محمد صلاح، مصدر رئيسى للبسمة والفرحة والفخر والاعتزاز للمصريين جميعا بكل أطيافهم السياسية والأيدلوجية، وميولهم الكروية، وهو إجماع سحرى لم يتمتع به نجم فى أى مجال مثلما يتمتع به لاعب ليفربول الفرعون المصرى.
محمد صلاح حظوظه الكبيرة أنه لم يتلون بأحد اللونين الكرويين فى مصر، الأحمر الأهلاوى أو الأبيض الزملكاوى، عندما لعب لنادى المقاولون العرب، ومنه انتقل إلى فريق بازل السويسرى، فقضى على كل أورام التعصب من صدور جماهير اللونين، الأمر الذى دفع به إلى الجلوس على عروش قلوب المصريين جميعا.
وزاد حب وتقدير واحترام المصريين جميعا لمحمد صلاح، رحلته الكروية «العصامية»، بدءاً من لعبه الكرة فى شوارع قريته بمركز بسيون محافظة الغربية ثم ناشئ المقاولون العرب، وهو النادى الذى لا يحظى بشعبية جماهيرية، كونه نادى شركات، لا يمثل محافظة بعينها، ويلعب فى العاصمة، والقاهرة منقسمة ما بين الأهلى والزمالك، لذلك سيطر على كل أفئدة وعقول المصريين بمختلف أطيافهم وميولهم الكروية.
كما أظهر الفرعون المصرى، حبا فطريا لوطنه، ظهر جليا فى تبنيه مشروعات خيرية، وتبرعات فى كل الخدمات بقريته، وهى بذرة الخير التى نثرها، فأنبتت شجرة وارفة الظلال، طيبة الثمار، تفيد مصر الوطن أيضا، ومن ثمارها المشهد الذى ظهر عليه محمد صلاح عقب تسجيل الكونغو هدف التعادل فى مرمى منتخب مصر فى التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم بروسيا، وهو المشهد الذى أوجع قلوب المصريين، تعاطفا مع محمد صلاح، فكانت المكافأة تسجيل هدف الصعود من ضربة الجزاء، مُدخلا الفرحة فى كل قلوب المصريين.
أيضا، من أبرز ما يتمتع به أسطورة الكرة المصرية الحالية محمد صلاح، أنه رفض أن يرتدى أية عباءة سياسية، معليا شأن حب وقيمة الوطن، فوق التحزب والتشرذم، وأن مصر عنده أهم وأكبر من أى حزب أو جماعة أو حركة، وهو ما يمثل المادة الخام للوطنية الحقة بجانب أيضا ما أمطرته السماء فى صدر محمد صلاح من مبادئ وقيم أخلاقية، وتواضع والتزام دينى، ساعدته على تشكل وجدان وشخصية الفرعون المصرى العظيم، ليصنع التاريخ ويبتعد كليا عن دوائر الأزمات والمشاكل، واستأثر على حب كل جماهير الأندية التى لعب بين صفوفها، بدءا من بازل السويسرى وفيورنتينا الإيطالى، ثم روما الإيطالى أيضا، وأخيرا جماهير النادى الأعرق أوروبيا ليفربول، صانعا مجدا كبيرا لنفسه، وسمعة رائعة لوطنه، مكنته من الفوز بجائزة أحسن لاعب فى أفريقيا وفقا لتصنيف الـ«بى بى سى»، كما أننا ننتظر فوزه بالكرة الذهبية كأحسن لاعب فى أفريقيا قريبا، وهى الجائزة التى لم يحصل عليها أى لاعب مصرى منذ حصول الأسطورة الأكبر محمود الخطيب عام 1983.
وتأسيسا على ما سبق يظهر الفارق الشاسع بين محمد صلاح، الفرعون المصرى فى الملاعب الأوروبية، وبين اللاعبين الذين سقطوا فى وحل التحزب والتعاطف مع جماعات وحركات، مثلما وقع فيه محمد أبوتريكة، المحلل حاليا فى القنوات القطرية، وسيد عبدالحفيظ مدير الكرة بالنادى الأهلى، ونادر السيد الذى كان خطيبا لثورة الخراب 25 يناير، وشادى محمد قائد الألتراس، والإعلامى حاليا، دون أى حيثية، على قناة النادى الأهلى، وهو ما أضر كثيرا بهم، وانقسمت حولهم الجماهير ما بين مؤيد وغاضب ومعاتب!
محمد أبوتريكة، رمز التحزب، خسر كثيرا بتعاطفه مع جماعة إرهابية على حساب الوطن، واستمر فى خسارته بالموافقة على العمل محللا لمباريات كرة القدم بقنوات الجزيرة، الكارهة لمصر التى تعمل ليل نهار على إسقاطها فى وحل الفوضى بنشر الأكاذيب والشائعات ودعم الجماعات المتطرفة ضد مؤسسات الوطن.
ولن تفلح الأسباب التى يسوقها أبوتريكة، ومحاولا إقناعنا بأن الرياضة ليس لها علاقة بالسياسة، لأننا شاهدنا جميعا وشاهد معظم شعوب القارة الأفريقية، هو نفسه يقحم السياسة فى قلب ملاعب كرة القدم، عندما ارتدى «فانلة» مدوناً عليها عبارة «تعاطفا مع غزة» باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك عقب إحرازه الهدف الثانى فى مرمى المنتخب السودانى فى بطولة الأمم الأفريقية التى أقيمت فى غانا!!
تصرف محمد أبوتريكة حينذاك بارتداء فانلة مدون عليها شعار التعاطف مع غزة، كانت إشارة مبكرة تعبر عن انتماء النجم الكروى الموهوب لجماعة الإخوان، وأن الدافع الرئيسى من ارتداء «الفانلة» المدون عليها شعار التعاطف مع غزة مبعثه التعاطف مع «حماس» ربيبة الجماعة الإرهابية، وليس مع غزة أرضا وشعبا فلسطينيا.
وظهرت حقيقة أبوتريكة عقب ثورة 25 يناير 2011 عندما انقلبت مواقفه من النقيض إلى النقيض، وظهرت ميوله لجماعة الإخوان الإرهابية بوضوح، وكون خلية إخوانية كبيرة فى النادى الأهلى، ثم قاد الألتراس فى مظاهراتهم الفوضوية والتخريبية التى كانت تصب فى مصلحة الإخوان والدفع ببعضهم إلى اعتصام رابعة العدوية، وشن هجوما ضاريا ضد المشير طنطاوى ومجلسه العسكرى ورفض مصافحة العسكريين وافتعل أزمة مع أحد ضباط الجيش، وكأنه اكتشف فجأة أن العسكريين مرض معدٍ لابد من التحذير من المعاملة معهم، ثم بدأ فى تحدى إدارة النادى الأهلى السابقة، وفرض نفوذه الإخوانى على القلعة الحمراء.
وفى الوسط الرياضى يدور حاليا همسات تخشى على الأسطورة محمد صلاح من نصائح أبوتريكة السياسية، وتقربه منه بشكل لافت، ورغم قناعة الجميع وثقتها الكبيرة فى وطنية محمد صلاح، إلا أن «الزن على الودان أقوى من السحر»، لذلك ننصحه، وينصحه كل محبيه، أن يبتعد عن نصائح أبوتريكة الحزبية والسياسية، وألا يقع فريسة نعومة ومظلومية الجماعة الإخوانية، لأن فى نصائح أبوتريكة السياسية «سم قاتل»!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة