نقلا عن العدد اليومى..
- هيئة الرقابة المالية: فى حالة ورود أى شكاوى ستتم إحالتها للجهات المختصة ومباحث الأموال العامة
- مساعد وزير الداخلية الأسبق لمباحث الأموال العامة: نحن أمام جريمة غسل أموال جديدة تأتى بالخراب على الاقتصاد المصرى.. وأطالب «المركزى» ومجلس النواب بتشريع لتجريم التعامل بـ«البيتكوين»
- وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب: أدعو مسؤولى «المركزى» و«المالية» للاجتماع باللجنة ودراسة تأثيراتها على الاقتصاد المصرى.. ويتساءل: هل استخدمت «البيتكوين» كوسيلة للخروج الآمن للأموال من مصر بعد الثورة؟
- الشركة تبلغ محررة «اليوم السابع» بإمكانية شراء وبيع «البيتكوين» من خلالها مقابل «سمسرة»
- متعامل سابق فى العملة الافتراضية: «البيتكوين فى مصر سوق سوداء مفيهاش أى حاجة رسمية.. وبتحصل عمليات نصب كل يوم»
- «اليوم السابع» تطلب شراء «بيتكوين» من خلال شركة نشاطها المعلن على موقعها الإلكترونى استضافة وتصميم المواقع الإلكترونية.. و«السجل التجارى»: لا توجد شركة بهذا الاسم فى مصر
قبل أكثر من ثلاثة أشهر، أعلن البنك المركزى المصرى موقفًا قاطعًا من التعامل بالعملات الافتراضية وأشهرها «البيتكوين»، مؤكدًا عدم وجود نية للتعامل بها حاليًا، ورغم ذلك هناك سوق غير رسمية فى مصر واسعة الانتشار، تضم الآلاف ممن يتعاملون فى شراء وبيع «البيتكوين»، وبعض الشركات أيضًا تعمل فى هذا النشاط دون ترخيص، فيما يشبه السوق السوداء للدولار التى عانت منها مصر قبل تعويم الجنيه، وهو ما تكشف عنه «اليوم السابع» فى هذا التحقيق. تزداد المخاوف من هذه السوق الغامضة فى ظل عدم القدرة على معرفة المتعاملين فيها، سواء بيعًا أوشراء، لأن «البيتكوين» أو غيرها من العملات الرقمية هى مجرد عملات افتراضية على الإنترنت، ليس لها أى وجود مادى ملموس، ولا تخضع لرقابة أى بنوك مركزية فى العالم، ومن السهل جدًا استخدامها فى تمويل العمليات والتجارة غير المشروعة أو العمليات الإرهابية، وهو ما يصعب تتبعه على الإطلاق، على عكس التعامل بالأموال والتحويلات البنكية العادية أو الأصول الملموسة التى يسهل تتبع المتعاملين عليها.
رغم تحذير العديد من البنوك المركزية على مستوى دول العالم المختلفة، فإن الإقبال على التعامل بهذه العملة لاقى رواجًا عالميًا فاق كل التوقعات، وتخطى كل التحذيرات باعتبارها فقاعة ستنفجر قريبًا بعد أن وصلت إلى أعلى سعر لها، متخطية حاجز الـ17 ألف دولار لـ«البيتكوين» الواحدة.
ووصل سعر «البيتكوين» أعلى مستوى له أمس الثلاثاء، متخطيًا سعر 17 ألف دولار، وهو السعر الأعلى فى تاريخه، ولم يكن أحد يتصور أن سعر العملة التى بدأ تداولها مطلع عام 2009 مقابل 1 دولار، بإمكانها القفز بهذه السرعات الجنونية، خاصة فى عام 2017 الذى مثّل عام الصعود الرهيب لـ«البيتكوين»، الذى بدأ سعره مطلع العام بأقل من ألف دولار، ليصل مع قرب نهاية العام إلى أكثر من 17 ألف دولار، أى أن من اقتنى هذه العملة مطلع العام حقق أرباحًا بنسبة فاقت 1000%، وهى أرباح لا يمكن أن تحققها تجارة أخرى بالعالم.
هذه الأرباح الخيالية كانت سببًا فى أن تنمو التعاملات بها فى جميع دول العالم دون أن تمنح اعتبارًا، لرفض العديد من البنوك المركزية بالدول المختلفة الاعتراف بها، وظلت مصر بعيدة عن هذه السوق التى ظهرت فى العالم عام 2009، وظلت تنمو بصورة متسارعة، ولكن سرعان ما انتبه الباحثون عن المكاسب السريعة فى مصر إلى هذه السوق الافتراضية التى لا وجود لها إلا عبر الشبكات العنكبوتية المعقدة.
- ولكن كيف يتعامل بائعو ومشترو «البيتكوين» فى مصر رغم عدم قانونيتها؟
فى منتصف شهر أغسطس الماضى، أعلن شخصان عن قرب إطلاق منصة للتداول على «البيتكوين» فى مصر، تؤسسها شركة تحت مسمى «ب. م»، وقالا إنهما تقدما بأوراقهما إلى الجهات الحكومية، ولكن ما أعلن وقتها أنها ستكون بورصة للتداول، ولكن سارعت هيئة الرقابة المالية لنفى الخبر، مؤكدة أنه لن يتم إطلاق أى بورصات جديدة باستثناء بورصة السلع التى تسعى الحكومة لتأسيسها، وأعلن البنك المركزى وقتها أنه لا نية للسماح مطلقًا بالتعامل من خلال العملات الرقمية فى مصر.
بهذه التصريحات أسدل الستار على الحديث عن أى تعاملات مقننة لـ«البيتكوين» فى مصر، وهنا كانت السوق على استعداد تام للتعامل والنشاط بصورة كبيرة فى سوق «البيتكوين» غير الرسمية، أو ما يمكن تسميته «السوق السوداء للبيتكوين» فى مصر عبر صفحات التواصل الاجتماعى التى يصعب مراقبتها أو تعقبها، وهو نفس الحال لـ«البيتكوين» التى لا يمكن معرفة مشتريها أو بائعيها أو من يملكها ويتعامل بها.
عندما تبحر فى صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ستجد عددًا كبيرًا من الصفحات التى تتحدث عن «البيتكوين»، وهنا تنشط التعاملات بين حائز لـ«البيتكوين» يسعى لبيعه، ومشتر يبحث عن بائع، ويحدد كل بائع سعر «البيتكوين» الذى سيبيعه، وهنا يبدأ الحوار بين البائع والمشترى والاتفاق على طريقة السداد، التى إما تكون من خلال تحويل بنكى مباشر لأى من البنوك العاملة بالسوق المصرية، أو من خلال خدمة تحويل الأموال عبر الموبايل، أو حتى من خلال تحويل مالى عبر البريد، ولأن التحويلات المالية شخصية، أى من شخص لآخر، فلا يمكن لأى جهة تتبع عمليات بيع وشراء هذه العملة الافتراضية على الإطلاق.
إحدى هذه الصفحات باسم «B. E» لكنها ليست صفحة نشطة تنشر الجديد، تواريخ نشر التدوينات الخاصة بها يرجع إلى عام 2012 و2015، لكن رغم ذلك تجد العديد من التعليقات الجديدة على هذه التدوينات القديمة لراغبى بيع وشراء «البيتكوين».
وهناك مجموعات عديدة متخصصة فى بيع وشراء «البيتكوين» من خلال الـ«فيس بوك» فى مصر، منها مجموعة «جروب» مغلقة تسمى «م. ب. ا» أو «A. B. C»، وهى مجموع منشأة منذ عام واحد فقط تضم فى عضويتها حوالى 27830 عضوًا، ويمكن أن يدل على حجم التعاملات الكبير الذى يتم من خلال هذه الصفحة، أن يومًا واحدًا فقط هو يوم السبت الماضى تم نشر 1080 منشورًا بالمجموعة.
حاولت «اليوم السابع» التواصل مع مؤسس الصفحة أو مشرفها عبر موقع التواصل الاجتماعى، لكن لم نتلقَ ردًا، ولكن ما يثير الانتباه أن مؤسس الصفحة، ويدعى «إ.خ»، نشر تدوينة على صفحته الخاصة على الـ«فيس بوك» أعلن فيها اعتزاله العمل فى هذا المجال تمامًا، وذلك بتاريخ 9 نوفمبر الماضى، وكتب قائلا: «قررت اعتزال العمل نهائيًا بعد عمل 7 سنين فى مجال الأون لاين، و4 سنين فى مجال العملات الرقمية والبيتكوين دون رجعة، واعتذارى للجميع، وأنا تشرفت بمعرفتكم جميعًا، وأتشرف أكتر باستمرار معرفتكم، ولكن بعيدًا كل البعد عن مجال الأون لاين بكل الأنواع، وأى رسالة تجيلى خاصة بالمجال للأسف لن يمكننى الرد عليها».
وجاء أحد التعليقات على هذا المنشور متوقعًا وجود اتهامات أمنية من الأموال العامة أدى لاعتزال مؤسس المجموعة العمل فى هذا المجال، وهو ما قد يوحى بأن هناك نشاطًا لمباحث الأموال العامة فى ملاحقة المتعاملين فى هذه العملة بمصر.
- ولكن كيف يتعرف بائعو ومشترو «البيتكوين» على بعضهم البعض؟
ولأن التعامل فى العملات الرقمية لا يقتصر على دولة أو منطقة بعينها، ولا يمكن لأحد أن يعرف حائزى «البيتكوين» فى العالم، يوجد العديد من المنصات الدولية التى تجمع حائزى العملة الافتراضية، وراغبى البيع والشراء، والتى يمكن من خلالها التعرف على بعضهم البعض، ومنها منصة «L. B»، التى ستجد عليها العديد من عارضى البيع والشراء من مصر، وتضع المنصة طريقة الدفع وتحويل الأموال مقابل اقتناء «البيتكوين»، وأغلبها يتم من خلال تحويلات بنكية، بحسب البنك الذى يملك الشخص حساب خاص عليه، وهو ما يعنى أن أموال السوق السوداء لـ«البيتكوين» يتم تحويلها بطرق مشروعة تمامًا عبر البنوك العاملة فى السوق المحلية، دون أن يعرف أحد أين توجه هذه الأموال.
ويصف أحد المتعاملين السابقين فى «البيتكوين»، والذى طلب عدم ذكر اسمه، خوفًا من التعرض لأى مضايقات، التعامل بـ «البيتكوين» فى مصر بأنها «سوق سوداء مفيهاش أى حاجة رسمية»، متابعًا: «طالما مافيش حاجة رسمية أو أى قواعد تنظيمية فى السوق بتحصل عمليات نصب كل يوم، لأن القانون لا يحمى من هو غير موجود، ولأنه لا يوجد أى تصاريح أو تراخيص لمزاولة هذا النشاط، فهناك العديد من الشركات التى ليس لها وجود فعلى تعمل بالسوق، وهى لا تتعدى مجرد صفحات على الفيس بوك كأنهم بيبيعوا الهوا».
وعن سبب توقفه عن ممارسة النشاط، قال: «لقيت الدنيا نصب وسوق سوداء، رغم إن فيه ناس شغالة باحترام، لكن طالما الحكومة رفضت تقنين التعامل بالبيتكوين، فلن أعمل فى نشاط غير مسموح به فى مصر وأضع نفسى تحت طائلة القانون».
خطورة الأمر لم تقف عند هذا الحد، خاصة أن هناك شركات- أو هكذا تطلق على نفسها- تعمل فى موضوع تجارة «البيتكوين»، يكون دورها هو مساعدة الراغب فى الشراء على فتح محفظة باسمه للعملات الافتراضية التى يختارها، ويمكن أيضًا أن تقدم له خدمات البيع والشراء لحسابه مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها «سمسرة»، بل وتتيح للعميل خيار تحويل الأموال التى سيشترى بها العملات الافتراضية بالدولار أو بالجنيه المصرى، وعبر أى طريقة تحويل مناسبة.
إحدى هذه الشركات يروج لها متعاملو «البيتكوين» على صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بأنها من الشركات العاملة بالمجال، والتى تعد أكثر ضمانًا من التعامل مع الأفراد، وهو ما يعرض البعض لعمليات نصب، هذه الشركة تدعى «ع».
بزيارة سريعة لموقع الشركة على الإنترنت، تجد أن نشاط الشركة المعلن هو استضافة وتصميم المواقع الإلكترونية، ويتضح أن هذه الشركة تعمل فى دولتين، هما مصر والسعودية، من خلال الحسابات البنكية التى تتعامل بها الشركة مع عملائها، حيث تتيح تحويل الأموال عبر عدد من البنوك العاملة فى السعودية وأيضًا فى مصر، وجميع الحسابات البنكية مسجلة باسم شخص واحد يدعى «سامح. ف. م. م»، وليس باسم الشركة، وهو ما يعنى أن التحويلات التى تستقبلها الشركة فى مصر نظير تقديم خدماتها للجمهور تتم على حساب شخصى، وليس على حساب باسم شركة.
وتتيح الشركة لعملائها خدمة الدعم الفنى عبر التواصل مع موظفيها من خلال محادثة إلكترونية «شات» عبر الموقع الإلكترونى للشركة نفسه، وهو ما فعلته «اليوم السابع»، حيث طلبنا شراء العملة الرقمية «بيتكوين» من خلال الشركة، وعلى الفور رد أحد موظفى الشركة، وهو من السعودية وقام بشرح طبيعة التعامل على العملة، وكيف أنه يحتاج دراية كافية من العميل حتى يبدأ فتح محفظة للتعامل عليها، ولابد أن يكون العميل على دراية كافية بموضوع تأمين الحسابات لأنه من الممكن جدًا اختراق حسابه وسرقته، وهذا يتم من أقرب الأصدقاء.
وعند سؤاله حول طبيعة التعامل فى مصر، قام على الفور بتوجيه أحد موظفى الدعم الفنى من مصر لاستكمال الحوار، حيث إن الموظف الأول سعودى الجنسية، وأفاد بأن الشركة بالأساس مصرية سعودية.
فى بداية الحوار سألنا موظف الخدمة الذى لم يكن مصريا ويبدو من كلماته أنه ينتمى لجنسية خليجية «لماذا تريدون البيتكوين»؟ رددنا بأننا نراه وعاء مناسبا للادخار، استفسر الموظف إن كنا قد سمعنا عنه من قبل أم لا؟ رددنا عليه: «لا قرأنا عنه فقط على الإنترنت وسمعنا أن أسعاره ترتفع بسرعة جنونية»، ولا نعرف إن كان الشراء سهلا أم صعبا، جاء الرد بأن الشراء سهل جدا فى مصر، ونصحنا بأن نجرب بمبلغ بسيط، ونصحنا أيضا أن نعمل على شراء «محفظة إلكترونية» أى «تنويعة من العملات» تحتوى عملتين إلكترونيتين، هما «البيتكوين»، و«الثريوم»، ونصحنا بفتح حساب فتح حساب شراء إلكترونى.
سألنا هل نستطيع الشراء بالبيتكوين أى منتجات داخل مصر، فجاءت الإجابة بالنفى، ولكنه أجاب بأننا نستطيع بيع العملة من جديد والاستفادة من قيمتها بالدولار، كما أكد لنا أن شركته من الممكن أن تبيع لنا البيتكوين مقابل عمولة، سألنا كيف يمكن أن نحول له الأموال لفتح الحساب فقال عن طريق شركات تحويل الأموال والبريد؟.
عند هذه النقطة حولنا الموظف «الخليجى» إلى زميله المصرى، الذى أعطانا رقم هاتف موجود فى مصر للتواصل معه بشكل أفضل، سألنا عن عنوان الشركة، فقال إن لديهم 3 فروع فى مصر.
وهنا يتضح معرفة موظف الدعم الفنى تمامًا بعدم مشروعية ما تقوم به شركته، ولذا لا تذكر الشركة على موقعها الإلكترونى أى حديث عن التعامل فى تجارة «البيتكوين»، ويبرر ذلك بأن أى شىء يبدأ هكذا.
بالبحث الأولى على موقع الشركة، ومن تكون، أو من هم المساهمين بها، لا تجد أى معلومات على الإطلاق، وحتى العنوان المذكور للشركة هو القاهرة - مصر، دون ذكر للاسم التجارى أو تاريخ التأسيس أو أى معلومة أخرى، فى حين أفاد موظف الدعم الفنى للشركة بأن مقرها فى مصر هو منطقة حدائق الأهرام بالجيزة.
وكما هو متوقع فى مثل هذه الحالات، لم نجد الشركة مسجلة فى أى سجل تجارى فى القاهرة أو الجيزة، حيث تم البحث فى السجل الجارى بوزارة الاستثمار الذى تسجل به الشركات المساهمة وشركات الأموال، كما تم البحث فى السجل التجارى للغرفة التجارية بالقاهرة والجيزة، وأيضًا السجل التجارى لمنطقة الجيزة، وهى السجلات التى يمكن من خلالها تسجيل الشركات الفردية وشركات الأشخاص، ولم نجد أى شىء حول هذه الشركة، بما يعنى أنها ليست شركة بالأساس، رغم ما أكده موظف الدعم الفنى بأنها شركة مصرية - سعودية.
هذه الشركة ليست الوحيدة، فهناك العشرات منها يعرفه المتعاملون فى سوق العملات الرقمية، ولكن لا تعرف عنه الجهات الرقابية شيئًا، فما موقف القانون منها؟
شريف سامى، خبير الاستثمار والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية التى تتولى الرقابة على الأنشطة المالية غير المصرفية، قال إنه من الوارد أن تقوم شركات بمزاولة نشاط دون ترخيص، وفى حالة قيام شخص أو جهة ما بتقديم شكوى ضد هذه الشركة فيعرض نفسه لعقوبات قانون توظيف الأموال، واصفا هذا الأمر بأنه إحدى أشكال توظيف الأموال مثل الريان والسعد.
وأوضح سامى، أن التعامل بالبيتكوين أو أى من العملات الرقمية هو نشاط ملىء بالمخاطر، وقبل الحديث عن السماح به أم لا.. يجب أن نسأل هل هناك أى ميزة تعود على الاقتصاد المصرى من التعامل بهذه العملات؟
أكد سامى أنه من الصعب إثبات تعامل أفراد وشركات فى هذا النشاط الذى يتسم بالغموض، وإذا تمكنت مباحث الأموال العامة من إثبات ذلك وقتها يمكن معاقبته.
- ولكن هل تتتبع الجهات الرقابية فى مصر هذا النشاط الذى حذر البنك المركزى منه وأعلن عدم الاعتراف به؟
اتصلنا برضا عبدالمعطى، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية الحالى، الذى أعلن من قبل عدم الموافقة أو السماح لأى شركة بتأسيس بورصة للتعامل بالبيتكوين فى مصر، وقال لـ«اليوم السابع»: «ما تفعله هذه الشركات هو نشاط غير مرخص به لكن لا يقع ضمن اختصاص الهيئة ولكنه من اختصاص البنك المركزى، لأنه نشاط مصرفى، وفى حالة ورود أى شكاوى فستتم إحالتها للجهات المختصة».
ومن جانبه قال مجدى نبيل، مدير إدارة التداول بهيئة الرقابة المالية، إن المسؤول الأول عن هذا الموضوع هو البنك المركزى، لافتا إلى أن إدارته لم تتلق أى شكاوى ضد شركات تمارس هذا النشاط.
وأوضح نبيل أنه فى حال تلقى أى شكاوى ستتم إحالتها إلى البنك المركزى ومباحث الأموال العامة التى تبحث هذا الموضوع، وقال إنه بعد إعلان بعض الأشخاص عن تأسيس بورصة لتداول البيتكوين، وهو ما نفيناه تماما، أخطرنا الجهات الأمنية المتمثلة فى مباحث الأموال العامة وإدارة مكافحة غسيل الأموال.
وأكد نبيل أن قيام بعض الشركات بهذا النشاط لا يندرج تحت تهمة توظيف الأموال، لأنه لا يجمع أموالا فى حسابه الخاص لتوظيفها، وإنما هو يقوم بدور السمسار الذى يساعد العميل فى عمليات البيع والشراء مقابل عمولة، ولأن النشاط غير مصرح به فى مصر فهو يندرج تحت تهمة تسهيل التهريب والاستيلاء على الأموال، وهذا اخصاص مباحث الأموال العامة، حيث تعتبر الشركة فى هذه الحالة مجرد وسيط يأخذ الأموال من العميل ويحولها إلى الخارج مقابل شراء العملات الرقمية.
وأوضح أن العملات الرقمية ووجهت بمقاومة شديدة من البنوك المركزية حول العالم، لأنها تستخدم فى تمويل العمليات الإرهابية والتجارة غير المشروعة بحيث يصعب تتبعها، بل ويقال إن المنظمات الإرهابية هى من اخترعت هذه العملات حتى تكون بعيدة عن رقابة أى جهة فى العالم.
وتواصل أسعار البيتكوين ارتفاعها الجنونى، ويبلغ حجم المتداول منها عالميا حتى أمس الثلاثاء 16 مليونا و736 ألفا و12 بيتكوين، بلغت قيمتها السوقية الأعلى فى تاريخ التعامل بالعملة قبل 7 سنوات، التى بلغت 285 مليارا و594 مليونا و638 ألفا و495 دولارا فإلى أين يذهب البيتكوين فى العالم؟
ولأن المخاوف من العملة الغامضة أصبح يتسع على نطاق البنوك المركزية والحكومات فى العالم، نجد العديد منها حظر التعامل بالبيتكوين وفرض عقوبات قانونية على من يثبت التعامل بها داخل الدولة، وهو ما حدث فى الصين وروسيا التى أعلنت بنكها المركزى عن منع الوصول إلى المواقع التى تتيح تداول هذه العملات، والمغرب التى حظرتها تماما حيث قال البنك المركزى هناك أن من يثبت التعامل بها خاصة مع دولة أجنبية يعرض نفسه للاعتقال، كما حذرت منه البنوك المركزية فى كل من الأردن، والإمارات، وحظرها البنك المركزى اللبنانى.
ورغم وجود العديد من المتاجر التى تقبل البيع بعملة البيتكوين فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الارتفاع الجنونى فى قيمتها ثم الانخفاض فى 24 ساعة فقط، والعودة للارتفاع مرة أخرى، أدى لتحذيرات قوية من مجلس الاحتياطى الفيدرالى مطلع شهر ديسمبر الجارى، حيث اعتبر العملات الرقمية «خطر على النظام المصرفى وأداة للغش».
وتتجاهل العملات الرقمية وتحديدا البيتكوين الحظر والتحذيرات الدولية التى اتسع نطاقها، لكن هل تتخذ مصر موقفا مماثلا وتتجاوز التحذيرات وصولا إلى العقاب القانونى لمتداولين عليها بالداخل بعد أن اتسع النطاق تزامنا مع الزيادة الجنونية فى الأسعار؟
اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية لمباحث الأموال العامة الأسبق، وصف هذه العملة الإلكترونية بأنها «عاملة زى بنك الحظ»، وهى إحدى أنواع الفوركس - والفوركس هو نوع من المضاربة العالمية على العملات والمعادن مثل الذهب، مشيرا إلى أنه من غير المستبعد قيام رجال أعمال بالمضاربة على البيتكوين لتحقيق أرباح سريعة وخيالية.
وحول وجود عقاب قانونى للمضاربين عليها فى مصر، قال مساعد وزير الداخلية الأسبق: إنه يمكن معاقبتهم بعقوبة النصب مثلما حدث من قبل مع المضاربين فى الفوركس، بموجب قانون تجارة النقد.
وطالب المقرحى بقيام البنك المركزى ومجلس النواب بإصدار قانون خاص بحظر تداول هذه العملة ومعاقبة المتعاملين فيها، يكون قانونا رادعا، لأنه يمثل خروجا واضحا للعملة الأجنبية من مصر، وقد يكون وراءها من يعملون فى توظيف الأموال، وهو ما يدخل ضمن جرائم الأموال العامة فى قانون العقوبات المصرى وتصل عقوبته إلى الحبس لمدة تبدأ من 3 سنوات، ويضاف إلى ذلك تهمة الإضرار بالاقتصاد الوطنى.
وأكد المقرحى أن هذه العملة قد تكون إحدى مصادر تمويل الإرهاب خاصة أنه لا أحد يمكنه التعرف على حائزيها أو المتعاملين بها، لافتا إلى أنه قام بدراسة هذا الموضوع من قبل وقام بتنبيه مباحث الأموال العامة إليه، لكن تواجههم صعوبات كبيرة فى إثبات التهمة على المتعاملين فى الوقت الذى يتم التداول بينهم فى مجموعات «جروبات» مغلقة على وسائل التواصل الاجتماعى يصعب تتبعها إلا إذا تلقت المباحث شكوى من أحد أعضاء هذه المجموعات ممن تضرر أو تعرض للنصب، وفى هذه الحالة يمكن تتبع المجموعة.
وردا على وجود أكثر من 27 ألف شخص متعاملون فى العملات الرقمية بداخل مجموعة أو «جروب» واحد فقط على الفيس بوك، قال المقرحى: «دى مصيبة لو عندنا 10 جروبات من دى شغالة على التعامل بالبيتكوين تبقى مصيبة سوداء، وتضر الاقتصاد الوطنى بشدة، لأن العملة هتخرج من البلد بزعم شراء هذا البيتكوين، لتحقيق أرباح خيالية لأشخاص على حساب اقتصاد الدولة».
وحول مراقبة الحسابات الشخصية بالبنوك عند تحويل أموال خاصة نقد أجنبى إلى الخارج، وما إذا كانت الأجهزة المعنية تقوم بذلك أم لا، أوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق أن البنك المركزى يقوم بمراقبة حسابات الأشخاص الجدد فقط ولفترة من الوقت عن طريق إدارة غسل الأموال بالبنك، حتى يتم التأكد من مصدرها، ثم تنتهى هذه الرقابة، وهو ما يجب الانتباه إليه فى الفترة المقبلة، لأن هذه العمليات تدخل فى نطاق جرائم غسل الأموال التى تصل عقوبتها إلى مصادرة الأموال والحبس لمدة تتراوح ما بين 5 و10 سنوات.
وقال المقرحى: «نحن أمام جريمة غسل أموال جديدة تأتى بالخراب على الاقتصاد المصرى وعلى البنك المركزى ومجلس النواب الانتباه».
ومن جانبه النائب عمرو الجوهرى وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، قال إنه من الممكن عمل تشريع بعد التشاور مع البنك المركزى لمن تداول هذه العملة، داعيا لاجتماع بين اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب وممثلين بالبنك المركزى ووزارة المالية للوقوف على خطورة هذا الموضوع ودراسته من كل الجوانب حتى يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة فى حالة ثبوت تضرر الاقتصاد المصرى من هذه التعاملات.
وأكد الجوهرى فى اتصال هاتفى لـ«اليوم السابع»، أن هناك تساؤلات يجب على البنك المركزى الرد عليها وهى: هل البيتكوين منفذا لخروج الأموال من مصر على هيئة مشتروات؟ مضيفا أنه تلاحظ الفترة الماضية تزايد الشراء الإلكترونى من الخارج بصورة كبيرة، وفى حالة عدم وجود رقابة على ذلك من الممكن أن تخرج الأموال من مصر بهذه الطريقة، خاصة أنه فى فترة ما بعد ثورة 25 يناير خرجت أموال كثيرة من مصر لم يكن يدرك أحد كيف خرجت، وقد تكون هذه الطريقة إحدى وسائل الخروج الآمن للعملة.
وعن اكتفاء البنك المركزى بإعلانه عدم السماح بالتعامل فى هذه العملة، دون تجريم واضح للمتعاملين الأفراد بها، قال الجوهرى: «مش كفاية.. لا يجب أن ننتظر حتى تحدث المشكلة ويتفاقم الأمر، علينا طرح الموضوع فى اللجنة الاقتصادية ودراستها من كافة الجوانب قبل اتخاذ الإجراء المناسب».
وأشار الجوهرى إلى أن هذه العملة يمكن أن تؤثر على مصر سلبا، خاصة وأنها سرية ومشفرة، ويمكن استخدامها فى تجارة المخدرات أو تمويل الإرهاب أو غسل الأموال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة