عبد الفتاح عبد المنعم

هل أسهم «الربيع العبرى» فى تراجع أهمية الدور العربى بالنسبة لأمريكا؟

الأحد، 26 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحديث عن سياسة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى منطقة الشرق الأوسط، تحتاج لعشرات المجلدات، خاصة أن فى عهده أصيبت المنطقة كلها بكارثة كبرى، عرفها الغرب باسم الربيع العربى، ولكن نحن فى الشرق الأوسط نطلق عليها الربيع العبرى، باعتبار أن إسرائيل هى المستفيد من هذه الكارثة التى لا نعرف نهاية لها، لأنها تسببت فى دمار نصف الدول العربية، وما بقى متماسكًا كان بفضل الله، والحقيقة أنه منذ تولى الرئيس السابق أوباما، وجميعنا يشعر بأنه خطط لتدمير المنطقة، خاصة أن سياساته اعتمدت فى الأساس على منطق واحد، هو أن استقرار هذه المنطقة لا يهم إدارته، وأن غايته هى إسرائيل، وقد خرجت العديد من الدراسات التى أكدت هذه المعانى، فبعد تولى الرئيس السابق أوباما مقاليد الحكم بعدة سنوات، خرجت صحيفة «فورين بوليسى» بدراسة تحليلية، ذكرت فيها أسبابًا لما أسمته تراجع أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ولسياساتها الخارجية، وأهم هذه الأسباب، حسب كاتب المقال آرون دافيد ميلر، الكاتب والمحلل الأمريكى المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط، هى انتهاء الحرب الباردة، وزوال فزاعة الإرهاب، وتدنى أهمية النفط الخليجى، وخسارة أمريكا لحلفائها العرب، بالإضافة إلى قوة إسرائيل المتزايدة.
 
ويرى ميلر أن الأسباب التقليدية لانخراط واشنطن وتدخلها فى المنطقة تغيرت، حيث كان التدخل الأمريكى فى الشرق الأوسط يبرر بحجج من قبيل احتواء النفوذ الروسى، أو تأمين مصادر النفط فى دول الخليج، وكذلك حماية أمن إسرائيل، إلى جانب أسباب أخرى، مثل مكافحة التطرف والإرهاب، وبناء الديمقراطية، وهى العوامل التى تراجعت فى الفترة الأخيرة لعدة أسباب.
 
انتهاء الحرب الباردة وزوال «فزاعة الإرهاب»: الإرهاب كان فزاعة وهمية خلقتها واشنطن، واستخدمتها لفترة طويلة كقناع اعتمدت عليه للحفاظ وللزيادة من نفوذها فى الشرق الأوسط، فى حين كانت الغاية الحقيقية الكامنة خلف هذه الفزاعة- أو القناع- هى حاجة أمريكا إلى نفوذ سياسى وعسكرى فى منطقة الشرق الأوسط بالأساس، للقضاء على- والحد من- خطر النفوذ الروسى، وهو ما يعتبر امتدادًا للحرب الباردة بين القطبين الروسى والأمريكى.
 
ويرى ميلر أن الحرب الباردة وإن كانت قد انتهت رسميًا قبل عقود، فإنها انتهت عمليًا خلال السنوات الأخيرة، ويؤكد على انتهاء هذه الحرب عبر شواهد عديدة، من بينها عدم تصعيد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع واشنطن، بالرغم من إزالة أمريكا لأهم حلفاء روسيا فى المنطقة، وهو الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، وكذلك الدور الذى لعبته أمريكا فى الإطاحة بالحليف الآخر للروس، وهو معمر القذافى.
 
كما أشار المقال إلى اتفاق بوتين الأخير مع الولايات المتحدة، بخصوص نزع الأسلحة الكيميائية السورية، بالإضافة إلى الدور الروسى فى المفاوضات حول الملف النووى الإيرانى، يكشفان عن تعاون أمريكى روسى فى بعض قضايا المنطقة، وهو ما يؤكد مجددًا انتهاء الحرب الباردة، التى كانت لعقود من الأسباب الرئيسية لسعى الولايات المتحدة الأمريكية للوجود فى الشرق الأوسط.
 
عدم رغبة أمريكا فى التورط عسكريًا فى المنطقة: السبب الثانى لتضاؤل أهمية الشرق الأوسط أو التدخل فى الشرق الأوسط بالنسبة لأمريكا، هو أن صناع القرار فى واشنطن باتوا يرفضون قيام أمريكا بدور «الشرطى المصلح» فى العالم، فبالرغم من دعم الجيش الأمريكى لخيارات رئيس البلاد فيما يخص التدخل من أجل تغيير الأوضاع فى الشرق الأوسط، لأسباب متعلقة بأمن الولايات المتحدة، فإن الساسة وصناع القرار فى الكونجرس وفى الإدارة الأمريكية يرفضون التدخل العسكرى فى أى حرب خارجية جديدة، خصوصًا بعد معاناة الشعب الأمريكى من آثار الحروب فى أفغانستان والعراق.
 
ثورة الطاقة فى أمريكا: السبب الثالث، هو بوادر ظهور ثورة فى مجال الطاقة فى أمريكا الشمالية، والتى ستقلل بمرور الوقت من اعتماد واشنطن على النفط العربى، فللمرة الأولى منذ نحو ربع قرن، بدأ إنتاج الولايات المتحدة من النفط فى التزايد بشكل حاد، إلى جانب الزيادة فى إنتاج الغاز الطبيعى، وسط توقعات بأن تصبح أمريكا أكبر منتج للنفط والغاز فى العالم خلال عشر سنوات، حيث توقع الخبير فى شؤون النفط فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، مايكل ليفى، أنه بحلول عام 2020 ستكون الولايات المتحدة قادرة على إنتاج 10 ملايين برميل يوميًا، وهو حجم إنتاج السعودية الحالى من النفط يوميًا، وفى حال حدوث هذا، لن تكون أمريكا فى حاجة للمحروقات الواردة من الشرق الأوسط.
 
خسارة واشنطن لحلفائها العرب: ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل، حسنى مبارك، الرئيس المصرى الأسبق، زين العابدين بن على، الرئيس التونسى الأسبق، على عبدالله صالح، الرئيس اليمنى السابق، كلهم كانوا حلفاء لأمريكا طيلة عقود حكمهم، وسقطوا واحدًا تلو الآخر فى السنوات الأخيرة، كل هذه التطورات تجعل أمريكا- حسب ما كتبه ميلر- مفتقرة إلى شريك عربى حقيقى تستطيع التعاون معه فى المسائل المتعلقة بالسلم والحرب، وهو ما أرجعه ميلر بشكل أساسى إلى تضاؤل مصداقية أمريكا إلى حد كبير، حتى فى الشارع الأمريكى نفسه، وإلى ضعف القادة العرب والدول العربية نفسها.. يتبع.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة