واشنطن لن تقبل هزيمة مشروعها الاستعمارى التدميرى فى المنطقة العربية ، حتى لو كان الخلاف مستحكما بين الديموقراطيين والجمهوريين حول تكاليف ما يسمى بالحرب على الإرهاب ، وبالتالى لابد من إشعال حريق جديد فى المنطقة يعيد الهيمنة إلى الأمريكيين بعد أن كاد الروس ينفردون بها.
تل أبيب بدورها لن تقبل أن تفيق من أجمل أحلامها بتدمير الدول العربية الكبرى وتفتيت جميع دول المنطقة ، على كابوس عودة الاستقرار واللحمة المجتمعية لأعدائها العرب ، وبالتالى فلابد من خطوة تعيد تعقيد خيوط الاستقرار وتفرض الفوضى من جديد على المنطقة.
طهران بدورها لن تقبل أن تتوقف انتصاراتها فى الميادين العربية وستسعى إلى فتح جبهات جديدة ، بعد تثبيت أقدامها فى العراق وسوريا ولبنان واليمن ،وعلى حد قول حسن نصر الله ، جهاديونا أنهوا مهماتهم فى العراق وينتظرون الأمر للانتقال إلى ميدان جديد ، وغالبا لن يكون سوى الميدان اللبنانى.
اكاد أسمع طبول الحرب تدق من لبنان وكلما اتجهنا جنوبا يرتفع صوت الطبول حتى يصم الآذان ، ليبرمان يقول إنه لا يسمح لحزب الله ذراع إيران فى لبنان أن يخرج منتصرا من الحرب فى العراق وسوريا ، وأن يكتسب كل يوم خبرات قتالية جديدة تجعل من مواجهته أصعب وأصعب على جيش الدفاع ، ونتانياهو كعادته يريد أن يهرب من استحقاقات السلام الفلسطينى التى تحاصره فى الخارج ، ومن اتهامات الفساد التى تطارده فى الداخل ، إلى حرب يظن أن بإمكانه التحكم بها والإبقاء عليها حربا محدودة ، حتى يجمع الإسرائيليين حوله من جديد.
الدول العربية المعنية بالمواجهة مع التمدد الإيرانى فى المنطقة لا تريد أن تبقى مكتوفة الأيدى ، لكنها لا تريد أن تكون البادئة بالعدوان أو إشعال حرب شاملة تستغلها طهران لفتح عدة جبهات فى وقت واحد على الدول العربية المعتدلة ، وفى هذا السياق تدفع طهران العواصم العربية دفعا إلى الاقتراب من الخط الاسرائيلى والابتعاد عن المشتركات الكثيرة التى تجمع الشعب الإيرانى بالشعوب العربية.
الأطراف كلها تقريبا ارتضت أن تترك الساحة لطبول الحرب تدق عاليا حتى تغلب على صوت الحكمة الذى يصدر من القاهرة ثابتا رصينا ، أن فوتوا الفرصة على أعدائنا التقليديين ، لا ترهنوا مستقبل لبنان بإرادات أجنبية لا تريد الخير للبنان وإنما تريد إحراقه كبشا فى محرقة الصراع الغبى لقوى استعمارية ترى لنفسها الحق فى تغيير خرائط ومصائر شعوب المنطقة لتحصل على ما تريد من منافع وسيطرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة