لماذا يتراجع السفاح عن طريقه، وقد أحب المغامرة وخرج من أجلها بكل تلك الجبال من الأموال التى تتزايد حوله وفى خزائنه يوميا من حصيلة الغاز والبترول والاستثمارات فى الخارج ؟ فرغم ما هو فيه من ضيق وما مسه من عار وانكسار، الا أنه يصر على طريق الدم والخسران المبين . وقد يسمع صوته صدى لتلك الانفجارات التى حصدت الكثيرين جنوب القارة . وقد يسمع صوت السفاح صدى لتلك الرصاصات التى اغتالت الشهداء فى العمليات الارهابية التى جرت بالأمس القريب، فصوت السفاح هو صوت الشيطان الذى يقفز فرحا كلما سقط قتيل أو هدم بيت أو دمر موقع .
ان ألم الجرائم التى ارتكبها السفاح يتسرب الى جسمه – عدلا وقسطا – وهو ينزف ويستكبر ويواصل الاستكبار وممارسة أعمال الارهاب ضد من لا يؤيدونه فى وطنه، فيصادر الممتلكات ويعتقل ويخرب، ليشعر بالسيطرة والقوة، ويبعث الرعب فى قلوب مواطنيه . فهو يعلم أن من سيقتلعه من مقعده هم مواطنوه ولا أحد غيرهم يعنيه ذلك . فالوطن عند السفاح واخوانه السفاحين هو رهينة ودرع بشرى فى ساعة السقوط، وليس الوطن مقدسا ومفدى لدى السفاح واخوانه المجرمين .
ما من طريق للعودة الى الوراء – بالنسبة الى السفاح – وانما الطريق فى المضى الى الأمام، ولكن بقوة وشراسة هذه المرة، ما دامت الأقنعة قد سقطت، وبدأ السباق نحو النهاية . والسؤال المهم هو كيف يمكن توجيه ضربات أكثر ايلاما ؟ وكيف يمكن التأثير بشدة فيمن يتصدون للسفاح البدين ؟ وكيف يمكن الانتقال من نظام الارهاب القديم الذى ربما اعتمد على خبطات متفرقة هنا وهناك، وسلك مسلكا تقليديا فى استسقاء معلوماته الى مستوى أغلى من الاتقان والسيطرة والتدفق ؟!
السؤال الهام لدى السفاح البدين الآن – على وجه الخصوص – هو كيف يمكنه تسديد ضربات موجعة الى من لا يحب ؟ وكيف يحتفظ السفاح البدين بمنفذ دائم ومتجدد الى شريان الحياة عند وحول من لا يحبهم، بحيث بصبح توجيه الضربات اليهم أسهل وأسرع وأقل تكلفة وأكثر ذكاء، وأشد خفية ومراوغة أمام المنقبين عنه والباحثين وراءه ووراء أعماله ؟
الجواب السحرى الذى أعد لعناية السفاح البدين المكتنز البطن بالمال والغاز والبترول والنقمة عللى العالم قد يكمن فى جنبات التكنولوجيا الحديثة، وقد يكمن فى اغراءات المنح والتسهيلات . وبذلك يتمكن السفاح – بكل سهولة غير مرجوة – من النفاذ ورجاله المجرمون الى بيانات الملايين من الذاهبين والآيبين طوال الليل والنهار، مع التحديث اللازم . . وبذاك يكون السفاح قد عبر الحدود الى دول كثيرة . وبدلا من العدو خلف المعلومة، صارت المعلومة تأتيه رغدا ـ حتى يرتوى منها ويروى الآخرين دولا وشعوبا دماء ورصاصا ودمارا .
ان اتجاهات السفاح البدين وتقلباته تكشف كل يوم عن شراسة فى الطبع وعنف فى المزاج لم يتخيله البعض – ربما – ولكن التاريخ لا ينسى سيرة الانقلابات العائلية المتعاقبة المخجلة . فليست هناك مفاجآت فى مسيرة السفاح، ولكنها الأيام تميط اللثام عن وجهه اللئيم مأخوذة بما قتل وما شرد .
ليست هناك مفاجآت، فمسار المواجهة طويل وممتد حتى النهاية . وقد يشهد تطورات وتحولات أكثر غرابة وتطرفا، بفضل الانفاق السخى للسفاح البدين، وبفضل ضعف كثير من الاقتصادات التى قد تتوق الى مساعدة أو قرض أو منحة .
ربما تمنى البعض أن يستدير السفاح على عقبيه ويعاود أدراجه ويقى شعبه وبلده وبلادا كثيرة من الكثير من الويلات والمآسى المحتملة، ولكن السماء ترعد رعدا أحيانا وتبرق برقا برقا بلا شمس ولا دفء . ولله الحمد فى كل حال وحين، ولكن على الإنسان أن يستعد لكل الظروف ويتأقلم معها ويسوسها أيضا لما فيه الخير له ولأهله . وأيا ما يكون تخطيط السفاح ودهاؤه، فان دروب الشر لا تنبت شيئا سوى الشر لمن سار فيها . فليسر السفاح البدين فى طريقه، فانه اختياره ومقتله . ولنبن نحن ونعمر دون أن تغفل عن السفاح وعن مجرميه . حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه الى الخير كله .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة