أكد الدكتور صلاح فضل، عضو مجمع اللغة العربية، إن طه حسين هو أستاذ الأجيال، حيث صار رمزا حقيقيا للثقافة العربية، وذلك بعدما منح لقب عميد الأدب العربى، كما أن طه حسين امتلك خاصية الأيقونة فصارت صورته فى حد ذاتها رمزا.
جاء ذلك فى الندوة التى نظمها مجمع اللغة العربية، أمس، ضمن برنامجه الثقافى والتى جاءت بعنوان"طه حسين.. ما له وما عليه" والتى شارك فيها بجانب الدكتور صلاح فضل الدكتور محمود الربيعى، وأدارها الدكتور شفيع السيد.
وأضاف صلاح فضل أن كتاب "فى الشعر الجاهلى" كان مدخلا إلى قلب التراث المعرفى العربى ومثل "جرحا" للوسط المحافظ، لأنه خاض فيه المنطقة الشائكة بين العلم والدين.
وقال "فضل"، إن طه حسين تجاوز الخطوط الحمراء وذلك لأنه أصر أن يحصل على نصيبه كاملا من الحرية، وبالذكاء نفسه تراجع طه حسين خطوة للخلف لكنه ليس تراجعا سهلا فقد كان أثر الجرح لا يزال داميا، وهذه المعركة هى التى أدخلت الجامعة المصرية عصر العلم.
وتابع "فضل" أن كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر" فائدته أننا لأول مرة نجد كلمة "مستقبل" وكلمة "ثقافة" بمعناه الواسع المعرفى متجسدة فى هذا الكتاب، كما أن الكتاب يؤكد أن مصر هى "قلب المعرفة" وهى ضمير الإنسانية.
ودافع صلاح فضل عن اتهام طه حسين بأن حسه العروبى كان شاحبا، فقد تربى على الأدب العربى وأول من أنشأ قسما للثقافة العربية فى الجامعة.
وأشار صلاح فضل إلى أنه مما يحسب لطه حسين اهتمامه بحتمية التعليم والتعلم، وهى الحقيقة التى للأسف لا نؤمن بها حتى الآن.
كان "طه حسين" كما يرى صلاح فضل يحمل جانبا إبداعيا خالدا، وهو من خلال إبداعه كان يداوى جروحه وآلامه الشخصية كما فى الأيام، حتى أن "أديب" تعكس من نفس طه حسين أكثر مما تعكس من نفس صاحبه، وهى بمثابة جزء رابع من "الأيام"، وكما عالج جرحه الصعيدى في عزبة الكيلو بمحافظة المنيا فى "شجرة البؤس" و"دعاء الكروان" ، أما كتبه الإسلامية، فهى أغنية رقيقة جميلة، حيث تعامل مع التاريخ برفق.
ويضيف صلاح فضل، ويظل ما كتبه عن أبى العلاء المعرى شيئا لا يصدق، فكيف لصبى لم يبلغ العشرين من عمره يحلل مصادر المعرفة بكل هذه الجرأة التى لا يصل إليها كبار الفلاسفة، هذا مع أنه كان "يقرأ بأذنيه".
إن طه حسين صانع لغة وخالق أشكال وامتلك أسلوبا لم يسبقه إليه أحد، يكتب نثرا كأنه الشعر، ويكتب شعرا كأنه النثر، ولا يمكن أن ننكر أن معاركة المتعددة هى التى خلقت أسطورته.
ومع ذلك قال صلاح فضل فى نهاية كلامه أنه لا ينكر أن طه حسين كان متحيزا لأبى العلاء ضد المتنبى ولحافظ ضد شوقى، وحكى لى فاروق شوشة أنه قال عن أحد دواوين إبراهيم ناجى أنه هادئ يشبه موسيقى الغرفة، وظل ناجى يفكر فى ذلك الكلام وكان فى إحدى الدول العربية فلم ينتبه إلى سيارة مسرعة أطاحت به وتركته "أعرج" طوال حياته.
ومن جانبه قال الدكتور محمود الربيعى، عضو مجمع اللغة العربية، إنه قرأ منذ سنوات لأحد الشعراء المصريين فى إحدى الصحف الكبرى يقول "إن طه حسين لم يجد الزمان بمثله، ولن يجود بمثله" ورأيت أن ذلك مبالغة كبرى لا تليق بوطن.
وقال "الربيعى" أنا أعيب على طه حسين الإيغال والإسراف وتجاوز الخط الأحمر لأن ذلك ليس له علاقة بالمنهج، وتوقف الربيعى عند طه حسين فى الأزهر ويأخذ عليه أنه كان فى الـ20 من عمره عندما أخذ على الجامع الأزهر أن لغته معقدة، ويخلط الحقيقة بالخرافة، والسؤال: من أين إذا جاء طه حسين بكل البلاغة التى يمتلكها، وكيف حصل على العلم الذى يتحدث به؟.
ودلل الدكتور الربيعى على "مغالاة" طه حسين فذكر حكايته مع دار العلوم، حيث نادى طه حسين وبعد 50 عاما من وجود دار العلوم بإلغائها وذلك لأن أساتذة دار العلوم يتحدثون فى تاريخ الأدب، وهو باب يحتاج إلى مواصفات معينة لا تتوفر فيهم منها إجادة اللغات القديمة والحديثة، وتساءل: متى تحققت هذه المؤهلات لأستاذ يدرس الأدب العربى.
كذلك عرض الدكتور الربيعى لموقف طه حسين من مجمع اللغة العربية، فيقول بإن المجمع أنشئ فى 1932 وبدأ العمل به فى 1934 وخلال تلك الفترة هاجم طه حسين المجمع ودوره وقال ليس من حقه أن ينشء المصطلحات وأدار معركة ضد المجمع، وبعد أن انضم للمجمع فى سنة 1940 لم يعد ولو بكلمة لما كان قد قاله من قبل.
وتابع الدكتور الربيعى أما فيما يتعلق بكون مصر واحدة من دول البحر المتوسط، فذلك جزء من إعجاب طه حسين المفرط بالغرب حتى أنه يكاد يقدس عمل المستشرقين.
وفيما يتعلق بكتابه "فى الشعر الجاهلى" فإنه لولا جملة " "للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى فضلاً عن إثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة " لما أثار كتاب فى الشعر الجاهلى ما أثار، لأن قضية الانتحال معروفة منذ قديم.
قال الربيعى، إن طه حسين شك فتشكك فأنكر، وهو لم يستخدم الشك الديكارتى، كما ادعى، لأنه لم يستوف طرق هذا المنهج الديكارتى.
وفى النهاية قال الربيعى، أما فيما يتعلق بـ أن التعليم كالماء والهواء فهو "شعار" نسيه الناس أو ترجموه بـ مجانية التعليم، لأنه لم يقم بوضل السبل والوسائل اللازمة لهذا الأمر، لكنه لم ينس أن يختتم كلامه بأن طه حسين قيمة كبرى وأن هذا الاختلاف حوله لأنه شخصية عظيمة لها ما لها وما عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة