة، وفى قلبها العراق من خلال انعدام هامش المناورة المستقلة أمام بعض الدول العربية، خاصة ما يسمى بدول المواجهة، فقد كان الاتحاد السوفيتى فى عصر التوازن الثنائى يمثل أحد البدائل أمام بعض الدول العربية على الأقل لتقليص مساحة الهيمنة الغربية، فضلاً عن تراجع الدور العربى، والقدرة العربية فى التأثير على النسق الدولى، مما أدى إلى التراجع فى مدى الاهتمام بقضاياها بسبب زيادة التبعية للولايات المتحدة على البيئة الدولية بعد الانهيار.
 
وهكذا نجد أن الاختلافات التى شهدها النظام منذ مطلع التسعينيات، قد أدت إلى إيجابية دولية ملائمة لتنفيذ أهداف السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
 
وفى النهاية ورغم كل ما تقدم أرى أنه لا يمكن الحسم بشأن الصراع الجارى فى الشرق الأوسط، ولا تحديد الرابحين والخاسرين فيه، لا من القطبين الدوليين، ولا من الأطراف الإقليمية الفاعلة، فهذا صراع مفتوح على الزمان والمكان والقضايا، أى أنه نوع من الصراعات التاريخية التى يمكن أن تحدد شكل المنطقة، وتشكيل مجتمعاتها للعقود المقبلة.
 
ومن هذا المنطق نخشى أن يتعامل العرب مع معركة المياه كما تعاملوا مع معركة النفط فخسروا النفط ولن يربحوا المياه، علماً بأن من يسيطر على المياه ويتحكم بها، فإنه يستطيع أن يتحكم بالأرض والإنسان معاً.
 
وتحت عنوان «أوباما والشرق الأوسط.. نهاية العصر الأمريكى»، كتبت الباحثه صفاء عبد الوهاب من الضرورى وضع تراجع نفوذ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط فى سياقه الصحيح، فهناك عملية إعادة توزيع عالمية للقوة بعيدًا عن عالم أحادى القطب الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة، فنحن نسير الآن نحو عالم متغير متعدد الأقطاب ذى قوة جيواقتصادية وجيوسياسية متعددة، لم تعد الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة، كما ظهرت بعد انتهاء الحرب الباردة، فهناك الآن عدة قوى جيواقتصادية وجيوسياسية مثل الصين والهند والبرازيل، تتنافس فى ما بينها على الأرض والموارد، وتقضم من مجالات النفوذ الأمريكية التقليدية، وفى الشرق الأوسط نجحت كل من تركيا وإيران فى فرض نفسيهما كلاعبين محوريين، فلهما أجندتهما الخاصة من السياسات الخارجية والمصالح التى تنافس وتصطدم بأجندة الولايات المتحدة ومصالحها، ووسط الزلزال الثورى الذى يضرب المنطقة، تظهر القوتان أعلاه، وربما مصر من حيث المبدأ.. «يتبع».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة