قال الشيخ محمد العجمى وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية،إن أئمة الأوقاف بالمحافظة تناولواليوم سيرة النبى العطرة والتى جاءت تحت عنوان محمد صلى الله عليه وسلم النبى الإنسان،وذلك استمرارا لاحتفالات وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوى الشريف وتنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بجعل شهر ربيع الأول نقطة إشعاع للمنهج المنير حول أخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأضاف العجمى إن من أهم الجوانب المثيرة للاهتمام بقوة في شخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إنسانًا رقيقًا مرهف ،الإحساس، وعرفت عنه هذه الرقة على مدار حياته، مارسها بعفوية تؤكد أنها جزء أصيل في مكونه النفسي، وأنها ليست ناتجة عن افتعال أو تكلف.
وبين العجمى كيف أثارت رقة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم بعض معاصريه من العرب، كما حدث مع الأقرع بن حابس وهو رجل من أهل نجد عندما دخل عليه ورآه يقبل حفيده الحسن بن علي فتعجب من ذلك وأخبره بأن له عشرة من الولد ما قبل منهم أحدا، فيأتي تعليق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - على قوله برد هذه الرقة إلى رحمة الله تعالى، ووجهه إلى أن يكون رحيمًا، وأن رحمة الله بالناس مرهونة على رحمتهم بأنفسهم، وساق هذه الحكمة الإنسانية في جملة بليغة من لا يرحم لا يرحم".
وكانت الرقة مع الأطفال، تتجلى فيه وهو في ساحة القتال، قائدًا مظفرًا له الكلمة العليا، فموقفه من الأسرى المحاربين، وهو في قمة نشوة الانتصار على عدوه اللدود قريش التي آذته وحاصرته وكافحت لقتله والقضاء على دعوته حتى هاجر من قريته مكرهًا. ففي أول انتصار حاسم له عليها، لم يظهر أبدًا كقائد عسكري يعبر عن قوته بإراقة الدماء، والتنكيل بالعدو المنهزم، ولكنه عبر بتلقائية عن سمو نفسه، ورقي إنسانيته،فبعدما استشار أصحابه في موقفهم من الأسرى، اختار أن ينحاز لقبول الفداء منهم، أو العفو عنهم مقابل أن يعلم كل أسير منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، بل إنه بادر بطلب إجراء تبادل للأسرى مع أعدائه ليعيد إليهم جارية وابنتها وقعتا في سهم صاحبه سلمة بن الأكوع.
وأوضح العجمى كيف صلى الله عليه وسلم مربيا عظيما يحمل عبء الانتقال بالإنسان من صحراء الجاهلية إلى واحة الإيمان، فيأتي إدراكه لحقوق الفئات الضعيفة في المجتمع ليعبر تعبيرًا صادقًا عن عظمته الإنسانية التي لم تتألق في مجتمعه العربي القديم فحسب، وإنما ما زالت متوهجة في سماء الإنسانية إلى يومنا هذا.
فهو ينهر أحد أصحابه لأنه سب رجلا أسود وعيره بسواد أمه وينسب فعله العنصري إلى الجاهلية، ويطرح الفهم الراقي لطبيعة العلاقة بين الطبقات الاجتماعية المتفاوتة، ويؤكد على وجوب الإحسان إلى الفئات الاجتماعية الضعيفة ماديًّا كالخدم والعمال، ويعبر عنهم بلفظ الإخوة، وأن الله خولهم أن يكونوا تحت أيديهم، ويصدر توجيهه الإنساني الراقي: " فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة