حسناً فعل الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بقراره سحب الجانب الأكبر من قواته فى سوريا، ويا حبذا لو فعلت الدول الأخرى، التى تعبث جيوشها فى المستنقع السورى، فالخراب لم يأت للمنطقة إلا على قدوم جيوش الاحتلال، ولا يعلم أحد لماذا جاءوا، إلا لتفتيت المنطقة وتشتيت شعوبها وتفكيك جيوشها، لتصبح لقمة سائغة فى فم الجماعات الإرهابية.
لكن هل تحررت سوريا تماماً من داعش، كما صرحت موسكو منذ أيام وعليه قرر الرئيس الروسى سحب جيشه؟ وهل تعود سوريا الموحدة التى ينعم شعبها بالهدوء والاستقرار؟ ومن يتحمل الفاتورة الفادحة لإعادة الإعمار؟ وأسئلة أخرى كثيرة ما زالت الإجابات عنها غامضة.
منذ أيام احتفل العراق بتحرير ترابه الوطنى من داعش، واكتمل التحرير بالسيطرة على الحدود السورية العراقية، بما يعنى أنه تم طردهم إلى سوريا، وانتقال مسرح العمليات إلى المناطق الحدودية، ومنذ أيام أعلن أردوغان التخلص من عناصر داعش وترحليهم إلى سيناء، ولا أظن ذلك صحيحاً، لأن سيناء بالكامل تحت سيطرة القوات المصرية، ولا يمكن نقل إرهابيين إليها بأعداد كبيرة.
سيناء لم تكن ولن تكون ساحة جديدة لداعش ولا لغيرها من الجماعات الإرهابية، ولن يمضى وقت طويل حتى يتم القضاء على آخر عناصرهم الإجرامية، الذين يختبئون فى الجحور ولا يجرأون على الظهور العلنى لمواجهة قوات الشرطة والجيش، ويساعد فى القضاء على فلولها التعاون الدولى فى مجال تبادل المعلومات، وتجفيف منابع الإرهاب، وقطع خطوط الاتصال، وهو ما أكده الرئيس الروسى فى زيارته للقاهرة.
وإذا كانت سوريا قد تخلصت من داعش - على حد التصريح الروسى - فلماذا تبقى القوات الفرنسية حتى فبراير المقبل وتكثف غاراتها؟ ولماذا يظل موقف قوات التحالف الأخرى غامضاً؟ وماذا عن الدعم العربى المقدم لبعض الفصائل لمساعدتها ضد نظام بشار الأسد؟
كانت الرؤية المصرية ثاقبة، عندما أكدت منذ البداية أن التسوية ليست رهناً برحيل بشار الأسد، فالقضية الأهم هى وقف إطلاق النار، وتأمين الشعب السورى، وإقرار حقه فى اختيار نظام الحكم الذى يريده، والعودة الطبيعية لملايين المهاجرين إلى وطنهم من جديد.
وعارضت مصر توسيع دائرة الحرب، وفتح جبهات جديدة تزيد اشتعال المنطقة، فى الوقت الذى لم تسكت فيه المدافع فى الجبهات الأخرى التى تنزف دماً، ثم تتركها الحروب والغارات أنقاضاً وخراباً ودماراً، وتحتاج مليارات الدولارات وعشرات السنين لتعود كما كانت.
جاءت القوات الروسية إلى سوريا فجأة، ثم تعلن الرحيل فجأة.. وما بين المجىء والرحيل علامات استفهام كثيرة حول استهداف الجيوش الأجنبية لدول المنطقة.