سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10ديسمبر 1819.. محمد على فى مسجد السلطان الغورى لمشاهدة موكب ابنه «إبراهيم» احتفالا بالانتصار على الوهابيين

الأحد، 10 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10ديسمبر 1819.. محمد على فى مسجد السلطان الغورى لمشاهدة موكب ابنه «إبراهيم» احتفالا بالانتصار على الوهابيين إبراهيم باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل إبراهيم باشا إلى مصر يوم 9 ديسمبر عام 1819 بعد أن حقق انتصاراته الكبيرة على الوهابيين فى شبه الجزيرة العربية، وأخضع بلادها لنفوذ والده «محمد على باشا» راجع: «ذات يوم.. 9 ديسمبر 2017»، وكان وصوله من ناحية «القصير» حسب «الجبرتى» فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» الجزء الثامن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، ويقدم الجبرتى وصفا تفصيليا لما كانت عليه الأحوال فى مصر من بهجة وأفراح بمناسبة قدوم «الباشا ابن الباشا»، قائلا: «كان قبل وروده بأيام وصل خبر وصوله إلى القصير (على البحر الأحمر)، وضربوا لذلك الخبر مدافع من القلعة وغيرها، ورمح المبشرون لأخذ البقاشيش من الأعيان، واجتمعت نساء أكابرهم عند والدته ونسائهم للتهنئة».
 
فى أثناء غياب «إبراهيم» عن مصر لقيادته الحملة المصرية، وبعد أن توالت أنباء انتصاراته، أمر الباشا الكبير أن يتم تشييد قصرا خاصا للابن الذى سيعود، وحسب الجبرتى: «نظموا له القصر الذى كان أنشأه ولى خوجة وتممه شريف بك الذى تولى فى منصبه، وهو بالروضة بشاطئ النيل تجاه الجيزة، وعند وصول المذكور عملوا جسرا من الروضة إلى ساحل مصر القديمة على مراكب من البر إلى البر، وردموه بالأتربة من فوق الأخشاب، وفى ذلك اليوم «9 ديسمبر» وصل قابجى من دار السلطنة بالبشارة بمولود ولد لحضرة السلطان، وطلع إلى القلعة فى موكب».
 
تزينت مدينة القاهرة بأبهى وسائل الزينة، وحسب الجبرتى: «عند وصول إبراهيم باشا نودى بزينة المدينة سبعة أيام بلياليها، فشرع الناس فى تزيين الحوانيت والدور والحانات بما أمكنهم، وقدروا عليه من الملونات والمقصبات»، وكان للأقباط مشاركة خاصة فى ذلك يذكرها الجبرتى: «وأما جهات النصارى وحاراتهم وخاناتهم، فإنهم أبدعوا فى عمل تصاوير مجسمة وتماثيل وأشكال غريبة، وشكا الناس من عدم وجود الزيت والشيرج، فرسموا بجملة قناطير شيرج تعطى للزبائن لتباع على الناس بقصد ذلك، فيأخذونها ويبيعونها بأعلى ثمن بعد الإنكار والكتمان».
 
هكذا بدت القاهرة يوم 9 ديسمبر أما اليوم التالى الجمعة 10 ديسمبر «مثل هذا اليوم» عام 1819، ومع مواصلة الاحتفالات فى القاهرة، تم الترتيب لموكب لإبراهيم، وعن ذلك يقول الجبرتى: «لما أصبح يوم الجمعة «22 صفر 1235، 10 ديسمبر 1819، عدى إبراهيم باشا إلى بر مصر ودخل من باب النصر وشق المدينة، وعلى رأسه الطلخان السليمى من شعار الوزارة، وقد أرخى لحيته بالحجاز، وحضر والده «محمد على» إلى قصر الغورية بقصد الفرجة على موكب ابنه، وطلع بالموكب إلى القلعة، ثم رجع سائرا بالهيئة الكاملة إلى جهة مصر القديمة، ومر على الجسور، وذهب إلى قصره المذكور بالروضة».
 
يؤكد «جيلبرت سينويه» فى كتابه «الفرعون الأخير» ترجمة: «عبدالسلام المودنى» عن «منشورات الجمل- بيروت»، أن محمد على اكتفى بالنظر من مسجد السلطان الغورى تاركا لابنه كل المجد، ومكتفيا بالوقوف كمشاهد للعرض الذى مضى كشريط على امتداد شوارع القاهرة، آملا ألا ينزع حضوره شيئا من مجد المنتصر، ويذكر الدكتور عبدالحميد البطريق فى بحثه «إبراهيم باشا فى بلاد العرب» المنشور ضمن كتاب «ذكرى البطل الفاتح إبراهيم» عن «الجمعية الملكية للدراسات التاريخية- دار الكتب- القاهرة»: «شهدت العاصمة يوما من أيام التاريخ لم تر له مثيلا فى ذلك العصر، ولكن شخصا واحدا كانت تبحث عنه الأنظار والأفئدة فلا ترى له أثرا، ذلك هو الأب البار محمد على بك الكبير، إذ آثر ألا تقع عليه الأنظار فى ذلك اليوم، فاليوم يوم إبراهيم، فلا يجب عندئذ أن يؤثره أحد بالتمجيد أو الهتاف، فولده البطل أولى اليوم منه بأن يتمتع بكل الحفاوة وكل التقدير، واكتفى محمد على الكبير بأن يتخذ له فى مسجد السلطان الغورى مقعدا بسيطا شهد فيه الاحتفال العظيم حتى إذا مر أمامه ابنه إبراهيم طفرت دموع الفرح من عينيه، وبسط يديه لله حامدا، داعيا إلى الله أن يحفظ له إبراهيم».
 
كيف تلقى «إبراهيم» كل هذا الابتهاج به؟، يجيب الجبرتى: «ورجع إبراهيم باشا من هذه الغيبة متعاظما فى نفسه جدا، وداخله من الغرور، حتى أن المشايخ لما ذهبوا للسلام عليه والتهنئة بالقدوم، فلما أقبلوا عليه وهو جالس فى ديوانه لم يقم لهم، ولم يرد عليهم السلام، فجلسوا وجعلوا يهنئونه بالسلامة، فلم يجبهم ولا بالإشارة، بل جعل يحادث شخصا سخرية عنده، وقاموا على مثل ذلك منصرفين ومنكسفين ومنكسرى الخاطر».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة