مجزرة اغتيال الساجدين فى مسجد الروضة بسيناء، أثناء تأدية صلاة الجمعة، وراح ضحيتها 305 شهداء، بينهم 27 طفلا، ألا تدفع مشيخة الأزهر، إلى حشد الجهود واستنهاض الهمم وإصدار فتوى تكفر هؤلاء الذين يقتلون المصلين فى بيوت الله؟! وهل الأزهر متفرغ فقط فى مطاردة يوسف زيدان، وإسلام بحيرى، والكاتبة الكبيرة فريدة الشوباشى، والدكتور خالد منتصر، وغيرهم، بقضايا ازدراء الأديان، مع الاعتراف بأننى ضد أفكار يوسف زيدان وإسلام بحيرى!!
لكن، ورغم اختلافى الواضح والشديد مع إسلام بحيرى ويوسف زيدان، فإن مشايخ الأزهر، ينتفضون بشدة ضد أفكارهما واجتهاداتهما، وجرجرتهما فى المحاكم، والتهمة المقدمة ازدراء الأديان، بينما نجد نفس المشايخ، لا يحرك لهم ساكن أمام الإرهابيين من جماعة الإخوان أو السلفيين وذيولهم داعش والقاعدة، وكأن الأمر لا يعنيهم!!
وتأسيسا على ذلك، ندعو الجميع، للعودة بالذاكرة إلى يوم الثلاثاء 3 مايو 2011، عندما فوجئ المصريون بالقيادات التاريخية والرسمية لجماعة الإخوان الإرهابية، يتوجهون إلى مشيخة الأزهر، ويلتقون الدكتور أحمد الطيب، فى سابقة هى الأولى من نوعها.
الوفد ضم محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، ومهدى عاكف، المرشد العام السابق للجماعة- الذى رحل عن دنيانا مؤخرا- والدكتور عبدالرحمن البر، مفتى الجماعة، والدكتور سيد عسكر.
الزيارة جاءت حينذاك توظيفا واستثمارا للحالة الثورية بعد اندلاع ثورة يناير بأربعة أشهر تقريبا، وحملت معانى ودلالات جوهرية، أبرزها، أن الجماعة تبعث برسالة شديدة اللهجة من فوق منبر المشيخة للداخل والخارج، ترسم سياسة جديدة، قوامها أن جماعة الإخوان فوق المؤسسات، وأن مكتب الإرشاد فوق المشيخة، بجانب إظهار القوة، والعين «الحمرا» مبكرا لشيخ الأزهر.
وبعيدا عن فرد العضلات، و«نفش الريش» من قيادات الجماعة الإرهابية فى الاجتماع الأشهر فى تاريخ الأزهر، كان هناك أمر لافت، مر مرور الكرام، دون فحص وتمحيص وتدقيق ودراسة، ويمثل كارثة حقيقية، يتمثل فى تصريح فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب عقب اللقاء، الذى قال فيه: «الإخوان جزء من الأزهر.. ونصف أعضاء الجماعة أزهريون».
التصريح مر مرور الكرام، وكأنه عابر سبيل، لم يهتم به أحد لا بالتعليق ولا بالتمحيص أو الإدانة والشجب.
ولنا هنا ملاحظة جوهرية، أن هناك فارقًا شاسعًا بين أن تطالب الأزهر، باستبعاد المنتمين عضويًا لجماعة الإخوان، من مطبخ صناعة القرار فى المشيخة، وبين أن تهدم المؤسسة العريقة والتاريخية، فنحن ندعم ونساند الأزهر، ونطالب باستبعاد قيادات الإخوان من مناصبهم، يقينا بأن الأزهر منارة العلم والدين عبر التاريخ الإسلامى، ودفعت بأعظم حوزة علمية عرفتها الأمة منذ إنشائه، وأسهم فى إبراز الدين الإسلامى الصحيح، والمعتدل.
ونعود لتصريح شيخ الأزهر، الذى يعد بمثابة كارثة كبرى، فهو اعتراف صريح أن نصف قيادات وأعضاء جماعة الإخوان «أزهريون»، وإذا اعتبرنا أن هذه النسبة الكبيرة هى المعلنة، فما البال بعدد الأعضاء والمتعاطفين مع الجماعة من هيئة التدريس فى الجامعة، والذين يصعدون منصات المدرجات وقاعات المحاضرات يغرسون أنياب أفكارهم المتطرفة بكل عنف وقسوة فى جدران عقول الطلاب، فيخرجون من الجامعة مشاريع «تكفيريين» ثم يعتلون منابر المساجد ليخطبوا فى الناس!!
وإذا وضعنا اعتراف شيخ الأزهر بجوار ما تشهده مصر من جرائم إرهابية، فإن تكفيرهم واجب دينى قبل أن يكون واجبا وطنيا، فهؤلاء يشوهون الدين، بالقتل والحرق والتدمير، وإثارة الفوضى، مرتكبين كل أنواع الخيانة والمؤامرة لهدم الأوطان الإسلامية، لمصلحة الأعداء، وأن موقف الأزهر وجلوسه على مقاعد المتفرجين يضعه فى قلب الاتهامات الخطيرة، فالإرهابيون ارتكبوا جرائم أخطر من جرائم الصهاينة، فقتلوا خير أجناد الأرض وهم صائمون، ويجهزون لإفطار المغرب، وقتلوا الأبرياء وهم ساجدون بين يدى الله، فهل هذه جرائم لا تتقاطع مع الدين؟!
ونعيد طرح الأسئلة على مشايخ الأزهر، أين تجديد الخطاب الدينى وما هى الخطوات التى اتخذت على الأرض بعيدا عن التنظير أمام كاميرات الفضائيات؟ وأين تطوير المناهج وتنقيتها من شوائب التطرف وإظهار الوجه الحقيقى لوسطية الإسلام؟ وللأسف الشديد لن تجد إجابة!!
وبجانب تصريحات شيخ الأزهر المثيرة، فإن هناك أمرين مهمين ينتهجهما قيادات الأزهر حاليًا، يؤكدان أنه لا أمل فى الإصلاح والتجديد، وإيقاف نثر بذور التطرف.
الأول: إصرار شيخ الأزهر على التمسك بقيادات معلوم انتماؤهم الفكرى وذلك فى مطبخ صنع قرار الأزهر، وأفكارهم تتصادم مع الفكر التنويرى، وتتسق مع أفكار الجماعات المتطرفة، وفى القلب منها جماعة الإخوان.
الثانى: تصدير مشايخ، ليتحدثوا باسم الأزهر مثل عبدالله رشدى، الذى كان أحد أبرز المقربين من «حازم صلاح أبوإسماعيل»، ويعتبره أستاذه، فبالله عليكم كيف يدفع الأزهر الشريف بقيادة دينية تتخذ من مؤسس حركة حازمون القدوة، ليتصدر مشهد التجديد الدعوى؟!
الوضع خطير، وقيادات الأزهر يمارسون عملهم، بالعنت والسير عكس الاتجاه، لإثبات أنهم أقوياء، وغير خاضعين، وليس من باب العلم والمنطق والعقل!!
ولك الله يا مصر...!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة