هنا معسكرات الروهينجا القبيلة الأتعس على وجه الأرض جمعوا بين التشريد والجوع والتعذيب والتطهير العرقى ،اكثر اهل الارض الذين تعرضوا للظلم، وفرضت عليهم أوضاع فوق مستوى الكارثة، يسكنون العراء ولا مفر لهم من حرارة الشمس وبرد الشتاء، رغم الظروف الصعبة التى يعيشونها إلا أن البعض منهم لديه إصرار على مواصلة العيش والتكيف مع أي وضع.
كثير منا يخفى عليه أن تلك الأزمة ليست وليدة هذه الأيام بل إنها ممتدة منذ عقود وهناك مخيمات قائمة منذ عشرات السنين وتزداد كلما تشتد الأوضاع فى ولاية راخين موطن الروهينجا الذين يهربون من بطش البوذيين ويأتون إلى تلك المعسكرات .
التجارة فى معسكرات اللاجئين
ومع استمرار الأزمة كان لابد أن يتكيف الروهينجا على تلك الأوضاع ويبدأون فى حياة مؤقتة ، كما أن المخيمات تشهد تحرك بعض منظمات الإغاثة العالمية للقيام بدور ما تجاه هؤلاء المشردين والمضطهدين ، الأوضاع المأسوية التى يعيشها الروهينجا دفعت بعضا من البنجلاديشين الذين يقطنون تلك المحافظة الحدودية ليقوموا بإنشاء عشش داخل المخيمات ليبيعون فيها سلعا رديئة فى محاولة لكسب المال الذى لا يملكه الروهينجا بالطبع الا عن طريق قيام بعض الجمعيات الاغاثية بتوزيع أموال أو تقوم بشراء تلك البضائع وتوزيعها عليهم.
16 معسكرا للروهينجا أفضلهم سيئ
ومع استمرار الأزمة كان لابد من تطوير المخيمات فيوجد 16 مخيما أو معسكر يبدأ التصنيف فيه من سيئ إلى أسوء وهكذا ، الروهينجا يتمنون فقط الحصول على عشش محكمة الغلق بالمشمع لتقيهم مياه الأمطار بينما النموذج الافضل لتلك المخيمات ما تقوم به بعض المنظمات الإغاثية من إقامة معسكرات وتركيب بطاريات تشحن بالطاقة الشمسية من أجل إنارتها ليلا ، بينما توجد معسكرات كاملة تعيش فى ظلام دامس.
الاستحمام فى الطرقات العامة
ومن المشاهد اللافتة هو إذا اراد احدهم ان يستحم عليه ان يقف فى الطرقات ويغتسل من ماء الترومبات مرتديا ما يستره إن كان شخصا بالغا أما الأطفال فلا يهتمون بذلك، أما النساء فيكون معها أحد من محارمها يسترها بساتر حتى تنتهى من الاستحمام .
أكشاك خشبية كدورات مياه
المنظمات الاغاثية طورت مؤخرا ذلك وقامت بإنشاء دورات مياه في الطرقات عبارة عن كشك صغير مكون من خشب ومشمع له باب أرضيته من الأسمنت له فتحة تصريف ، حيث بدأ ذلك بالانتشار في كل مكان حتى يتم التيسير عليهم عند قضاء حاجتهم ، كل تلك التطورات من حمامات نجدها في معسكرات دون أخرى ، كما ان مستوى التعليم يختلف من معسكر لآخر فلكل معسكر أمير يبحث عن المتعلمين ويبدأ فى تكوين المدارس التعليمية وتحفيظ القرآن لأطفالهم.
أطفال اذكياء
ولعل ما يتم ملاحظاته هو استجابة واستيعاب الأطفال لكل الثقافات الواردة عليهم من جميع أنحاء العالم اذ يتجاوبون سريعا ويرددون ويحفظون كل ما يعرض عليهم من كلمات وجمل عبر الوافدين من المنظمات الاغاثية ، وقد لاحظت ذلك عندما كان يقوم وفد الأزهر الشريف بتعليمهم بعض آيات القرآن الكريم وكذلك بعض الأحاديث النبوية ، كما كنت أرى تفاعل الصغار مع البعثات الأجنبية المنتشرة بالمخيمات.
فقراء بنجلاديش يزاحمون الروهينجا فى الحصول على المساعدات
لاشك ان بنجلاديش دولة فقيرة فهى تُعد الدولة السابعة فى العالم من حيث كثافة التعداد السكانى وتدخل أيضًا ضمن قائمة الدول التي ترتفع بها معدلات الفقر، ورغم ذلك فقد وضعت ضمن قائمة الدول الإحدى عشر المتوقع نمو اقتصادها وتفوقها ، ولكن رغم ذلك مازالت معدلات الفقر بها عالية ، نزوح الروهينجا الى مدينة كوكس بازار المتاخمة للحدود ، أحدثت حالة من الرواج لتجار المدينة وأخرى كانت فائدة لفقراء المدينة والذين يحاولون ان يأخذوا حصة من المساعدات التى تصل الروهينجا.
كارثة انسانية
لا تزال الأوضاع الكارثية التى يعيشها الروهينجا مهددة بان تزداد سوء اذا تخلى عنهم العالم وهو ما يجب أن لا يحدث وذلك بتسليط الضوء عليهم من قبل الإعلام حتى يظلون محور اهتمام العالم، فيقول أحد محفظى القرآن الكريم بمسجد عمر بن الخطاب ويدعى الشيخ رفيق: نحن هنا نجوع كثيرا والطعام لا يكفينا يمر علينا طقس سيء لا تتركونا حتى لا نهلك، كلمات عبر بها أحد الروهينجا عن تخوفه من إهمال العالم لهم وبالتالى سيموتون جوعا.
انقطاع خدمات الانترنت
نظرا لطبيعة المنطقة الحدودية وتعمد السلطات البنغالية بعدم توفير اى وسائل اتصال بالمنطقة، و الروهينجا لا يستطيعون استخدام الهواتف فالقليل جدا منهم من يملك هواتف وهى ليست هواتف حديثة بعضها يستطيع أن يلتقط إشارة والبعض الآخر يضطر لقطع مسافة طويلة حتى يستطيع أن يلتقط إشارة إن أراد إجراء اتصال، فهم معزولون عن العالم بلا أى اتصالات.
وفد الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين يتفقد أوضاع الروهينجا
وكان وفد الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين برئاسة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر قد تفقد مخيمات اللاجئين من مسلمي الروهينجا، للاطلاع على أوضاعهم وظروفهم المعيشية والإنسانية الصعبة، وقد ضم الوفد المشير سوار الذهب، عضو مجلس حكماء المسلمين، ورئيس السودان الأسبق، والدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور أحمد عبد العزيز قاسم الحداد مفتي الإمارات، بالإضافة إلى وفد الأزهر الإغاثي الذي سبق الزيارة بثمانية أيام.
وفي بداية جولته بمخيمات لاجئي الروهيينجا والوفد المرافق من الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، تابع وكيل الأزهر استمرار توزيع المساعدات الإغاثية والمعيشية التى وجه بها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، لمسلمي الروهينجا، والتي قرر مضاعفتها للتخفيف من حدة المعاناة التي يعيشونها في مدينة كوكس بازار القريبة من الحدود مع ميانمار.
وخلال الجولة التفقدية تجمعت أعداد غفيرة من اللاجئين الروهينجا حول أعضاء وفد الزيارة الذي عرف منهم حجم المعاناة والمأساة لهؤلاء المهجرين عن أوطانهم جراء الأعمال الوحشية التي لحقت بهم، كما دشن الوفد بئرًا من المياه الصالحة للشرب بمعسكرات لاجئى مسلمي بورما.
و قال الدكتور عباس شومان إن زيارة وفد الأزهر الشريف ومجلس الحكماء جاءت بتوجيه من الإمام الأكبر للوقوف على معاناة إخواننا من أبناء الروهينجا الذين وفدوا إلى بنجلاديش فرارا وإبقاء على حياتهم من القهر والاضطهاد الذي عانوا منه في بلادهم بورما.
وأضاف وكيل الأزهر أن المشهد في هذه المخيمات إن قيل عنه أنه مأساوي فهذه كلمة ترفيهية لا تعبر عن حجم هذه المعاناة، ونحن هنا شهود على موت الضمير الإنساني الذي ترك هؤلاء يعانون من حياة إذا وصفت بالحياة فهي أيضًا مبالغة؛ لأن هؤلاء اللاجئين وصلوا إلى حالات متدنية وصعبة جدا، فضلا عن فقدهم لأبنائهم وذويهم وما ألمَّ بهم من جوع وألمٍ، وغاية أماني هؤلاء أن يُسكتوا أنات الجوع وصرخات المرض، وأن يبقوا على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة من خلال وجبة يسدون بها جوعهم فإن تطلعوا إلى أخرى فهذه أقصى أمانيهم.
وأوضح د. شومان أننا أمام حالة مأسوية وكارثية ينبغي على العالم أن يتحرك لها لينصف هؤلاء وكفاهم ما ألم بهم، موجها الشكر لكل من قدم لهم يد العون ولكن أي عون لا يمكن أن يفي بحاجات هذه الأعداد التي تجاوزت مليون شخص، كما قدم الشكر لدولة بنجلاديش التي استوعبت هؤلاء اللاجئين على أراضيها، مشيرًا إلى أنه بقي على العالم كله أن يتحرك ليكمل مساعداته لهم، وأن يعمل أصحاب القرار في العالم على إنهاء هذه المأساة الإنسانية أيا كانت أسبابها مع ضرورة البحث عن حلول لها.
وشدد وكيل الأزهر على ضرورة التضامن مع هؤلاء اللاجئين تضامنا كاملا مستشهدا بما جاء في بيان شيخ الأزهر رئيس حكماء المسلمين عن مأساة الروهينجا فقال: وصدق فضيلة شيخ الأزهر حين قال "إن مأساة الروهينجا لم تكن لتكون بهذا الحجم لو أن الضمير العالمي لم يمت" وقد صدق الإمام فى هذا التعبير ودليلنا ما نشاهده أمامنا اليوم.
وفي ذات السياق قال المشير عبد الرحمن سوار الذهب إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، كان حريصا على تفقد أوضاع اللاجئين الروهينجا لولا الأحداث المؤسفة التي حدثت في مصر، مؤكدًا أن مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الطيب يهتم بقضية الروهينجا الإنسانية اهتماما كبيرًا، وأن حضور الوفد اليوم جاء لتفقد أحوال المخيمات ليعرف العالم ما حدث لهم من مآس رأيناها بأنفسنا، مضيفًا : "إننا حريصون كل الحرص على تأمين مواد الغذاء للاجئين الروهينجا وسنسعى لإعادتهم إلى أوطانهم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة