سمح الرئيس الإيرانى حسن روحانى المجال لمندوب بلاده الدائم فى الأمم المتحدة، غلام على خوشرو، ثم لوزير خارجيته، محمد جواد ظريف، لإدانة الاتهام السعودى المدعوم بالألة الدولية على إمداد الحرس الثورى الإيرانى الحوثيين بالصواريخ الباليستية، وعندما قرر التحدث بنفسه لم يدن الاتهام السعودى والدولى كما فعل خوشرو وظريف؛ بل خرج ليبرر سلوك الحرس الثورى ويتبنى للمرة الأولى رسميا خط فيلق القدس وسياسة قوات الجو ـ فضاء فى التعامل مع الحرب الدائرة باليمن.
روحانى يبرر
اللافت فى سلوك الرئيس حسن روحانى هذه المرة أنه تبنى سلوك الحرس الثورى فى اليمن، مع مفارقة أنه طالما انتقد الحرس الثوى علنا وطالبه بعدم التدخل فى السياسة واتهمه فى المناظرة الرئاسية الثانية بدايات مايو من العام الحالى بأنه وراد إفساد صورة إيران فى المحافل الدولية.
لكن روحانى الذى بدأ مسيرته الرئاسية معتدلا، ثم أصبح على خط واحد مع تيار المتشددين، وبدلا من أن يقوم بإجراءات تحاسب المتورطين فى إقحام بلاده فى حرب اليمن، كان أن برر الهجمات الصاروخية التى تشنها ميليشيات الحوثيين على المدنيين فى المملكة العربية السعودية، واكتفى بأنه ما وصفه بـ"العدوان" هو السبب.
لا يبدو خطاب روحانى الذى أطلقه اليوم فى اجتماع مجلس الوزراء متماشيا مع ما أعلنه فى برنامجه الانتخابى الذى تعهد فيه بتحسين علاقات بلاده الإقليمية وعدم انخراطها فى أى صراعات إقليمية، وعليه سلم الرئيس نفسه بالكامل إلى معسكر المتشددين ودار للمرة الأولى ورسميا فى فلك الجنرال محمد على جعفرى قائد "الباسداران".
المعارضة الإيرانية تتحدث
فى السياق انتقد قطاع واسع من المعارضة الإيرانية، من بينهم المعارض محمد نورى زاد، السلوك الإيرانى فى اليمن واعتبرت أن تبرير القصف الصاروخى يضر الشعب الإيرانى فى علاقاته الإقليمية والدولية.
وأضاف زاده فى تصريحات صحفية: "لا أتصور عدم ضلوع فيلق القدس والنظام الإيرانى فى استهداف عاصمة المملكة العربية السعودية بصاروخ باليستى أطلقته الميليشيات الحوثية من اليمن"، واصفًا النظام الإيرانى بـ"نظام العصور الوسطى الدموي"، مؤكدًا على ضرورة تغيير الصورة النمطية عن إيران فى العالم على نحو يناسب ما يستحقه الشعب.
يشار إلى أن زاد كان من الشخصيات المقربة للمرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى غير أنه انشق عنه وأصبح واحدا من المعارضين الذين يقفون لسياسات الحرس الثورى بالمرصاد، لاعتقاده أنها لن ترؤدى إلا إلى مزيد من كراهية إيران فى الثقافتين الإقليمية والدولية.
ولذلك قال زاد بعد إمداد بلاده الحوثيين بصواريخ باليستية: "صورة إيران عن بعد فى أعين العالم مفزعة للغاية، كأن فئة من الجلادين والقتلة يمسكون بالحكم ويأخذون الجماهير فى البلاد كأسرى ويناصرهم البعض".
موقف عربى رسمى
من جانبها أعلنت الجامعة العربية وقوفها الكامل مع المملكة العربية السعودية فى العدوان الذى تعرضت له، كما أعلنت تنديدها بالسلوك الإيرانى فى الأزمة اليمنية.
وقال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الجامعة تستنكر حالة التصعيد غير المسبوق التى تمارس ضد السعودية، موضحًا أن هذه التدخلات هى موضع رفض عربى وتعكس رغبة فى إشاعة التوتر والاضطراب من أجل ممارسة الهيمنة على الآخرين وهذا أمر "مستهجن ولن يقبل به أحد".
وقال أبو الغيط، فى بيان له، إن الواجب العربى يحتم التضامن مع المملكة العربية السعودية وهى تواجه تلك التهديدات الخطيرة لأمنها، كما أن توسيع دائرة الصراع فى اليمن أمر مؤسف وتقف وراءه أطراف معروفة تستهدف ليس فقط استمرار المواجهة فى اليمن قائمة دون أفق لنهايتها بل إشعال الأوضاع فى المنطقة كلها.
على كل حال يبدو أن إيران تواجه مدا من الانتقاد السياسى والسخط الدولى على سياساتها الإقليمية بوجه عام ودورها التصعيدى فى اليمن على وجه الخصوص، ومن المؤكد وفق كل تلك المعطيات أن ساحة الصراع الإيرانية ـ الدولية ستتركز وقائعها وأحداثها الكبرى فى ميادين اليمن الذى شهد انقلابا على الشرعية الدستورية سبتمبر 2014.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة