بخطى ثابتة وآمال معقودة على جهود وحكمة الدولة المصرية لنزع فتيل الأزمة فى لبنان، يزور سعد الحريرى رئيس الوزراء اللبنانى المستقيل مصر خلال ساعات، للتباحث فى القاهرة حول نزع فتيل الأزمة اللبنانية، قادما من العاصمة الفرنسية باريس فى إطار جولة شرع فيها عقب تقديم استقالة من السعودية 4 نوفمبر الجارى من منصبه كرئيس للوزراء اللبنانى قبل عودته إلى لبنان.
الزيارة المرتقبة لسعد الحريرى والتى من المتوقع أن يتخللها لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعد الثانية له خلال عام 2017، حيث زار الحريرى مصر فى 22 مارس الماضى، عقب نجاح صفقة سياسية فى نهاية عام 2016 مكنت لبنان من الخروج من فراغ رئاسى وأزمة سياسية مزقت هذا البلد ما يقرب من عامين.
الرئيس وسعد الحريرى
وفى الوقت الذى يزور فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبرص، فأن مصادر إعلامية ذكرت أن زيارة الحريرى للقاهرة يمكن أن تمتد ليومين لعقد اللقاء المرتقب، والذى سيبعث بحسب مراقبون رسالة واضحة إلى المنطقة وكل اللاعبين الإقليميين مفادها أن مصر لن تترك لبنان فريسة لصراعات دول إقليمية أو خارج الإقليم، الأمر الذى ظهر جليا خلال زيارة الرئيس اللبنانى ميشال عون للقاهرة للمرة الأولى بعد انتخابه فى فبراير الماضى وجائت كلمات الرئيس السيسي لدعم القيادة اللبنانية ووحدة لبنان.
هذه المرة يزور الحريرى مصر فى وقت يشهد فيه المسرح السياسى فى لبنان تطورات جديدة حيث أخفقت صفقة 2016 فى إعادة الاستقرار للحياة السياسية فى لبنان، وظل لبنان بؤرة صراعات القوى الإقليمية، أسير للتدخلات الإيرانية، ومساعى حزب الله المدعوم من إيران لإقحام لبنان فى الأزمة السورية واليمنية بحروبه خارج الحدود، الأمر الذى خلق توترا جديدا فى لبنان، كل هذه الأسباب دفعت الحريرى لتقديم الاستقالة والنأى بنفسه وبعائلته عن خطر الاغتيالات المعروف فى هذا البلد.
زيارة الحريرى لمصر ليست التحرك المصرى الأول لمساعى حلحلة الأزمة اللبنانية، بل سبقها تحرك رسمى على مستوى وزير الخارجية، فى 11 نوفمبر الجارى تمثل فى جولة كلف بها من القيادة المصرية (الرئيس عبد الفتاح السيسي)، الوزير سامح شكرى لإجراء محادثات فى 6 دول عربية منها السعودية تتضمن بشكل رئيسى الأزمة المثارة حول استقالة سعد الحريرى، فى إطار تحرك الدولة المصرية فى الملفات الإقليمية، وتحركها فى بلد شاهد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.
سعد الحريرى فى مصر مارس الماضى
ومن المقرر أن يطرح على طاولة الرئيس عبد الفتاح السيسى وسعد الحريرى عدة ملفات لبنانية أبرزها الأتى:
الملف الأول: نزع فتيل الأزمة اللبنانية - مستقبل لبنان وعلاقته بمحيطه العربى
حلحلة الأزمة السياسية الجديدة فى لبنان، هو الملف الأبرز فى مباحثات الحريرى مع الرئيس السيسي، فالدولة المصرية تضع فى أولويتها التوفيق بين مختلف القوى السياسية اللبنانية وإعلاء المصلحة الوطنية وتحقيق الاستقرار السياسى، فضلا عن اهتمام مصر بالحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ووقوفها إلى جانبه ودعمه فى مواجهة التحديات التى تواجهها، إضافة إلى ضرورة تجنب جميع أشكال التوتر والتطرف المذهبى والدينى، ورفض مساعى التدخل فى الشئون الداخلية للبنان، مصر تنظر إلى أن اللبنانيين باعتبارهم شعب هو المعنى فقط بالتوصل إلى صيغة سياسية يرتضيها وأولوية مصر القصوى فى هذا الملف هو تحقق مصالح الشعب اللبنانى.
فيما تنتظر الجهود اللبنانية أن يكون التحرك المصرى بارقة أمل لها تدفع نحو تهدئة ووقف تصعيد والتوصل لتفاهمات بين تيار المستقبل الذى يتزعمه الحريرى وحزب الله المدعوم من إيران، وعقد تشاورات دورية مع محيط لبنان العربى.
سعد الحريرى والرئيس اللبنانى ميشال عون
الملف الثانى: التدخلات الإيرانية
العبث الإيرانى فى الإقليم والتدخلات الإيرانية بشكل عام فى البلدان العربية ولبنان كانت واحدة من تلك البلدان التى عانت تورط إيران فى ساحاتها السياسية، سيكون ثانى أبرز الملفات التى تشهدها المباحثات بين الرئيس وزعيم تيار المستقبل اللبنانى، حيث أدت هذه التدخلات إلى تجاذبات سياسية بين مكونات المجتمع اللبنانى، نتج عنها فى النهاية أزمة فراغ سياسى امتدت لعامين، وانقسام فى صفوف التيارات، غير أن عودة الأزمة من جديد إلى لبنان مؤشر على تنامى النفوذ الإيرانى بذراعها الطائفى (حزب الله) داخل لبنان، الأمر الذى يستوجب على المكونات السياسية داخل لبنان باتخاذ مواقف صارم أمام سلوكه السياسى.
الملف الثالث: تجاوزات حزب الله
ملف تجاوزات حزب الله اللبنانى المدعوم من إيران، لن يغيب عن طاولة المباحثات، ذلك الحزب الذى ظل لسنوات يقحم لبنان التى أرادت أن تنأى بنفسها بعيدا عن الصراعات والأزمات فى المنطقة، بسبب دوره فى الحروب الدائرة خارج الحدود، على غرار تدخله فى مشهد الصراع المسلح فى سوريا الأمر الذى انعكس سلبا على أمن واستقرار لبنان، وقتاله فى العراق إلى جانب العناصر المدعومة من إيران، ودوره فى دعم المتمردين الحوثيين فى اليمن، إضافة إلى زعزعة القلاقل بين شيعة البحرين، كل ذلك أربك المشهد اللبنانى ونقل لبنان إلى ساحات النزاعات.
الملف الرابع: دعم الجيش اللبنانى لمواجهة التحديات
الجيش اللبنانى أيضا سيكون حاضرا على طاولة المباحثات، فلدى سعد الحريرى قناعة تامة بضرورة تقوية الجيش اللبنانى لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية، وهو ما كشفه فى حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية خلال زيارته للقاهرة، حيث قال إنه طلب خلال لقائه بالسيسي أن تساعد مصر فى تدريب ضباط الجيش اللبنانى، وأبدى استعداد مصر لذلك وأعطى توجيهاته فى هذا الشأن، وقال الحريرى "نحن هدفنا الأساسى دائما هو تقوية الجيش اللبنانى وإمداده بالقوة العسكرية، لأنه آن الأوان أن يتحكم لبنان فى مصيره هو وحده، ومع الوقت كلما كان الجيش مسلحا أكثر ومتدربا أكثر سيكون هناك تفاعل أكثر مع الناس لأن الجيش هو لحمة وطنية من اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب". الأمر الذى أكده الرئيس السيسي خلال اجتماع بميشال عون فى فبراير الماضى، حيث قال إنه عرض على الرئيس ميشال عون دعم الجيش اللبنانى.
الملف الخامس: أمن الخليج - الأمن القومى العربى
الأمن القومى العربى وأمن الخليج، أحد القضايا الأساسية التى تستهدفها المشاروات التى ستتم خلال الزيارة، إيمانا بمصر بأن الأمن القومى العربى لن يتحقق إلا بتأمين منطقة الخليج من التهديدات والتدخلات الخارجية وفى مقدمتها تدخلات الدولة الإيرانية، وحليفها قطر اللذان يعملان على زعزعة استقرار ونشر الفوضى فى الخليج العربى.
الجيش اللبنانى
الملف السادس: مكافحة الإرهاب
مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، هو الملف الحاضر دوما على طاولة الرئيس السيسي، الإرهاب الذى يطل برأسه على المنطقة، ولبنان هى الأخرى ليست ببعيدة عن الإرهاب الذى بات يعصف ببلدان المنطقة، ويتطلب تضافر الجهود العربية لقطع رأسه ومعاقبة داعميه ومموليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة