يبدو أن تنظيم داعش يمثل مفاتيح مهمة لعمليات تمويل ودعم الإرهاب، واحد من أكثر الأغاز الإقليمية والدولية تعقيدا، ليس فقط للظهور المفاجئ ونجاحه فى اجتياح مناطق مختلفة، لكن أيضا لحجم التمويل المالى واللوجستى الذى حصل عليه من دول ومنظمات وأجهزة مخابرات، بل وشركات عالمية كبرى، فهناك تحقيقات يجريها القضاء الفرنسى رسميا مع «أريك أولسن»، المدير العام السابق، واثنين آخرين لشركة الأسمنت العملاقة لافارج هولسيم الفرنسية السويسرية، حول قيام الشركة بتمويل تنظيم داعش بصورة غير مباشرة، يضاف إلى ذلك حالة الغموض التى تحيط بمصير مقاتلى التنظيم بعد تلقيهم هزائم فى العراق وسوريا، واختفاء الآلاف من الإرهابيين مع توقعات بإعادة انتشارهم وتوجيههم إلى دول أخرى.
وكانت آخر التصريحات المثيرة حول داعش، التى أطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى قال خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية فى أنقرة: «الإرهابيون الذين غادروا الرقة أرسلوا إلى مصر لاستخدامهم هناك فى صحراء سيناء».
تصريحات أردوغان تزامنت مع تحقيق نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، «سر الرقة القذر» فى 15 نوفمبر، عن صفقة أدت إلى خروج مئات مقاتلى تنظيم «داعش» مع عائلاتهم من الرقة- عاصمة داعش السابقة- وجمعت بى بى سى شهادات من سائقى شاحنات وحافلات نقلوا بأنفسهم المئات من مقاتلى «داعش» مع عائلاتهم، بعلم من التحالف الدولى بقيادة أمريكا، وميليشيات قوات «سوريا الديمقراطية»، وتحدثت مع رجال دخلوا فى مفاوضات لإتمام الصفقة مع «داعش»، ونقلت عن «أبوفوزى» سائق إحدى الحافلات التى نقلت الدواعش أنهم استمروا لثلاثة أيام فى نقل دواعش وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، ويقدر عدد من تم نقلهم بحوالى 4 آلاف من بلدان مختلفة، بينها فرنسا، وتركيا، وأذربيجان، وباكستان، واليمن، والسعودية، وتونس، ومصر» فى قافلة طولها 6 كيلومترات، من 50 شاحنة، و13 حافلة، وأكثر من 100 سيارة تابعة لمقاتلى «داعش».
وبالرغم من أن تحقيق بى بى سى لم يشر إلى الجهات التى تم نقل مقاتلى داعش إليها، فإن تصريحات أردوغان حول إرسال إرهابيين إلى سيناء تكمل الصورة، وتدعمها تقارير أخرى عن إعادة نشر إرهابيى داعش فى دول وجهات أخرى، ضمن صفقة جديدة لا تبعد كثيرا عن الجهات التى مولت هذه التنظيمات، من بينها قطر ومنها تركيا، وقد اعترف وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم بتمويل بلاده للإرهابيين ضمن اتفاقات مع دول التحالف.
تحقيق بى بى سى يذكر موافقة دول التحالف، بقيادة أمريكا وبريطانيا فى صفقة تهريب الدواعش، وكانت تركيا إحدى المحطات المهمة فى دخول الإرهابيين والمرتزقة إلى سوريا والعراق، ويشير تحقيق بى بى سى إلى أن «أبومصعب حذيفة»، رئيس مخابرات «داعش»، من بين الدواعش الذين تم نقلهم ضمن صفقة التهريب، واعتقل على الحدود السورية أثناء محاولته الفرار إلى تركيا مع آخرين، ونقلت عنه: إن مفاوضات خروج مقاتلى «داعش» من الرقة بدأ يوم 10 أكتوبر الماضى.. تحقيق يحذر مما وصفها بـ«الصفقة القذرة»، وقال: إنها تهدد العالم، خاصة أن كثيرا من مقاتلى التنظيم الأجانب توعدوا بالقيام بعمليات إرهابية فى أوروبا.
وكانت مصر من أكثر الدول التى تواجه الإرهاب، وحذرت كثيرا من الصفقات القذرة لتمويل ونشر الإرهاب، ويدعم ما نشرته بى بى سى وجود هذه الصفقات، وينتظر أن تتكشف الكثير من التفاصيل عن هذه الصفقات.