رصدت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية الارتباك الذى يسود المشهد الصحفى والإعلامى فى زيمبابوى بالتزامن مع التحرك العسكرى الذى أطاح بالرئيس روبرت موجابى بعد 37 عاما قضاها فى سدة الحكم وغياب الرقابة الأمنية على الصحافة والإعلام، وسلطت الصحيفة الضوء على "الصدمة" التى أصابت مسئولى تحرير صحيفة (ذا زيمبابوى هيرالد) كبرى الصحف هناك.
وقالت الصحيفة الأمريكية، فى تقرير بثته على موقعها الإلكترونى اليوم السبت" وجدت صحيفة (ذا زيمبابوى هيرالد)، كبرى الصحف (الرسمية) فى زيمبابوى نفسها أمام اختبار هو الأول من نوعه فى تاريخها خلال الشهر الجارى فى أعقاب التحرك العسكرى الذى قاد إلى الإطاحة بالرئيس السابق روبرت موجابي، فبعد 37 عاما اعتُبرت فيه الصحيفة الرسمية للرئيس المستقيل، أصحبت أكبر مطبوعة حكومية فى زيمبابوى مكلفة بتغطية سقوط الرئيس".
وأضافت "فجأة، بإمكان أكبر صحف زيمبابوى طباعة ما تريده. إنه أمر أصعب مما يبدو"، و"فى الأيام التى أعقبت احتجاز موجابى من جانب الجيش، اجتمع المحررون والمراسلون فى غرفة مكسوة بألواح خشبية فى مبنى إدارى قديم بوسط المدينة، يحاولون معرفة ما عليهم فعله. هل ينبغى عليهم دعم موجابى أم الاستيلاء العسكري؟ هل كان لا يزال عليهم ترديد موقف الحزب (الحاكم)؟ وماذا كان موقف الحزب على أى حال؟"، وأضاف "فجأة، غرفة الأخبار التى كانت بوقا للنظام (أصبحت) بلا رقيب".
ونقلت (واشنطن بوست) عن فيلكس شير وهو محرر سياسى بالصحيفة، قوله، قبل ساعات من استقالة موجابي، "فى الماضى لم يكن بإمكاننا إطلاقا انتقاد الرئيس.. الآن،بإمكاننا لمس أى شيء".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن (ذا زيمبابوى هيرالد) تخلت خلال الأيام الأخيرة فقط عن فكرة أن حكم موجابى أمر لا يمكن المساس به، حيث كانت قبل أسبوعين تنشر الأخبار والافتتاحيات التى تمتدح الرئيس المستبد، ولفتت إلى أحد عناوين الصحيفة الشهر الماضي، قال إن "الرئيس موجابى يستحق جائزة نوبل"، بينما كُتب فى مقال آخر إن موجابى "بلا جدال هو الشخصية الأكثر استثنائية فى تاريخ بلدنا".
وتابعت (واشنطن بوست) فى تقريرها: "محررو ومراسلو الصحيفة لم يتفقوا عادة مع هذه الرسائل، لكن العمل معها كان يعنى وضع سياستك الخاصة على الرف... وفى بلد ذى معدل بطالة متزايد، كان ذلك يعنى شيئا".
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن جورام نياثى نائب رئيس تحرير (ذا زيمبابوى هيرالد) قوله "ذلك يجعلك تشعر بالغباء لكتابة هذا الأشياء.. لكنك تعلم أنك تعمل للإعلام الحكومي. أنت تعلم ما عليك توقعه".
وقال تقرير (واشنطن بوست) "حتى بعد وضع موجابى قيد الإقامة الجبرية فى منزله، قررت (ذا زيمبابوى هيرالد) أن تلعبها بأمان"، وقالت إن الصحيفة تجاهلت الصدمة التى كانت تجتاح زيمبابوى جراء التحرك العسكرى ضد أقدم حاكم دولة فى العالم آنئذ، "لكن داخل غرفة الأخبار فى (ذا زيمبابوى هيرالد) كانت ثورة محمومة تحدث. المراسلون الذين لسنوات لدغوا ألسنتهم بينما كانوا يكتبون قصص إطراء رأوا انفراجة"، الأمر الذى وصفه الصحفى فيلكس شير بأنه "كان تحولا زلزاليا بالنسبة لنا".
وأضاف "بعد أيام من ذلك التخبط، حينما نزل آلاف المواطنون إلى شوارع العاصمة (هراري) للمطالية برحيل موجابي، بدأت فحوى تغطية الصحيفة فى التغير، حيث بدأت نشر تقارير إخبارية مباشرة عن تضخم المعارضة فى البلاد، وأرسلت المراسلين والمصورين إلى الحشود التى تحمل إشارات مناوئة لموجابي. لأول مرة فى عقود، منحت الصحيفة خصوم موجابى صوتا".
واختتمت (واشنطن بوست) تقريرها بالقول "لم تكن (ذا زيمبابوى هيرالد) فقط هى التى بدا أنها تتحرر. نقاط التفتيش التعسفية للشرطة اختفت بين عشية وضحاها. الصحفيون الأجانب، الذين كانت تتم إعاقتهم فى وقت سابق، أصبح بإمكانهم التحرك بحرية (تتضمن الحركة داخل غرفة الأخبار). لقد كانت المظاهرات نفسها أمرا لا يمكن تخيله قبل أسابيع فقط".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة