فيما يبدو أن المنطقة مقبلة على شتاء سياسى ساخن مع ارتفاح حدة التوتر الاقليمى الذى تشهده منطقة الخليج، عقب إطلاق جماعة الحوثى المتمردة على الشرعية فى اليمن والمدعومة من إيران صاروخ باليستى من نوع "بركان 2" على الرياض، اعتبره ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان عدوانا عسكريا مباشرا قد يرقى إلى أعمال الحرب ضد المملكة، وتبعه رد قوى من واشنطن يتهم إيران صراحة بتهديد أمن المنطقة.
وجاء بيان البيت الأبيض اليوم، الأربعاء الذى أدان فيه اطلاق أذرع طهران فى المنطقة صاورخ على الرياض، ليترجم استراتيجية الرئيس الأمريكى الجديدة تجاه إيران ودورها فى المنطقة، والتى أعلن عنها يوم 13 أكتوبر الماضى، وشدد خلاله على التعاون مع حلفاء واشنطن لتقويض سلوك طهران فى المنطقة، وأشار البيان بشكل صريح إلى تزويد الحرس الثورى الإيرانى للمليشيات المتمردة فى اليمن بالصواريخ، على نحو ما قال البيت الأبيض، في البيان، إن "الصواريخ، التي يطلقها الحوثيون على السعودية، والتى زودهم بها حرس الثورة الإيرانى، تهدد أمن المنطقة، وتقوض الجهود الأممية، التي تسعى لحل الصراع عبر الحوار".
البيان الرسمى خرج من البيت الأبيض بعد ساعات من اتهامات أطلقتها السفيرة الأمريكية في المنظمة الدولية، نيكى هيلى قائلة أن إيران امدت انصار الله فى اليمن بصواريخ في يوليو الماضي، ودعت الأمم المتحدة إلى تحميل إيران المسئولية، وقالت السفيرة الأمريكية، إن المعلومات التي كشفت عنها السعودية أظهرت أن الصاروخ الذي أطلق في يوليو إيراني من طراز (قيام)، ووصفته بأن "نوع من الأسلحة التي لم تكن موجودة في اليمن قبل الصراع".
ولم تشير السفيرة الأمريكية إلى الإجراء الذى ستتخذه الولايات المتحدة أمام تهديد أمن حلفاءها، فيما اتهم هايلى "قوات الحرس الثوري الإيراني بإمدادها المقاتلين الحوثيين في اليمن بهذا النوع من السلاح، قائلة أنه بذلك انتهك قرارين لمجلس الأمن دفعة واحدة". وتابعت "نشجع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين على اتخاذ الإجراء اللازم لتحميل النظام الإيراني المسؤولية عن هذه الانتهاكات".
قرارات مجلس الأمن التى انتهكتها طهران
فيما لو ثبت بالدليل تزويد إيران للحوثيين بالصواريخ الباليستية، فستكون بذلك انتهكت قرارين لمجلس الأمن، ويتوجب معاقبتها وفقا لميثاق المجلس، الأول قرار خاص بايران رقم 2231 لعام 2015، والذى وافق بوجبه مجلس الأمن على الاتفاق النووى المبرم بين إيران والدول الغربية فى عام 2015، وحظر على طهران امداد أو بيع أو نقل سلاح بأنواعه الثقيل والخفيف خارج أراضيها دون مواقفة من المجلس.
ونصت إحدى بنوده، وبالتحديد الفقرة 5 على أنه يجوز لجميع الدول المشاركة في ما يلي، أو السماح بما يلي، شريطة أن يقرر مجلس الأمن مسبقاً على أساس كل حالة على حدة الموافقة على:توريد أو بيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أو عبر أراضيها، أو من قبل رعاياها أو الأفراد الخاضعين لولايتها، أو باستخدام سفن أو طائرات تحمل علمها، سواء كان منشؤها من أراضيها أم لا، إلى إيران، أو للاستخدام في إيران أو لمصلحتها، أي دبابات قتالية أو مركبات قتالية مدرعة، أو نظم مدفعية من العيار الكبير، أو طائرات عمودية هجومية، أو سفن حربية، أو صواريخ أو منظومات صواريخ، حسب التعريف المتعارف عليه لأغراض سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية، أو ما يتصل بها من أعتدة، بما في ذلك قطع الغيار؛ وتزويد إيران من قبل مواطني تلك الدول أو من أراضيها أو من خلالها بتدريب تقني وموارد أو خدمات مالية وبالمشورة، وغير ذلك من الخدمات أو المساعدة المتصلة بتوريد أو بيع أو نقل أو صنع أو صيانة أو استخدام الأسلحة والأعتدة ذات الصلة.
أما القرار الثانى الذى أشارت له السفيرة الأمريكية فى الأمم المتحدة، وهو بشأن اليمن، قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) صدر في 14 أبريل 2015 و حظر تزويد كلا من زعيم المتمردين الحوثيين، عبدالملك بدرالدين الحوثى و 2 من القادة العسكريين فى اليمن إضافة إلى الرئيس اليمنى المخلوع على عبد الله صالح ونجله أحمد وعبد الملك الحوثي وعبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم (أبو علي الحاكم)، بالأسلحة وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أو تنفيذاً لتعليماتهم في اليمن.
إيران تنفى الاتهامات.. وتدافع عن الحوثى
فى المقابل حاولت إيران نفى الاتهامات بل وإلقاء اللوم على المملكة العربية السعودية التى وضعت ضحية لصواريخ الحوثى المدعوم منها، رغم الدعم الصريح الذى يظهره اعلامها للحوثيين، عبر دعوة إحدى الصحف المقربة من المرشد الأعلى (كيهان) لإستهداف دبى، وقد وجهت رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ضد السعودية، واعتبرت الرسالة، التي قدمها المندوب الإيراني الدائم في الأمم المتحدة غلام علي خوشرو، أن مزاعم السعودية ضد إيران لا أساس لها، داعيا المجتمع الدولي للضغط على السعودية للكف عن التهديد باستخدام القوة ضد الآخرين.
وقالت طهران في الرسالة إن الاتهامات السعودية لها بإرسال الصواريخ إلى اليمن يمكن أن تؤدي إلى مزيد من زعزعة الأمن ونشر الفوضى في المنطقة، داعية الرياض إلى التوقف عن لغة التهديد والكف عن استخدام لغة القوة، وضبط النفس وتحكيم العقل بدلا من التهديد والتحريض، وقال خوشرو، في الرسالة، إن طهران تدين الاتهامات السعودية لها وتعتبر أنه لا أساس لها من الصحة، واصفاً تلك التصريحات بالهدامة والاستفزازية وأنها تشكل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة.
لم يتوقف الرد الإيرانى عن نفى الاتهامات فحسب بل دافع الرئيس حسن روحانى، اليوم الأربعاء، عن العداون الصاروخى الذى شنته جماعة الحوثى الذى انطلق من اليمن مستهدفا الرياض قائلا أن الهجوم كان ردا واضحا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة