بدأت القوى الدولية الفاعلة الصراع على أسبقية تنظيم جولة تفاوضية جديدة بين النظام السورى والمعارضة السورية ، ففى الوقت الذى احتضنت فيه الرياض مؤتمرا للمعارضة السورية لتوحيد صفوفها وتشكيل وفد موحد للتفاوض مع النظام فى الجولة التفاوضية المقبلة من جولات جنيف، تتحرك روسيا الاتحادية مع إيران وتركيا لتنظيم مؤتمر "الحوار الوطنى السورى" الذى تم نقل مكان انعقاده من حميميم إلى مدينة سوتشى الروسية بسبب تحفظات بعض قوى المعارضة السورية.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
التحركات التى تقودها الدول الكبرى انقسمت لمحورين أولها محور الولايات المتحدة والدول الأوروبية وبعض دول الخليج التى تدعم مؤتمر الرياض 2 ومخرجاته وبالتالى دعم العملية التفاوضية فى جنيف، أما المحور الآخر فيتمثل فى روسيا الاتحادية وبعض الحلفاء الإقليمين كتركيا وإيران والصين فى تنظيم مؤتمر هو الأكبر للسوريين حيث من المتوقع أن يشارك أكثر من ألفى شخصية من داخل وخارج سوريا، ويأتى هذا التحرك بعد أن تمكنت موسكو بالتعاون مع الجيش السورى فى القضاء بشكل شبه كامل على تنظيم داعش الإرهابى وإضعاف صفوف المعارضة المسلحة التى ذهبت لأستانة للتفاوض على مناطق خفض تصعيد فى الأراضى السورية.
بوتين وترامب
تأتى تلك التحركات الدولية فى ذلك اعتراف وتأكيد دولى أنه لا حل عسكرى فى سوريا وذلك عقب انهيار المعارضة المسلحة بشكل كامل أمام الجيش السورى وسقوط الآلاف من الضحايا فى صفوف الأخير جراء الصراع المسلح فى البلاد، وهو ما دفع عدد من الدول المعنية بالشأن السورى بالتحرك بوتيرة أسرع للمشاركة فى مستقبل حل الأزمة السورية سياسيا.
وتتوجه أنظار العالم خلال الأسابيع المقبلة إلى منتجع سوتشى الروسى انتظارا لمؤتمر الحوار الوطنى السورى – لم يحدد موعده بعد – لبحث إيجاد تسوية شاملة للأزمة السورية قبيل انتهاء العام الجارى، وهو الذى دفع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لعقد لقاء ثلاثى مع أردوغان وروحانى، إضافة لزيارة بشار الأسد المفاجأة إلى منتجع سوتشى فى روسيا والتى تؤكد دعمه لمؤتمر الحوار الوطنى السورى المرتقب، فيما أكدت وزارة الخارجية السورية أن القمة الثلاثية التى عقدها بوتين مع روحانى وأردوغان تأتى استكمالاً للقمة الروسية السورية، وما تمخضت عنه فيما يتعلق بالاتفاق على مواصلة مكافحة الإرهاب، والمبادئ
قمة سوتشى الأخيرة
الأساسية لتنظيم المسار السياسي للأزمة في سورية، وعقد مؤتمر للحوار الوطني السوري السوري، وتشكيل لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي وإجراء الانتخابات البرلمانية لاحقاً.
الترحيب السوري كان سبقه، إعلان مشترك اتفق عليه رؤساء روسيا وإيران وتركيا، بخصوص بدء العمل بإطلاق حوار سورى وطنى شامل فى منتجع سوتشى.
ويرى عدد من المراقبين أن مؤتمر "الرياض – 2" للمعارضة السورية قد فشل فى توحيد صفوف المعارضة السورية عقب إعلان منصتا القاهرة وموسكو انسحابهم ، إضافة لتهميش بعض القوى الكردية والمجلس العربى فى الجزيرة والفرات – يمثل مكونات القبائل العربية شرق سوريا - من المشاركة فى المؤتمر الذى احتضنته المملكة، وهو ما يعزز فرص المؤتمر المرتقب فى منتجع سوتشى بروسيا الإتحادية.
اجتماع المعارضة السورية فى الرياض
ويدرك الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أهمية الحصول على غطاء دولى وإقليمى للمؤتمر المرتقب، لذا يكثف اتصالاته مع زعماء ورؤساء الدول حيث أجرى الرئيس الروسى اتصالا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى تطرق إلى بحث آخر تطورات الأزمة السورية، وجهود التوصل لتسوية سياسية، فى ضوء المستجدات الأخيرة فى هذا الصدد، فيما أطلع بوتين الملك سلمان بن عبد العزيز على تفاصيل التحركات التى تقودها موسكو لحل الأزمة السورية سياسيا وآخرها لقاء بوتين مع الأسد فى منتجع سوتشى.
وقد عقد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، مؤتمرا صحفيا مشتركا مع رؤوساء تركيا وإيران نهاية الأسبوع الماضى أكد أن الدول الثلاث قامت برسم الخطوات ذات الأولوية الخاصة بتفعيل الحوار السورى الشامل بناء على قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2254.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
وفى إشارة من فلاديمير بوتين لتأييد الرئيس السورى بشار الأسد لمؤتمر الحوار الوطنى الشامل فى منتجع سوتشى، أكد بوتين تمسك القيادة السورية، بمبادئ الحل السلمى، واستعدادها لإجراء الإصلاح الدستورى، وانتخابات حرة بإشراف من قبل الأمم المتحدة، كاشفاً عن أن أطراف قمة سوتشى اتفقت أيضاً على بذل الجهود لتحفيز الدول الأخرى للانضمام للعمل على إعادة اعمار سوريا.
بوتين والأسد
بدوره يدرك المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا ستيفان ديمستورا خطورة التحركات الروسية على مسار العملية السياسية فى جنيف، وأعلن ديمستورا عزمه عقد جولتين من مشاورات جنيف، بدلاً من واحدة كما كان مقررا، وذكر أثناء مشاركته في مؤتمر "الرياض 2"، أنه يحتاج من أجل تحقيق هذا الهدف إلى وفد معارض قوى وبارع، مشدداً على جاهزيته للعمل بإخلاص لأن تعقد فى جنيف مفاوضات حقيقية، على أساس قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2254، حسب نص خطابه الموزع من قبل مقر الأمم المتحدة فى جنيف.
الخلاصة أن كل هذه التحركات التى تقودها روسيا الاتحادية بالتشاور مع عدد من الدول الإقليمية والدولية، والمشاورات المكثفة التى يخوضها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديمستورا التى تدعمها الولايات المتحدة والدول الأوروبية ودول الخليج، تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الأزمة السورية باتت على أعتاب الحل عبر العملية السياسية على أن يتم التفكير فى خطوة إعادة الإعمار عقب تفعيل القرار 2254.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة