دندراوى الهوارى

لماذا لا نؤسس متحفاً للشهداء ونضع صورهم فى الطرق والمزارات السياحية؟!

السبت، 04 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما زرت لبنان عام 2014، لحضور مهرجان تكريم الثائرة الجزائرية العظيمة جميلة بوحيرد، وهو اسمها الصحيح بوحيرد وليس بوحريد، كان هناك فى برنامج الزيارة ذهاب الوفود المشاركة إلى منطقة الحدود اللبنانية الجنوبية، خاصة «بوابة فاطمة»!
 
وبينما نسير فى الطرق الرئيسية والمتعرجة فوق الجبال، وكلما اقتربت المسافة من المنطقة الحدودية اللبنانية الإسرائيلية، نفاجأ بأمرين جوهريين، الأول صور شهداء المقاومة أثناء معاركهم مع إسرائيل، مرصوصة على جانبى الطرق، وكأنها إعلانات ضخمة لنجوم السينما أو الرياضة، وتحديدًا رياضة كرة القدم، وتحت كل صورة مدون اسم الشهيد وتاريخ استشهاده.
 
والثانى تأسيس متحف رائع على جبل «مليتا» عبارة عن «محكى» يسرد بطولات المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل فى حرب ما يطلق عليها «حرب تموز»، التى يعتبرها حزب الله اللبنانى انتصارًا كبيرًا على الكيان الصهيونى، مع العلم أنها لا تصنف ضمن الحروب التقليدية المعروفة، التى تكون مواجهة بين جيشين نظاميين أو أكثر، بينما كانت حربًا أشبه بحرب العصابات، تنفذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلى المحتل، وتمكنت بالفعل المقاومة اللبنانية من تكبيد إسرائيل خسائر فادحة فى العدة والعتاد، حتى تكلل لهم النجاح بتحرير معظم الأراضى اللبنانية المحتلة ما عدا مزارع شبعا.
 
ومتحف أو «معلم مليتا» كان فى الأصل موقعًا عسكريًا تتخذه المقاومة لمواجهة إسرائيل، ويتضمن غرفة عمليات وخنادق محفورة تحت الأرض، ويعتبر الموقع العسكرى موقعًا متقدمًا للمسلحين اللبنانيين فى مواجهة عدد من مواقع الاحتلال الحصينة، كبئر كلّاب، وسُجُد، وكسّارة العروش، وتومات نيحا، ولعبت هذه القاعدة دورًا بارزًا فى مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلى.
 
كما يعتبر متحف و«معلم مليتا» مكانًا مقدسًا لحزب الله، حيث شهد استشهاد القيادة التاريخية للحزب «عباس الموسوى»، كما يعتبر المتحف هو الأول من نوعه للسياحة الجهادية والمسلحة، ويحكى ذاكرة مرحلة لا تزال مستمرة فى تاريخ لبنان، ويسرد الكفاح فوق الأرض وتحتها، ويتضمن مسرحًا حربيًا على مساحة مفتوحة.
 
ويقع جبل «مليتا» فوق بلدة جرجوع على ارتفاع 1100 متر عن سطح الأرض، وتشرف هذه المنطقة على مساحات واسعة من الجنوب اللبنانى، وتتميز بعدم وجود جبال تحجب رؤيتها من الجهتين الجنوبية والغربية، وهذا ما ساعد كثيرًا فى التفوق على الكيان الإسرائيلى المحتل.
 
وتعود قصة إنشاء المتحف أو «المعلم» إلى عام 2000، عندما أقدم أحد طلاب الهندسة المعمارية بالجامعة اللبنانية على طرح فكرة إنشاء معلم سياحى ثقافى مقاوم يحمل اسم «المجمع الفكرى الثقافى المقاوم» فى إقليم التفاح، فى جنوب لبنان، وذلك بهدف التذكير بصانعى المجد والعزة، ويُبقى صورة المقاومة والشهداء دومًا محفورة فى ذاكرة اللبنانيين.
 
هذا الاهتمام البالغ من اللبنانيين، والاعتزاز الكبير بشهدائهم، أثار فى نفسى الغيرة، وسألت نفسى: لماذا يهتم اللبنانيون بشكل عام، وحزب الله بشكل خاص، بالاحتفاء وتقدير وتوقير وإجلال الشهداء، ووضع صورهم على شكل إعلانات ضخمة على جانبى الطرق الجنوبية السريعة، وكتابة نبذة عن بطولة كل شهيد، وإقامة متحف عبارة عن محكى، يحمل شعار «حكاية الأرض للسماء»؟!، بينما نحن نكتفى بالاجتهاد الشخصى للمحافظين ورؤساء الأحياء فى أن يطلقوا اسم شهيد على مدرسة، أو مركز شباب أو شارع صغير فى الحى أو القرية التى كان يقطن فيها هذا الشهيد أو ذاك.
 
شهداء الجيش والشرطة فى سيناء، وعلى كل شبر من أرض الكنانة، ألا يستحقون منا أن نضع صورهم فى إعلانات «الأوت دور» على الطرق السريعة المهمة، مثل طريق مصر إسكندرية الصحراوى، وطريق العلمين، ومصر إسماعيلية الصحراوى، وطريق الكريمات المؤدى للصعيد، والطريق المؤدى لشرم الشيخ، والعين السخنة، والغردقة، وغيرها من الطرق، والمزارات السياحية فى الأهرامات والأقصر وأسوان، لتذكرنا دائمًا ببطولات هؤلاء الشهداء الذين ارتوت أراضينا بدمائهم، لتنبت لنا الأمن والاستقرار والعيش فى سلام؟!
ولماذا لا ننشئ متحفًا عبارة عن محكى فى أهم منطقة بسيناء، يسجل بطولات رجال الجيش والشرطة، ويشرح للأجيال بكل فخر واعتزاز أن هؤلاء الأبطال عطروا بدمائهم كل شبر من أرض الفيروز، وسجلوا بطولات خارقة؟، وما الشهيد العقيد أحمد المنسى سوى مثال من مئات الأمثلة منذ حرب الاستنزاف، مرورًا بانتصار أكتوبر المجيد، ثم الحرب الأهم والمستعرة ضد منتخب العالم للإرهاب، الباحث عن إسقاط مصر فى وحل الفوضى وتقسيمها وتقزيمها، أو نؤسس متحفًا عبارة عن محكى فى العاصمة الإدارية الجيدة، أو نضع صور الشهداء فى شوارعها، أليست صور أبطالنا تستحق أن نضع صورهم فى براويز من ذهب، وهو أقل تقدير لمن صان الأرض والعرض؟!
وأيضًا ليكون خير حافز للأجيال المقبلة، وترسيخ أن الدولة شعبًا وحكومة يقدرون من يبذل ويضحى بروحه فداء لوطنه، وأنهم محفورون فى ذاكرة المصريين جيلًا بعد جيل، ونتخذ- وبمنتهى الحسرة- من تقدير اللبنانيين لشهدائهم المثل والقدوة فى كيفية تخليد اسم الشهيد؟، وهل نخشى الأصوات الناعقة المنفرة الجالسة خلف الكيبورد، التى تدافع عن الإخوان وقطر وتركيا من الاعتراض من أجل الاعتراض؟
ننتظر إجابة من الحكومة المصرية!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة