يوسف أيوب

خطر العائدين من سوريا والعراق

الخميس، 14 ديسمبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا حديث الآن فى العالم يعلو على كيفية مواجهة الإرهابيين الذين غادروا العراق ومن بعدها سوريا بعد إعلان تحرير أجزاء كبيرة من أراضى الدولتين من المنتمين لتنظيم داعش الإرهابى، فأجهزة مخابرات العديد من دول العالم بدأت فى مراجعة حساباتها لمواجهة هذا الخطر، خاصة أن كل التقديرات والمعلومات المتوفرة حالياً تقول إن إرهابيى داعش يبحثون عن ملجأ لهم، بعدما فقدوا الأرضية المناسبة فى العراق وسوريا، كما أنهم يواجهون وضعاً صعباً فى ليبيا، وتشير التقديرات إلى أن نحو 40 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم انضموا لداعش فى سوريا بعد إعلان «الخلافة» فى سوريا والعراق عام 2014، وهو رقم كبير يتطلب الكثير من اليقظة.
 
قبل أسبوع فوجئنا بما قاله الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأن الإرهابيين الذين غادروا الرقة أرسلوا إلى مصر لاستخدامهم هناك فى صحراء سيناء، وبكل تأكيد فإن الأجهزة الأمنية المصرية منتبهة جيداً لهذا الأمر، خاصة أن الاعتراف جاء على لسان الشخص المتهم بأنه أحد الممولين والداعمين لتنظيم داعش، وهو ما يؤكد أن الأمر خطير، وإلا ما معنى أن يأتى على لسان أردوغان، الداعم الأول لداعش فى سوريا والعراق.
 
ما قاله أردوغان يتسق مع إعلان دول كثيرة عن تحسبها من عودة الفارين من سوريا والعراق، وقبل يومين لاحظت أن أكبر دولة تتحسب لعودة الإرهابيين هى روسيا التى تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم على أراضيها بين 14 يونيو و15 يوليو 2018، كما ستشهد انتخابات رئاسية فى مارس العام المقبل، وسبق أن تعرضت روسيا لعدة هجمات إرهابية خلال العام الحالى أحدها فى إبريل الماضى فى مترو سانت بطرسبورج وأوقع 14 قتيلا، كما أحبطت أجهزة الأمن الروسية 18 مخططا فى 2017 وأوقفت أكثر من ألف مشتبه به، بينما تم القضاء على 78 آخرين، كما أعلنت الاستخبارات الأسبوع الماضى توقيف ثلاثة عناصر مفترضين من تنظيم داعش من آسيا الوسطى كانوا يعدون لهجمات انتحارية فى موسكو خلال احتفالات رأس السنة.
 
مدير الاستخبارات الروسية الكسندر بورتنيكوف، قال خلال اجتماع للجنة مكافحة الإرهاب فى روسيا، أن «عودة مقاتلين سابقين ضمنجماعات مسلحة مخالفة للقانون فى الشرق الأوسط يشكل خطرا حقيقيا إذ يمكن أن يلتحقوا بعصابات إجرامية وخلايا أو حتى المشاركة فى تجنيد مقاتلين آخرين.. مع تحرير المعاقل الأخيرة لتنظيم داعش من قبل القوات الحكومية السورية بدعم من الجيش الروسى فإن قياديى التنظيم ومقاتليه سيسعون إلى البحث عن سبل لمواصلة نشاطاتهم الإرهابية على أراضى دول أخرى بما فيها روسيا».
 
ووفقاً للتقديرات الروسية فهناك نحو 2900 روسى غالبيتهم من جمهوريات القوقاز انضموا لداعش فى العراق وسوريا، يضاف إليهم آلاف آخرين من دول آسيا الوسطى التى يقيم عدد كبير من مواطنيها فى روسيا، وهى أرقام كبيرة تتطلب استراتيجية أمنية لا يقتصر عملها على دولة واحدة فقط، وإنما كل دول العالم، لأن الخطر لا يهدد روسيا أو مصر فقط، وإنما يهدد الجميع، والدليل أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا تعرضوا لعمليات إرهابية تم التخطيط لها أو تنفيذها من جانب عائدين أو منتمين لداعش سوريا والعراق، وهو ما يشير إلى أن الخطر يواجه الكل، ويتطلب تكاتف المجتمع الدولى فى المواجهة.
 
هذه الاستراتيجية من وجهة نظرى تحتاج إلى تبادل المعلومات بين الدول المعنية بشأن من سافروا إلى العراق وسوريا، وأيضاً الجهات التى كانت تتولى تمويلهم، لأنها تعد الخيط الأول الذى يمكن من خلالها تحقيق نتائج إيجابية فى التعامل مع الإرهابيين، وهنا يجب الإشارة لما أعلنه قبل يومان الجهاز المكلف بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب فى وزارة الداخلية الفرنسية، عن تحديد 150 إلى 200 جهة خفية فى تركيا ولبنان تقوم بتمويل تنظيم «داعش»، حيث يتولى هؤلاء تلقى أموال موجهة بوضوح لتمكين التنظيم من الاستمرار، خاصة أنه «مع تخلى الإرهابيين عن الأراضى التى كانوا يحتلونها فى العراق وسوريا حرموا من مصدر تمويلهم الأول على غرار غنائم الحرب أو ابتزاز الأهالى ويحاولون تعويض هذه الخسائر جزئيا باللجوء إلى تمويلات خارجية»، وفقاً لما جاء فى التقرير، الذى جاء متوافقاً مع معلومات كشفت عنها قبل أيام صحيفة «يورت» التركية بأن جمعيات تابعة لتنظيم «داعش» لا تزال تنشط بشكل رسمى فى تركيا تحت غطاء جمعيات إغاثة إنسانية، وأيضاً تهمة تمويل مخطط إرهابى التى وجهها القضاء الفرنسى قبل أسبوع للمدير العام السابق لشركة «لافارج هوليسم» الفرنسية السويسرية جريك أولسن، بعد استجوابه بشأن تورط المجموعة فى تمويل تنظيمات إرهابية فى سوريا بينها «داعش».
 
كل هذه المعلومات وغيرها حال تحليلها ستمثل أداة مهمة فى ملاحقة المنتمين لداعش، شريطة أن يأتى ذلك فى إطار تعاون دولى، وليس ضمن الإطار الفردى، لأن تحقيق نتائج إيجابية يتطلب أن يتبنى المجتمع الدولى وضع استراتيجية دولية شاملة للقضاء على الإرهاب بكل صوره وأشكاله، ومكافحة الفكر المتطرف الذى يزكيه ويساعده على الانتشار، وأيضاً مصادر التمويل، من أجل تعزيز السلم والأمن الدوليين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة