فى كثير من الأحيان، ينتاب الواحد شعور بالملل من كل شىء، يشعر باليأس من تغيير الحياة نحو الأفضل، يشعر بثقل الأفكار التى يحملها على كاهله، وبدلا من أن تنمو للأفكار أجنحة لتعلو بها وتعلو معها، تصبح الأفكار كالأصفاد، تشده إلى عمق الأزمة، أزمة اختياراته فى الحياة، أزمة قناعاته التى يدافع عنها، أزمة مبادئه التى ناضل من أجلها، وهنا يسأل الواحد نفسه: هل كنت على صواب حينما اعتنقت ما اعتنقت وعملت ما عملت؟ وهل سأكون على صواب حينما أكمل ما بدأت؟
لا أقصد هنا الكتابة عن حالة مراجعة الذات التى أعدها حالة إيجابية خلاقة، لكنى أتحدث عن حالة ما قبل شيوع اليأس إلى الأنفس، حالة التشكيك فى الاستمرار فى النهج المختار فى الوقت الذى نرى فيه الجحود فى عيون الآخرين، ونرى صوت الإنكار أعلى من صوت الاعتبار، فى حين أن المنطلق «صحيح» بينما المصير «مظلم».
تلك حالة عاشها جميع من حلم بتغيير الواقع نحو الأجمل، نحو الأكمل، نحو الأعدل، نحو الحق، ففى لحظة ما يشعر الواحد بأن «لا حياة لمن تنادى» أو بأن كل مجهوداته تذهب هباء، وفى الحقيقة فإنى أعد تلك الحالة من مؤشرات النجاح وليس الفشل، فعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم، ولو كانت الفكرة ليست على القدر الكافى من النبل فلم يكن يكتب لها أن تقاوم بهذا الشكل الكبير، فالنجاح الكبير لابد أن يسبقه تحدٍّ أكبر، وكلما كانت الفكرة طيبة وأصيلة وجديدة، كانت المقاومة أكبر لأنها تحارب مؤسسات متكاملة من القبح والزيف والرجعية.
كثيرًا ما مررت بهذه الحالة، وكثيرًا ما كنت أقول لنفسى إن الفكرة النبيلة ليست «رشدى أباظة» فى فيلم المراهقات، ما أن رأته «ماجدة» حتى وقعت فى غرامه، لكنها نور حر طليق فى وقت اعتادت فيه العيون على الظلام، حاول أن تجلس بعض الوقت فى غرفة مظلمة، وراقب نفسك حينما يدهمك النور فجأة، رد فعلك التلقائى الرافض للنور المستأنس بالظلمة سيخبرك بمدى عنف المجتمع حيال تقبل الأفكار الجديدة، فإن انكسرت انهزمت وصارت ضلوعك كالقبور، وإن صبرت انتصر وساد النور، فاتبع شغفك، ثم اتبع شغفك، ثم اتبع شغفك.
نشر هذا المقال فى 22 نوفمبر 2016
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة