ماهر المهدى

نعم ولكن "2"

الجمعة، 01 ديسمبر 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سؤال بسيط وصريح: لماذا نكافح الرشوة ؟! ولماذا نقبض على المرتشين ؟! أفلا نقبض على من قبض ألف جنيه ومن قبض مائتى جنيه ومن قبض مليون جنيه ونحاكمهم ونودعهم غياهب السجون غير آسفين عليهم ؟! لنكافح الفساد .. أليس الأمر كذلك ؟! جميل . ولكن على الجانب الآخر، الكثيرون يفتخرون بقراباتهم ومعارفهم وصلاتهم التى سمحت لهم بدخول تلك الجامعة أو الحصول على وظيفة جيدة أو الترشح لمنحة دراسية أو مهنية هامة أو القفز إلى موقع وظيفى خاص . والبعض يحق له – مثلا – الأولوية فى التعيين معيدا لأن والده أستاذ فى الجامعة، أليس كذلك ؟ والبعض يحق له الأولوية فى التعيين فى بعض الوزارات والمؤسسات لأن والده أو والدته يعمل فى واحدة من هذه الوزارات أو المؤسسات . أليس كذلك ؟ ألا يتم اختيار القيادات فى بعض المواقع الهامة مجاملة لذويهم ؟ وما هو الفارق بين الرشوة والواسطة - بأشكالها المختلفة – والمجاملة الكبيرة ؟ أفلا تؤدى الواسطة دور الرشوة بشكل ما ؟ أفلا تؤدى المجاملة دور الواسطة ودور الرشوة أو المصلحة المتبادلة ؟ ولماذا تكون هناك أولويات تضع أناسا قبل أناس بلا فضل، وبالمخالفة للدستور الذى والأعراف والدين الذين يرون جميعا أن الناس سواسية ؟ 
 
إن من لا يملك الواسطة أو يتصل بمن يحبون أن يجاملونه أو يؤدون إليه مصلحة مقابل مصلحة، قد يلجأ إلى الرشوة . أو ليست كل هذه الصور المتعددة من الرشوة والواسطة والمجاملة والمصلحة المتبادلة والأولوية فى التعيين وسائلا للحصول على أشكال مختلفة من المنافع بطريق تجاوز الغير وتجاوز القواعد المعدة للتطبيق وتجاوز النظام السارى على العامة ؟ وكيف يتسنى لنا – ونحن فى محاولة للارتقاء والتقدم – أن نسقى الغلط لعقولنا ولأولادنا ولتلاميذنا ونحتسيه مع أكواب الشاى على القهوة وفى بيوتنا، ونتسلى بتلاوته كبطولات الفخار والسؤدد دون أن نحس بالخجل والإثم المبين ؟ كيف يتسنى لى أن أتصل ليحصل ابنى على موقع مرموق لأنه ابنى أو قريبى، وليس لأنه جدير بالموقع ؟ كيف نسن التشريعات، ثم نمضى وقتنا فى اتصالات تليفونية أو غير تليفونية لنقل هذه من هذا الموقع إلى ذاك الموقع الأفضل، وتعيين فلان فى هذا الموقع ذات الامتيازات التى حصل عليها ذات الشخص لسنوات طويلة ولم يحصل عليها غيره لأنه قريب أو نسيب أو على صلة ما بفلان صاحب المنصب؟ كيف تخول لنا أنفسنا أن نصبح مسؤولين كبارا ثم نقبل أن نكون طرفا فى تسهيل استيلاء بعض الناس على مواقع أو منافع تحق للغير من أجل أن نثبت قوة اتصالاتنا أو علو مركزنا؟ كيف نكون كبارا ونحن نلقى الكلمات العظيمة ثم نخرب الحياة ونسد مسامها بتصرفاتنا ونحبط العزائم ونضيع تعب وشقاء السنين على أناس أخلصوا فى كدهم وكفاحهم، دون ذنب أو جريرة ؟ وكيف نقدم إلى البلد والى النظام من لا يستحقون ما حصلوا عليه من المواقع ؟ أليس هذا عملا غير وطنى وأنانى وغير مسؤول ؟ أليست المحاباة عملا فاسدا واجراميا مثل الرشوة ؟ 
 
لماذا نقبض على من يرتشون المال ولا نقبض على أرباب الواسطة والمصالح الفجة المتبادلة والكوسة والفاصوليا وأصحاب الأولويات ؟ ألن يقودنا هذا الطريق إلى البقاء محلك سر ؟ ألن تساعد الواسطة والمحسوبية على نشر الخواء الوطنى وهروب القدرات الجادة إلى الخارج ؟ 
 
إن مجتمع الواسطة هو مجتمع فاشل يتظاهر بالشرف والسمو، ولكنه لا يستحق إلا الفشل ولا يحصل إلا عليه . إذ ماذا يمكن لمن لا يملك أن يقدم شيئا فى مكان ليس أهلا له ؟ وماذا يكسب الوطن حين يسعد فرد اغتصب حقوق الناس - بواسطته واتصالاته وصلاته - ويحزن ألف ظنوا أن من يتشدقون بالحق والشرف ومحبة الوطن ويغرقون نشرات الأخبار بالأغانى الوطنية ليلا ونهارا أناس جادون ؟! 
 
سر نجاح الأمم يكمن فى إيمان أفرادها جميعا بحب الوطن لهم وإخلاصه لهم - مثلما يخلصون له ويحبونه كثيرا – وقدرة هذا الوطن على هزيمة المنافقين وإفشال مخططهم فى رشوته والاستيلاء عليه لحفنة لا تعبأ إلا لنفسها فقط . أن النجاح والبقاء والشرف لمن اجتهد - ولو كره الكارهون - والخير فيه للوطن وليس فيمن كانت واسطته كذا أو كذا ويهنأ بما استولى عليه من الغير . حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه إلى الخير كله .                                 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة