الكاتبة السودانية ٱن الصافى: التنوع الثقافى أحد أسباب قوة المجتمع

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017 06:05 م
الكاتبة السودانية ٱن الصافى: التنوع الثقافى أحد أسباب قوة المجتمع آن الصافى
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


قالت الكاتبة السودانية آن الصافي، إن التنوع الثقافى يجب أن يعتبر من أسباب قوة مجتمعات وليس خلافها، ويحتم واجبنا علينا أن نتواصل ونتناقش فى قضايانا بموضوعية فلنطرح مواضيعنا وإن اختلفنا فليكن لأجل أن نتفق بما فيه مصلحة المجتمعات والأمم فى قارتنا والتى هى جزء من العالم.

 

وترى الصافى فى تصريحات صحفية أن القوة الناعمة كمصطلح حديث يعنى بتوجيه الطاقات الإبداعية الفنية والأدبية وتوجيهها بما فيه مصلحة الإنسان فى كل القطاعات؛ إن الكم المعرفى الذى أصبح للفرد أن يتحصل عليه عبر التقنيات الحديثة من الممكن توجيهه لصناعات والتأثير المباشر يمكن رصده فى القراءات الاقتصادية وهذا أمر يعمل به وثبتت جدواه؛ وأن الأدب وخصوصًا الرواية ليس فقط للترفيه والتسلية بل هناك عمق حقيقى من الممكن تسخيره لإحداث التغيير المرجو نحو حياة أفضل للفرد والمجتمع، والكلمة مسئولية قبل كل شيء فالكلمة يمكنها أن تصنع حضارة ومن الممكن أن تهدمها. عليه نحن فى حقبة تطلب التوجه نحو العلم والأخذ بأسباب النمو والازدهار ويكفينا شكوى ونواح على الماضى بتسخير الطاقات نحو فهم ما نحن عليه فى واقعنا نتيجة لما قدم فى الماضى وعليه ندرس معطيات الأمس بموضوعية، ونخضع ما نحن عليه بالدراسة والتحليل عبر العلم والحيادية وتقديم الحلول الممكنة لإشكالياتنا الحالية ومن ثم التركيز على العطاء بشكل يسهم فى تهيئة أرضية صلبة وخصبة تليق بأجيال المستقبل.

 

اهتمت الأديبة آن الصافى بمعطيات العصر الحالى حيث طالما كررت أنه يجب احترام عقلية المتلقى الذى عاصر التطور الذى شمل الحياة ونحن فى العقد الثانى من الألفية الثالثة. حيث التطبيقات الذكية والثورة المعرفية وتنوع الثقافات أصبح جزءًا من الحياة اليومية التى يعيشها الإنسان والتى أثرت بكل تأكيد على تفكير الفرد وتعاطيه للأمور فلا يوافق أسلوب الكتابة التقليدية الدارج قبل عقود من الزمان مع سرعة التغير ومستجدات الوقت الراهن.

 

تطرح فى حواراتها هذا الرأى (إذا لم نكتب للأجيال الحالية والأجيال القادمة لم نكتب إذن؟)؛ تؤمن بأن الغد سيأتى بمبدعيه وكتابه ولكن يجب من الآن تهيئة الأرضية الموائمة للعصر والتعبير عن الهم والفكر الإنسانى بالشكل اللائق لمعطيات هذه الحقبة الزمانية؛ ليس هذا فحسب فهى تهتم بالتراث واحترام القيم الإنسانية النبيلة والمثل السامية والطاقة الإيجابية للتعاطى مع الحياة وتعكس ذلك عبر السرد بشكل جلي. كما أنها تهتم بطرح العلم: فيزياء، طب.. إلخ عبر السرد ببساطة لأنها ارتأت أن المعلومات العلمية متاحة حاليًا للإنسان فى كل مكان وكل زمان عبر قنوات التواصل والسيل المعرفى بشكل سلس وميسر. تهتم الأديبة بأدب الأقليات والتراث وعبر مواضيعها وتسليط الضوء على إيجابيات كل مجتمع بتضافر الإبداع تجد فى ذلك ثروة وكنوز تسهم حتماً فى نهضة البشرية للأفضل؛ نجدها تعتمد على الكتابة عن الذات الإنسانية، فهى كما تذكر فى حواراتها أن الذات هى أساس ولبنة المجتمع، بتناولها ودراستها وتحليلها نستطيع أن نحملها عبر الادب والإبداع لما هو أرقى وأفضل ومن ثم التأثير فى كل المجتمع؛ أى أنها تؤمن بأن الإبداع طاقة إيجابية وعبر الادب نجد أداة الكتابة هى توعية وتصحيح للأفكار وغرس الإيجابية فى الفرد ومن ثم المجتمع؛ ٱن الأديبة تسعى وتعمل على محاور افكارها ومواضيعها بشكل يتناول الهم الإنسانى فى كل مكان وزمان ربما لترسخ فكرة الثقافة والحضارة الكونية. 

 

للأديبة 5 روايات منشورة وعدة روايات تحتفظ بها فى الوقت الراهن كمخطوطات تنتظر دورها للنشر؛ كما لها كتاب فكرى ثقافى وعشرات المقالات والأوراق المنشورة عبر العديد من الصحف العربية والمواقع المتخصصة:

 

(فُلك الغواية): نسجت فى سرد ماتع وقالب جمع الخيال مع الواقع دون فصل بينهما لتورط القارئ فى قصة حياة فتاة صارعت فى مسارها حياة المادة وقسوة الغربة لتقف بصلابة أمام معاناتها بعد طرح مواضيع وجودية وأسئلة عميقة تجلت فى قراراتها بين الصح والخطأ لتصل لمواطن القوى فيها لتنهض دوماً متابعة بعزم إيجابية مشوار الحياة. يشار إلى أن هذه الرواية حملت فى طيها مضمون علمى (نظريات نيوتن الثلاثة للكتل) عبر بعض الصفحات لتقنع الشخصية المحورية ذاتها ببعض الأمور الغير معقولة لتستوعبها ولا ترضخ لضحالة الأفكار الساذجة كما ترتأى، ويذكر أن الرواية صنفت كأول عمل ينقل السرد العربى للعالمية بجمالياته التى اتسم بها.

 

(جميل نادوند): وجهت هذه الرواية لكل الأعمار بما فيها الناشئة. حيث تنبهت الروائية لفقد المكتبة العربية للروايات الموجهة لهذه الفئة العمرية فى الإقليم العربى توافق عقليتهم والتى واكبت مجريات الحياة فى العقد الثانى من الألفية الثالثة. تناولت قصة طفل أصيب بمرض جعله يعانى من إعاقة لنرى كيف سار فى حياته ليتغلب على مشكلته مع عدد من الأصدقاء كل له هم وأمر يعانى منه؛ تضافرت جهودهم الإنسانية ليشقوا طريقهم بنجاح ليصلوا لمرحلة من التطور لا يفرق بينهم وبين الآخرين فى العمل والحياة.

 

 تعرض الرواية إشكاليات اجتماعية تتعلق بهذه الفئة. الرواية اعتمدت على مزج الخيال بالواقع فى خط سردى شيق مليء بجماليات أدبية من اللغة والفكرة وتعدد الأصوات وتنوع المكان والزمان والاحتفاء بالقيم الإنسانية النبيلة وعرض بساطة الشخصية المحورية وروحها الإيجابية متغلبة على قسوة ومادية الحياة.

 

(توالي): تعتبر هذه الرواية تشريح روحى وفكرى لعقلية ونفسية المبدع فى تعاطيه للحياة وأفكاره التى تشغله مع عوالمه والتى تلهمه بإبداعه وتحليله لمعطيات الحياة؛ ذلك عبر شخصية روائية تحملنا معها عبر الخيال والواقع وتفسيرات علمية وفلسفية تعرض لنا أفكار لا تخلو من العلم فى السرد حيث تحقق بالتوازى مع مصادر الإلهام نظرية الامواج الثقالية لآينشتين قبل عامين مما أثبتته المختبرات العلمية فى 2016 .(كتبت الرواية فى 2014 ونشرت فى يونيو 2015) وذلك فى الفصل الـ18 من رواية توالى عبر حديث الشخصية المحورية وتفسيراتها لما يدور معها.

 

(قافية الراوى): عمل يتناول موضوع الهوية وتشظى الذات مع معطيات الحياة المدنية فى هذه الحقبة الزمانية المفصلية للبشرية عبر نماذج تعيش فى مدن كزموبوليتان تمنحها كل القادم، إليها فرص عمل ليقيموا بها بشكل قانونى ولكن لا تمنحهم الجنسية أو الهوية الخاصة بها. لنرى صراعات بين مجتمعات متداخلة عبر ثقافاتها المتنوعة متعايشة معاً. الشخصية المحورية فى حد ذاتها تعرض نموذج حى يطرح تساؤل ما هى الهوية حيث منذ المشهد الأول وحتى نهاية الراوية لا يستطيع القارئ أن يعرف هل الشخصية المحورية امرأة أم رجل وخصوصاً ميوله الجنسية قابلة للتعايش مع الجنسين. يظهر فى هذه الرواية الخيال والواقع فى تمازج يصعب فصله ومع ذلك تفرد الفكرة يحمل لنا مواضيع هادفة وشيقة وشخوص تاريخية وأخرى تخيليلة لنرى بوشكين بعبقريته الأدبية وجيرمانوس وتفرده بغرائبية شخصيته وسبر أغوار علوم الكيمياء؛ وفتاة حملتها أهوال الحرب فى موطنها للعمل فى هذا البلد لتسقط فى شبكة للرقيق الابيض ولكنها لحبها للعلم تحدث الشخصية المحورية فى أمور تتعلق بعلم الفيزياء ومتابعتها لعبقرية ستيفن هوكنج ونظرياته المتعلق بالثقوب السوداء لترحل من بلاد الهنا إلى بلاد الهناك حيث المهجر يعاملها كمواطنة منه ويتيح لها فرصة إكمال تعليمها ونجاها فى شق طريقها للحياة بشكل سوى.

 

(كما روح): طرح فكرى وفلسفى لقضية الأسطورة والفداء. بشكل جديد نجد أن الشخصيات المحورية فتى وفتاة. يظهران فى حقبات زمانية مختلفة وأمكنة مختلفة لنجد ما يشغل عقل الفتى وما يشغل عقل الفتاة وطرح إشكالية لماذا يُضحى بالإنسان البريء لتعطى الطبيعة ما يجب أن تعطيه من خصوبة ونعم الحياة. رواية تطرح نظرة واضحة من السمو الروحى والفكرى لنبذ الإرهاب بأنواعه وتجلى القيم والمثل النبيلة فى حياة البشر لأجل السلام ولتعم النيرفانا.

 

(إنه هو): رواية تتناول جوانب من الحياة المدنية وأثرها على حياة الإنسان وتفكيره وسلوكه وكذلك دور هذه الحياة بمستجداتها فى تاثيرها فى مفاهيم قد تعتبر من الثوابت مثل القيم والأخلاقيات عبر قصة حب مشوقة بين بطل الرواية الذى اختارت الروائية أن لا يحمل اسم فقط يشار إليه ب (هو) ذلك الإنسان الذى أُكتشف بمحض الصدفة أن ليس لديه قلب من ناحية فيزيائية ليشكل ظاهرة لفتت إليه الأنظار وشبكات التواصل الحديثة وقنوات الإعلام صنعت منه نجم. يلتقى (هو) بطبيبة شابة (شهد) ومن ثم نكتشف عبر فصول الرواية الكثير من المفاجآت مع توالى الاحداث ونجدنا أمام أسئلة مثل ما هو الواقع وما هو الوهم فى حياتنا اليوم وهل الأخلاقيات التى أتت بها الحضارات لأرض الحاضر متفق عليها؟ ما هى الثوابت فى القيم؟ هل حقاً القلب مكمن العاطفة وما وظيفته ؟ ما دور العلوم الإنسانية فى تحليل ودراسة الظواهر البشرية المتعلقة بالفرد والمجتمع الآن؟ ما هى مقاييس القوة والنجاح والسعادة لإنسان اليوم (هو) وما هو تعريف الحس الإنسانى وكيف تكون معاييره ودرجة وعيه صانعة لرقيه وتحضره؟ عدة شخوص أتت بها الرواية حملت إشكالياتها وطرحتها وفلسفتها أمام عدسة السرد فى مشاهد عبر نص متفرد فى الفكرة والتقنية يحملنا لرؤية دقائق النفس البشرية فى بعض معاناتها اليوم بزوايا تقربنا لواقع الإنسان فى العقود الأولى من الألفية الثالثة كما تنادى الروائية آن الصافى فى مشروعها الأدبى الذى اسمته (الكتابة للمستقبل) منوهة بأن الذات الإنسانية هى لبنة المجتمع وترى أنه من باب أولى تسليط الضوء بما يتوافق ومعطيات العصر الراهن بموضوعية والتطرق لأثرها فى الذات ومالها وما عليها سعياً لإحداث نقلة حقيقية عبر الأدب والفن نحو النهوض بالمجتمعات وما يوافق سير البشرية بالرقى الثقافى والفكرى نحو التحضر.

 

(الكتابة للمستقبل) كتاب فكرى ثقافي؛ بالإضافة لعشرات من الأوراق والمحاضرات والمقالات الفكرية الثقافية تحت مسمى (الكتابة للمستقبل) يشرح هذا الكتاب أفكار ومشروع الكاتبة. جمعت المقالات الـ15 الأولى فى كتاب حمل ذات الإسم (الكتابة للمستقبل) وقسم الكتاب لفصول/أجزاء : فصل يحتوى على المقالات، الفصل الثانى تطبيقات لبعض أفكار المشروع بالمقالات من خلال عرض نماذج لفقرات من نصوص روائية للكاتبة، والفصل الأخير به آراء نشرت عبر حوارات صحفية وإعلامية ومحاضرات للكاتبة.

 

يذكر أن الجزء الثانى من (الكتابة للمستقبل) صدر فى أبريل 2017 ويحتوى على 26 ورقة فكرية ثقافية تعرض مواضيع متنوعة تتعلق بالهوية والثقافة ومنحاها الراهن وأثرها فى حياة الفرد وبث الوعى فى المجتمع.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة