كشفت وثائق رفعت السرية عنها أن رئيس خدمة الاستخبارات السرية البريطانية "MI6" كان يمتلك صندوق تمويل سرى للدفع مقابل العمليات السوداء لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية إن السير ستيوارت مينزيس (رئيس سلك الاستخبارات السرية البريطانية من 1939 إلى 1952 ) استخدم الحساب السرى لتمويل العمليات السرية وخطط عمليات الاغتيال والإطاحة بالنظم التي اعتبرت مزعجة للبريطانيين.
وأوضحت أن الحساب - الذي كان يحتوى على 1.4 مليون جنيه استرليني أى بما يعادل 39 مليون إسترلينى اليوم – ظل سرا مخفيا حتى عن المسئولين الحكوميين بما فيهم مدير المالية داخل سلك الاستخبارات البريطانية.
وكشفت الوثائق التي حصلت عليه هيئة الإذاعة البريطانية BBC من الأرشيف الوطني أن هذه الأموال ربما تكون سمحت لرئيس المخابرات البريطانية القوي المعروف باسم "سي" بتنفيذ سياسته الخارجية غير الرسمية.
تنص تلك الوثائق على أن "استخدام مثل هذه الاحتياطيات غير الرسمية من قبل" سي "دون الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الخارجية، ربما مكنه من تنفيذ سياسات غير تلك التي وافقت عليها وزارة الخارجية بل ودون علمهم".
السير ستيوارت مينزيس مع عروسته باميلا (مصدر الصورة - ديلى ميل)
وأوضحت الصحيفة أن صندوق التمويل السرى أنشئ فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقال السير ستيوارت حينها إن الأموال تم الاحتفاظ بها فى حال احتاج إلى تقديم رشوة للمسئولين الأجانب أو حماية دوائر الخدمة السرية من خفض الميزانية.
ولا تزال مصادر تلك الأموال التى احتفظ بها السير ستيورات لتمويل عمليات الاغتيال وزعزعة استقرار الشرق الأوسط، يكتنفها الغموض، ولكن يتكهن الخبراء أن تكون الولايات المتحدة قد ساعدت فى تمويل ذلك.
وتشير الملفات السرية إلى عمليات تحت مسمى "Scant, Scream, Sawdust, and Straggle" وبعثات السرية ضد السودان وعمان ولبنان وسوريا ومصر.
وقد أُنفق ما يقرب من 200 ألف جنيه استرلينى على عملية حملت اسم "Sawdust" - وهي مهمة غامضة يعتقد أنها أطلقت ضد الرئيس جمال عبد الناصر، الزعيم القومى القوى فى مصر، بحسب الوثائق، التى ستعلن قصتها الكاملة مساء اليوم فى برنامج على هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
الزعيم جمال عبد الناصر مع وزير الخارجية المصرى محمود فوزى ورئيس وزراء استراليا روبرت مينزيس فى بداية مفاوضات السويس 1956(مصدر الصورة - ديلى ميل)
وأضافت "ديلى ميل" أنه رغم أن معظم هذه العمليات كانت فى الغالب جهود دعائية لمحاولة تحويل تيار الرأى العام ضد القادة الذين كانوا شوكة فى جانب المؤسسة البريطانية، إلا أن عدد منها كان له هدفا آخر.
وشملت تلك العمليات، خططا لاغتيال كبار المسئولين فى سوريا وأماكن أخرى فى محاولة للإطاحة بالنظام، على الرغم من أنها لم يتسن تنفيذها.
وكان العديد من هذه العمليات بعد هزيمة بريطانيا المهينة فى محاولة لاستعادة قناة السويس عام 1956 (بعد التأميم) – الأمر الذى يظهر أن المملكة المتحدة كانت لا تزال تحاول بالتشبث بدورها العالمى.
وقال ستيفن دوريل، خبير MI6 الذى استعرض الملفات: "إذا ما أضفت كل هذه التفاصيل، تكتشف وجود زيادة كبيرة فى عدد العمليات الخاصة فى فترة ما بعد السويس".
وأضاف قائلا: "فكان المعتقد السائد حينها أن السويس (فى إشارة إلى تأميم القناة) وجهت ضربة لبريطانيا، وكان سلك الاستخبارات السرية يحاول استعادة مكانته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة