الحرب ذات الحرب، والضحايا ربما أكثر من إخوانهم الضحايا، سلسلة فى كفاح شعب مصر الأبى الذى كتب الله عليه أن يدفع كل يوم من قوته وعرق ودماء أبنائه ضريبة باهظة عن العالم كله، لكن للأسف الظروف اختلفت، وما كنا نعده بالأمس مقاومة صار له اليوم عند البعض أسماء أخرى، وما كنا نعدهم خونة، صاروا اليوم «مناضلين» وفى حين أن مصر فى حربها مع إسرائيل كانت على قلب رجل واحد، وكانت السلطات المصرية تشنق كل من يتعاون مع العدو، صار المبررون للإرهاب الآن على شاشات الفضائيات نجوما، وصار من يجهر بانتمائه إلى هذه البلد منافقا، ونما لكل خائن شجرة من ألسنة، يوجهونها إلى شرفاء هذا الوطن ليطفئوا نور الحق بنيران الضلال.
تأمل الصورة جيدا دون حجاب، امسك بورقة وقلم وتعالَ واحسبها معى، لتكتشف أن مصر تواجه الآن حربا حقيقية لا تحتاج إلى إيضاح لكل من يملك ذرة من نور فى عينيه، سأعرض لك الآن مجموعة من الأرقام المفزعة التى رسخت فى وجداننا كراهية إسرائيل باعتبارها العدو الأكبر، وقارن بينها وما يحدث الآن، وسأبدأ بالمذابح الأشهر التى زلزلت الرأى العام وقت حدوثها، فصاغ الشعراء القصائد، وأخرج المخرجون الأفلام، ورسم الرسامون آلاف اللوحات تنديدا وتخليدا، فقد قتلت إسرائيل فى مذبحة الغازية 16 شهيدا، وفيما يسمى بمذبحة أسطول الحرية 9 شهيدا، وفى مذبحة الصفصاف 64 شهيدا، وفى مجزرة بحر البقر 30 طفلا، وفى مجزرة عائلة البطش 18 شهيدا، وفى مجزرة عرب المواسى 15 شهيدا، وفى مجزرة عيلبون 14 شهيدا وفى مجزرة قانا 106، وفى مجزرة الأقصى الأولى 21، وفى مجزرة الأقصى الثانية وفى مجزرة الأقصى الثانية 51، وفى مجزرة الحرم الإبراهيمى 29 شهيدا، وفى مذبحة الطنطورة 90 شهيدا، وفى مجزرة اللد 426 شهيدا، وفى مذبحة خان يونس 275 شهيدا، وفى مذبحة قبية 69 شهيدا، وفى مذبحة كفر قاسم 49 شهيدا، وفى مذبحة دير ياسين قدر المراقبون العدد بأنه من 250 : 360 شهيدا.
هذه هى مذابح إسرائيل بحق الشعب العربى، وإذا ما وضعت أرقام الشهداء فى مقارنة مع ما حدث مؤخرا فى مسجد الروضة الذى راح ضحيته حتى كتابة هذه السطور 305 شهداء، ستكتشف الحقيقة العارية التى تقول إن مصر تواجه حربا حقيقية لا يختلف عليها اثنان، لكن مصر انتصرت على إسرائيل لأننا كنا نقول للخونة وقتها «يا خونة» بينما الآن يدعى الخونة أنهم مناضلون.