حالة من القلق تنتاب دوائر ألمانيا السياسية، امتدت أصداؤها إلى خارج حدود برلين لتربك حسابات العديد من دول القارة العجوز، وذلك بعدما فشلت مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومى بين الاتحاد المسيحى والحزب الليبرالى وحزب الخضر، بعد إعلان الليبراليين انسحابهم من تلك المفاوضات، فى أزمة ربما تكون الأكثر حدة فى تاريخ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
الأزمات تلاحق ميركل بعد تعثر مفاوضات تشكيل الائتلاف
وفى الوقت الذى تراقب فيه العديد من العواصم الأوروبية تطورات المشهد الألمانى، وسط مخاوف من صعود جديد لليمين المتطرف فى برلين وغيرها من بلدان أوروبا، تابعت مدريد أبعاد الأزمة عن كثب، حيث تنبأت صحيفة "الإكونوميستا" بـ"نهاية مبكرة"، وتساءلت فى تقرير لها، أمس، عما إذا كانت قد دقت ساعة رحيل المرأة الحديدية لألمانيا بعد 12 عاماً على رأس السلطة التنفيذية.
واعتبرت الصحيفة الإسبانية فى تقريرها، إن ألمانيا تعانى فى الوقت الحالى "وضع غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، فى أعقاب الفشل غير المتوقع لمفاوضات تشكيل الأغلبية".
ورغم تأكيدها أنه لا يزال الحكم على مستقبل الولاية الرابعة لميركل مبكراً، إلا أن الصحيفة قالت فى تقريرها أنه من الواضح أن النهاية باتت قريبة للغاية ، وتابعت : "تمكنت ميركل خلال السنوات الـ12 التى قضتها فى السلطة من تدمير جميع الشركاء الممثلين للأقليات السياسية، فالحزب الديمقراطى الاجتماعى، الذى كان أكبر حزب فى ألمانيا حصل على 20٪ فى الانتخابات، ولا يزال الحزب الديمقراطى الحر، الذى تسبب فى انهيار المفاوضات، يتعافى من تجربته السيئة كشريك فى الائتلاف مع ميركل".
ميركل ربما تخوض انتخابات جديدة العام المقبل
وعن أسباب فشل محاولات تشكيل الائتلاف الحكومى، قال كريستيان ليندنر، رئيس الحزب الديمقراطى الحر، إنه ببساطة لم تكن هناك ثقة، حيث تفضل الأحزاب الألمانية أن تكون معارضة لتشكيل حكومة مع المستشارة، وإذا كنت تفكر فى جميع الخيارات التي يعطيها الدستور الألمانى، فمن الصعب أن نتصور استمرار ميركل كمستشار، ويمكن أن يطلب فرانك فالتر شتاينماير، رئيس ألمانيا، من الحزب الديمقراطى الحر إعادة النظر فى قراره، ولكن هذا لن يغير شيئا، مؤكداً أن حزبه لا يخشى تنظيم انتخابات جديدة مما يثير الشكوك حول إصراره على فشل المحادثات الاستكشافية لتشكيل ائتلاف حكومى منذ البداية.
وترى الصحيفة إنه سواء كان الائتلاف قد تم تشكيله أم لا ، فلم يكن أمام شتاينماير خيار سوى تسمية ميركل كمستشارة، وبطريقة أو بأخرى ستجرى ألمانيا انتخابات آخرى فى عام 2018، وعلى الرغم من أن هناك العديد من التوقعات لكن السيناريو الذى تعيد فيه ميركل الظهور كمستشار لمدة أربع سنوات أخرى من غير المحتمل أن يتحقق.
أنجيلا ميركل .. ولاية رابعة فى مهب الريح
أما صحيفة "كلارين" الإسبانية فاختارت عنوان "الانتخابات المبكرة أو حكومة الأقلية"، وقالت فى تقريرها اليوم أن أحداً لا يعرف ماذا ستفعل ألمانيا للخروج من الأزمة السياسية الحالية ، وما سيكون دور ميركل ، التى وضعت فى متاهة معقدة ، ولكن فى جميع الأحوال فإنها نهاية سلطة ميركل.
وترى الصحيفة أن قرار الليبراليين الانسحاب من المفاوضات قرار صائب، موضحة أنه "حتى لو كان من الممكن الاتفاق على حل وسط، فأنه بعد أربعة أسابيع من المفاوضات لم يكن هناك مشروع سياسى مقنع فى الأفق ولكن الأهم من ذلك لم تكن هناك ثقة بين الشركاء الحكوميين المحتملين".
وأشارت إلى أن عدم تشكيل ائتلاف لا يضر فى شىء لآن ذلك أفضل من ولاية تشريعية ستتسم بالشلل والخلافات، معتبرة أن الانتخابات الجديدة هى الحل الوحيد الصائب ، وأنه من الخطأ وجود أى شئ يمنع تنظيم انتخابات خشية من تقدم "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليمينى المتطرف بعد جميع المحاولات، لأن الرسالة التى سيتم تمريرها فى هذا الوقت هو حماية ألمانيا من الناخبين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة