العالمون ببواطن أمور آلية اتخاذ القرار فى السياسة الخارجية الأمريكية يعلمون علم اليقين أنه لا يكون أبدا قرارا فرديا، وهو ما يعنى أن القرار الذى أعلنه الرئيس الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس المحتلة هو بالتأكيد قرار مدروس بعناية من الإدارة الأمريكية ويعكس بكل وضوح سياستها الخارجية المعلنة منذ وقت طويل بدعمها التام للكيان الصهيونى لأسباب عديدة لا تخفى على أحد، لذا فإن سياسة صب اللعنات على الرئيس الأمريكى ليست بالتأكيد هى السبيل الصحيح لإستعادة حقنا المسلوب، لأنه لن يضير «العاهرة» أبدا أن تصفها بذلك.
وفعلا لرب ضارة نافعة.. فمن المهم الآن أن نستثمر زخم الإجماع الدولى الرافض بشدة لهذا القرار، فلابد أن تشعر الإدارة الأمريكية بفتور شديد فى العلاقات على المستويين الرسمى والشعبى، وحسنًا فعل الإمام الأكبر شيخ الأزهر برفضه استقبال نائب الرئيس الأمريكى، كما أرجو أن يكون هناك إجماع شعبى داخلى وإقليمى على الأقل بالمقاطعة التامة الحقيقية والمستمرة لكل البضائع الأمريكية مهما بلغت حاجتنا إليها، لأن الشىء الوحيد الذى من شأنه أن يؤثر فى قرارات الإدارة الأمريكية هو أن تشعر أن مصالحها الاقتصادية والسياسية قد أصبحت على المحك.. ومن المهم للغاية كذلك أن ندرك أنه إذا فشلنا هذه المرة فى التكاتف والتوحد وممارسة ضغط حقيقى وفاعل لاستعادة حقنا المسلوب، فلن نستطيع فعل ذلك مرة أخرى أبدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة