مع كل حادث إرهابى موجع، تتجه الأنظار العاتبة إلى منصات القضاء فى ساحات المحاكم المختلفة، متسائلة عن سر عدم صدور أحكام نهائية بأنه ضد الإرهابيين وقياداتهم فى السجون وإعدامهم، جزاء للجرائم، التى ارتكبوها ضد ضباط وجنود الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء، والسؤال كيف تستقيم العدالة فى ظل قوانين بالية تجعل استمرار نظر القضايا إلى أكثر من 5 سنوات والاستماع فيها إلى 500 شاهد؟ هذه عدالة بطيئة عاجزة مرهقة ومحبطة وتعطى الفرصة لكل مجرم وإرهابى فى ارتكاب الجرائم المختلفة، بكل أريحية لأنه يضمن عدم المحاسبة القوية!!
كيف لا يتم محاكمة محمد البلتاجى بأحكام نهائية، وهو الذى قال صوتا وصور: «إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة، التى سيتراجع فيها الجيش عما وصفه بالانقلاب وعودة مرسى إلى مهامه»، وهنا اعتراف صريح واضح دون لبس أنه يعرف العناصر الإرهابية العابثة فى سيناء، وتربطه بهم علاقة، ويمسك بخيوط تحركاتهم، ومن ثم فهو المحرض والمشارك فى كل المجازر، التى ارتكبها الإرهابيون على أرض الفيروز.
نعم.. مع كل حادث موجع يقع، يتعرض قضاة مصر لانتقادات شعبية كبيرة من بطء عملية التقاضى، وعدم إصدار أحكام قضائية سريعة وناجزة، بجانب حالات اعتذار القضاة عن نظر عدد من القضايا تحت مبرر «استشعار الحرج»، ثم قيام محكمة النقض بقبول كل الطعون فى الأحكام الصادر فيها قرارات الإعدام والمؤبد للقيادات الكبرى لجماعة الإخوان الإرهابية وأتباعهم، من عينة مرسى وبديع والبلتاجى والشاطر وغيرهم من القيادات.
الغضب الشعبى المكتوم من القضاة، نتيجة أن نظر القضايا استمر أكثر من 5 سنوات كاملة، وبعد صدور الأحكام فيها، قررت محكمة النقض قبول كل الطعون وأعادت نظر القضايا من جديد، وهو أمر زاد من سخط الناس، وفى القلب منهم أسر شهداء الشرطة والجيش.
وبالتأكيد أن الذى يسدد فاتورة هذا الغضب هم القضاة، دون النظر إلى منظومة العدالة برمتها. وإذا تحدثت مع القضاة، عن سبب طول عملية التقاضى، على الفور يشيرون بأصابع الاتهام إلى التشريعات والقوانين، ولا يملكون رفاهية إلا تطبيقها، وأن معظم هذه القوانين والتشريعات مليئة بالثغرات، ومعيقة للعدالة السريعة الناجزة، بالإضافة إلى عدم وجود قاعات كافية لنظر القضايا، فى المحاكم المختلفة.
والسؤال، إذا كانت القوانين والتشريعات، مكبلة للعدالة الناجزة، فأين الحكومة ممثلة فى وزارة العدل، ولماذا لم تقدم للبرلمان مشروعات قوانين لتعديل أو استحداث تشريعات تحطم القيود المكبلة للعدالة الناجزة؟ وأين اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ولماذا لا تبادر بالجلوس مع وزارة العدل، ونادى القضاة لوضع ورش عمل قانونية، لتنقية التشريعات، والتوصل لمنظومة عدالة محترمة، تضمن العدل فى التقاضى، والسرعة، والقصاص من المجرمين والقتلة، وتطفى النار فى صدور المظلومين.
يا سادة لابد من الاعتراف أن الكتلة الصلبة والمعتدلة فى مصر، والمتمثلة فيما يطلق عليها اصطلاحا «حزب الكنبة» تمثل الغالبية من الشعب المصرى، وهى الكتلة الحامية والمدافعة عن الدولة الوطنية، بالمال والأرواح، وللأسف معظم هذه الكتلة تحمل غضبا مكتوما وشديدا من منظومة العدالة البطيئة، والعرجاء إلى حد الشلل.
القضاة يسددون فاتورة هذا الغضب، ويتلقون سهام النقد فى صدورهم، رغم أنهم أدوات منفذة للقانون، لا يتحركون إلا داخل دائرة منظومة العدالة المستقرة منذ عقود طويلة، وأن عدم التزامهم بالقانون، سيدفع برؤوسهم تحت مقصلته، وأن محاميا صغيرا، يستطيع الطعن على أى حكم لا يلتزم بالمنظومة القانونية والتشريعية.. ولابد من إدراك حقيقة أن تكون منفذا للقانون، وأن تكون واضعا له، والقضاة الحاليون، منفذون للقوانين والتشريعات الموجودة، ولا يمكن لهم خرقها، ومن ثم فلابد أن نسلط غضبنا على التشريعات البالية، ونطالب من لهم الحق فى التشريع بضرورة إحداث ثورة سريعة وقوية، على منظومة القوانين الحالية، واستبدالها منظومة عدالة متطورة وناجزة، تعيد الثقة للناس فى العدل أمام منصات القضاة.
وعلى القضاة أنفسهم ومن خلال منابرهم الرسمية مثل وزارة العدل ونادى القضاة، ألا يصمتوا كثيرا أمام التشريعات والقوانين البالية، التى تجعل منهم «متهمين» طوال الوقت «بالحرج» وبطء التقاضى، والإسراع بتقديم مشروعات قوانين ووضع السلطات الأخرى أمام مسؤولياتها، مثل الحكومة «السلطة التنفيذية» والبرلمان «السلطة التشريعية».
خاصة، وعقب مجزرة الساجدين فى مسجد الروضة بسيناء وراح ضحيتها 305 شهداء من بينهم 27 طفلا، خرجت مطالب مستعرة على ألسنة المصريين، فى البيوت والشوارع والمنتديات، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، جميعها تطالب بسرعة إعدام الإرهابيين، التى صدرت ضدهم أحكام نهائية، وأطلقوا هاشتاج «اعدم الإرهابى المسجون يخاف السايب»، لذلك مطلوب الإسراع فى البت فى جميع القضايا، التى استمرت ما يقرب من 5 سنوات!!
ونرجو من الكتلة الوطنية الصابرة والمضحية، التى تمثل الأغلبية الكاسحة من الشعب المصرى عدم الانزلاق فى مستنقع التعميم فى توجيه النقد للقضاة، فإذا أخطأ قاض، فلا يمكن أن يكون كل قضاة مصر مخطئين، ولا يوجد فى مصر، فئة، كل عناصرها من الملائكة بما فيها «رجال الدين» فى الأزهر والكنيسة، لذلك فإنه من المؤلم والمحزن أن نسقط حالة فردية أخطأت هنا أو هناك على منظومة كاملة.
ولك الله يا مصر..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة