بعد نحو دقيقة من إغلاق باب المترو وتحركه تتحول فجأة راكبة عادية إلى بائعة متجولة، تفتح الحقيبة التى تحملها فى يدها وتبدأ عرض بضاعتها والنداء عليها لإغراء الركاب بشرائها، وأحيانًا ما تفرضها عليهم فرضًا ويجدون كيس حلوى أو عبوة مناديل أو قطعة إكسسوار نسائى بين يديهم، وتتحول العربة فى ثوان إلى معرض متحرك تنتهى مدته باقتراب المحطة التالية حيث تلم معروضاتها وتعود لصفوف الركاب كى لا يلمحها الشرطى على رصيف المحطة التالية.
ورغم الحملات الأمنية التى تشنها شركة المترو بالتعاون مع شرطة النقل والمواصلات لضبط الباعة الجائلين إلا إنهم يتحايلون عليها ويواصلون نشاطهم وتتنوع حيل الباعة بين التظاهر بأنهم ركاب عاديين حتى تغلق العربة أبوابها، وبين ركوب المترو من محطات يعرفون أن الشرطة لا تقف على أرصفتها كمحطات كلية الزراعة والمنيب حيث وقف بائع مع ابنته المراهقة وطفلة حاملين كراتين "مارشميلو" ليتفقوا على توزيع أدوارهم هو إلى عربة الرجال وهى والطفلة لعربة السيدات "ولو لقينا الدنيا مش ماشية الساعة دى ننزل ونبيع برة المترو".
**ماذا يحدث لو اشتريت من كل بائع يمر عليك فى المترو؟
فى محاولة لرصد أبرز أنشطة الباعة الجائلين والمنتجات التى يبيعونها فى المترو أجرى "اليوم السابع" تجربة حية بشراء منتج من كل بائع مر على المحرر فى رحلته على خط "شبرا - الجيزة" بأكمله، وكانت النتيجة النزول من عربة المترو بعشرات السلع المتنوعة ومجهولة المصدر أيضا.
بضائع من المترو
بداية الرحلة من محطة "شبرا الخيمة" على متن عربة السيدات كانت هادئة نظرًا للعدد القليل من الركاب ولم تظهر أول بائعة إلا فى محطة "كلية الزراعة" حيث ازدادت كثافة الركاب، وفى عربة السيدات يمر على الراكبة بائعين حاملين كل ما يمكن أن تحتاجه المرأة بدءًا من مبرد تقليم الأظافر ومنتجات التخلص من الشعر الزائد مرورا بمستحضرات التجميل ووصولاً إلى الملابس وأدوات المطبخ ولا مانع من بيع ملحقات الموبايل كالسماعات ووصلات الشحن.
**عربات المترو منافذ استهلاكية لـ"منتجات بير السلم"
على متن عربات المترو حيث لا رقابة من أى نوع على البضائع من الصعب بل من المستحيل أن تجد منتجًا أصليًا واحدًا وإنما عشرات النسخ المقلدة من كل السلع بدءًا من مستحضرات التجميل التى يتم بيعها بأسماء الماركات العالمية بأسعار تتراوح بين 10 و40 جنيهًا، وصولاً إلى السماعات التى تحمل شعارات مقلدة للماركات العالمية مع تغيير طفيف فى الاسم.
بضائع مترو
البضائع مجهولة المصدر التى يتم ترويجها فى عربات المترو لا تقتصر على مستحضرات التجميل والكريمات ولا حتى السماعات وإنما تصل للمواد الغذائية وحلويات الأطفال من أكياس المارشميلو إلى اللبان وعبوات "التوفى" وكلها تحمل أغلفة بالألوان نفسها للمنتجات الشهيرة مع تغيير طفيف فى الشعار.
** الركاب بين "بيوفروا علينا المشوار" و"منظر غير حضارى"
لا تخلو عربات المترو من راكب أو اثنين أو أكثر يتفاعلوا مع البائعين ويشتروا منهم أو على الأقل يحاولوا أن يتعرفوا عن قرب على البضائع، فيما يعترض آخرون على وجود البائعين لأسباب متنوعة.
وقالت "مى" الراكبة الشابة: "اشتريت من المترو مرة أو اثنين بالكتير، فى العادى ما بحبش أعمل كده لكن صادفت إنى أكون محتاجة فعلاً اللى بيبيعوه زى المناديل مثلاً ومرة دبابيس للطرحة".
أما "سلوى" الأربعينية فقالت: "ساعات بلاقى حاجات لقطة فى المترو، فبتوفر عليا المشوار لمحلات هشترى منها بردو حاجات من ماركات مش معروفة عشان دا السعر اللى أقدر عليه".
بينما اعترضت "نجوى" على وجود الباعة فى المترو وقالت "إزاى راجل يدخل عربية السيدات ويتحرك وسط الستات حتى لو الدنيا زحمة؟ حاجة ما تصحش وحتى لو بياعة ست المترو زحمة وساعات بيكون فيهم حرامية".
اتفقت معها ماجدة وقالت "ماجدة": "غير إن منظرهم مش حضارى كتير منهم بيبيع حاجات مضروبة ومانعرفلهاش أصل ولا فصل واهو بياع ممكن تشوفه مرة فى العمر هتجيب حقك منه إزاى".
منتجات مجهولة تباع فى المترو
** هيئة المترو: الغرامة غير رادعة وندرس قرارات أخرى
فى محاولة للقضاء على ظاهرة انتشار الباعة الجائلين والمتسولين داخل عربات المترو اتخذت هيئة المترو بالتعاون مع شرطة النقل والمواصلات عدة إجراءات، ويقول أحمد عبدالهادى المتحدث الرسمى باسم شركة المترو إن شرطة النقل والمواصلات بالتعاون مع شركة المترو تقوم بحملات أمنية مكثفة لضبط الباعة والقضاء على هذه الظاهرة كما رفعت الشركة قيمة المخالفة للبائع المتجول من 15 جنيهًا إلى 50 جنيهًا وللمتسول إلى 100 جنيه، ولهذا يلجأ المتسولين إلى حمل علب مناديل والتسول بها كى تطبق عليهم غرامة البائع وليس المتسول.
ويضيف: رغم رفع الغرامة إلا أننا نرى أنها عقوبة غير رادعة لذلك يدرس المهندس على فضالى رئيس شركة المترو واللواء قاسم حسين مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لشرطة النقل قرارًا بمصادرة البضائع التى يتم ضبطها داخل القطارات بدلاً من الاكتفاء بالغرامة، ثم تسجيلها فى دفتر الوارد بقسم الشرطة فى المحطة ثم تسليمها لشرطة المرافق بأقرب حى للمحطة.
ويتابع: تضبط الحملات العديد من الباعة الجائلين داخل المترو ولكنهم يسددوا الغرامة ثم يعودوا لمزوالة نفس النشاط مرة أخرى فى عربات المترو لأن الغرامة فى النهاية أقل من قيمة إيجار كشك أو محل بالتالى مصادرة البضائع ستكون رادعة لهم أكثر.
بضائع مجهولة من المترو
ويشير المتحدث الرسمى باسم الشركة إلى أن الباعة الجائلين يمرون عبر البوابات الأمنية كمواطنين عاديين فمن الممكن أن يكون حامل البضائع صاحب محل اشترى بضاعته بالجملة من وسط البلد ومن حقه كأى مواطن آخر أن يستخدم المترو، لذلك يحرصوا على ضبط الباعة الجائلين أثناء بيعها داخل المترو.
ويرى "عبدالهادى" أن تجاوب الركاب العاديين مع جهود شركة المترو ضرورى من أجل التصدى لهذه الظاهرة لذلك أذاعت الشركة تنويهًا عبر محطة الإذاعة الداخلية فى المترو لتوعية المواطنين "لا تشترى من متجول ولا تتعاطف مع متسول" ويقول "إذا لم يشترى الركاب من الباعة سيتوقفوا عن البيع داخل المترو، وكذلك الأمر بالنسبة للمتسولين".
ويضيف: أحيانًا يتعاطف الركاب مع البائع أثناء الحملات ويساعدوه على إخفاء البضاعة تحت الكراسى وحين نسألهم هل يوجد بائع بالعربة ينكروا ذلك ولكن الحملة حين تستشعر ردود فعل غير طبيعية تبحث تحت الكراسى وتضبط البائع، وبعض المواطنين يقولوا لنا "حرام عليكوا مش أحسن ما يسرقوا" فى المقابل يتعاون معنا آخرون لأنهم يشعروا بالانزعاج من الباعة الجائلين، ولذلك نناشد الركاب أن يتعاونوا معنا ويساعدوننا فى القضاء على الظاهرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة