- 2 جنيه سعر الكتيبات الصغيرة على أرصفة المساجد
- 50 جنيها متوسط سعر كتب الشيخ الشعراوى
- 5 كتيبات نشرتها «اليوم السابع» تحرم كل شىء من الأغانى للحب
- «الأوقاف»: «سلطتنا لا تتجاوز حدود المسجد واللى برة مش مسؤوليتنا»
- عضو دينية البرلمان: «نحتاج لمعالجة موضوعية للظاهرة دون الإضرار بالباعة»
على فرشة صغيرة أمام المسجد تحمل عددا من الكتب والسبح والبخور والمصاحف وقف بعض الزبائن من مختلف الأعمار يتفحصون عناوين الكتب الدينية المتراصة، حيث يتكرر هذا المشهد أمام معظم المساجد، التى تتراص على أرصفتها مئات الكتب الدينية لمئات المؤلفين، وتحمل بين أوراقها آلاف الأفكار، التى تجد طريقها إلى القارئ سهلا ممهدا دون رقابة أو حواجز، خاصة أنها تباع بأرخص الأسعار.
تستوقف هذه الكتب المصلين أثناء دخولهم أو خروجهم من المسجد، والمارة الذين يمرون أمامها، يشترى البعض كتابا أو كتيبا صغيرا، خاصة إذا كان ثمنه قليلا وعنوانه جذابا، لتشكل هذه الكتب ثقافة عدد كبير من المواطنين، وهو ما يستوجب أن نطرح سؤالا حول ماذا يقرأ المصريون على تلك الأرصفة.
«اليوم السابع» أجرت جولة على عدد من المساجد فى نطاق مناطق الجيزة ووسط البلد ورمسيس والدقى للتعرف على أنواع كتب الأرصفة ومؤلفيها وما تحمله من أفكار؟ وهل هذه الأعمال من إنتاج علماء الأزهر الشريف؟، وهل تبث تعاليم الدين الوسطى الصحيح أم أن هناك كتبا تدعو للغلو والتطرف الدينى؟ وما أكثر هذه الكتب مبيعا.
الثقافة على أرصفة المساجد
بدأت الجولة من أمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث يتواجد أكثر من بائع للكتب دينية، ويتصدر هذه الكتب الأعمال المعروفة لكل من الشيخ محمد متولى الشعراوى والدكتور عائض القرنى، وبعض مؤلفات الدعاة الشباب وأبرزهم مصطفى حسنى، وأيضًا كتب الأئمة الأربعة بالإضافة إلى بعض الكتيبات من لمؤلفين غير المعروفين.
ومن أمثلة الكتب المعروضة فى تلك المنطقة: روضة الأنوار فى سيرة النبى المختار، العلاج بالرُقى من الكتاب والسُنة إعداد سعيد بن على بن وهف القحطانى، وكتاب تفسير الأحلام وتعطير الأنام، وفتاوى وأحكام المرأة المسلمة، والقبر رؤية من الداخل، وألفية العراقى فى علم الحديث تأليف الإمام الحافظ زين الدين عبدالرحيم بن الحسين العراقى.
وحول الكتب الأكثر مبيعا، يقول أحد الباعة الشباب بلهجة ريفية: «لدينا كتب تُناسب جميع الفئات سواء المثقفون، أو البسطاء الذين يريدون التعلم، وكذلك أعمال تناسب الشباب والبنات أ»، مضيفًا: «بالطبع كتب الشيخ الشعراوى والدكتور عائض القرنى وتحديدًا كتاب لا تحزن من أكثر الأعمال مبيعًا، بالإضافة إلى الكتيبات الصغيرة، حيث يوجد كتيبات أسلوبها جميل وشيق وأنا قرأتها من قبل، وأنصح كل من يأتى إلىّ بقراءتها كأعمال الدكتور مصطفى زايد، التى تدعو للهداية والطريق الحق بأسلوب مُبسط وسهل الاستيعاب».
وأكد البائع الشاب أنه لم يقرأ كل الكتب التى يبيعها، ولكنه يجد إقبالا على بعض الكتب ومنها، عمدة الأحكام، وعمدة الفقه، وأكثر من 100 دعوة، و200 سؤال وجواب فى العقيدة، مشيرا إلى أن الكتيبات الصغيرة منها ما هو موجه للبنات فقط مثل على فين يا بنات؟، وكلام بنات، وفكيها شوية، وعندى ميعاد، وللبنات وبس، كما يوجد كتيبات موجهة للشباب، مثل : أنا أسد، وبلسم الحياة وبحر الحب».
وأوضح البائع الشاب أن سعر الكتيب الواحد يصل إلى 2 جنيه، بينما الكتب تختلف حسب الكاتب والكتاب، فعلى سبيل المثال كتب الشيخ الشعراوى تتراوح أسعارها من 30 إلى 80 جنيهًا، بينما كتاب «مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ» لـ جهاد التُربانى سعره 80 جنيها، مُعللًا ارتفاع ثمن هذه الكتب بأنها نسخ أصلية وليست تقليدا.
الرقية الشرعية تنافس الشعراوى
ومن ميدان الجيزة إلى منطقة الدقى وتحديدًا أمام أحد المساجد الكبرى، حيث لم تختلف الكتب المعروضة على الفرشة الصغيرة عن نظيرتها أمام مسجد الاستقامة، وبسؤال البائع عن الكتب الأكثر مبيعًا؟، أجاب: كتيب الرقية الشرعية يُنافس أعمال الشيخ الشعراوى، بينما الكتب الأخرى تُباع بشكل غير منتظم.
ومن الدقى إلى مسجد الفتح بميدان رمسيس، حيث ينتشر الباعة الذين يبيعون بضائع مختلفة ومنها الكتب، ووقف بائع فى العقد الخامس من عمره وأمامه مجموعة من الشنط وبجانبه عدد من الكتيبات الدينية، منها على سبيل المثال: عالج نفسك بالقرآن تأليف أبو الفداء محمد عزت، وأحكام الجنائز، وأنذرهم يوم الحسرة للشيخ محمود المصرى، وتباع الثلاثة كتب بعشرة جنيهات.
وأكد البائع أنه لا يعلم شيئا عن محتوى هذه الكتب، مشيرا إلى أنه اشتراها من منطقة العتبة بجانب لوازم أخرى وأتى إلى هذا المكان لانتهاز فرصة خروج المصلين من مسجد الفتح وعرضها أمامهم.
أرصفة مساجد وسط البلد خالية من فرشات الكتب
اللافت للنظر أن أغلب مساجد منطقة وسط البلد غابت أمامها ظاهرة فرشات الكتب، وبسؤال أحد العاملين فى مسجد عمر مكرم، أكد أنه لا يوجد فى هذا الحيز أى من بائعى الكتب الدينية، بينما على الطرف الآخر من الميدان يوجد كتب أخرى، مضيفًا أنه يمكن إيجاد مثل هذا الفرشات أمام الزوايا الصغيرة، وليس أمام المساجد الكبرى فى نطاق وسط البلد وعابدين.
قراءة فى كتيبات الشباب.. كل حاجة حرام
الجولة على فرشات الكتب بأرصفة المساجد كشفت عددا من الأمور، منها أن أغلب الباعة يتعاملون مع الأمر كتجارة، ولا يعلمون شيئا عن محتواها، وأنه مازالت فى صدارة الأعمال الأكثر مبيعًا كل من كتب الشيخ الشعراوى والدكتور عائض القرنى، والرقية الشرعية وبعض الأدعية، إلا أن الشىء المثير للتساؤلات هو بعض الكتيبات خصوصا الموجهة إلى فئة الشباب.
لذلك قمنا بقراءة سريعة فى 5 كتيبات منها، وهى : على فين يا بنات؟، وكلام بنات، وبحر الحب، وبلسم حياتك، وخليك أسد، وأغلب هذه الكتيبات باللغة العامية، بل إن بعضها استخدم «إيموشنات»، التى تستخدم بمواقع التواصل الاجتماعى.
وبالنسبة للكتيبات الموجهة إلى فئة البنات ومنها كتيب «على فين يا بنات» فهو من تأليف يوسف محمود زمزم، ويقول الكاتب فى مقدمته: «يا آنسة.. يا آنسة.. أيوه إنتى!.. أنا قصدى عليكى إنتى يا اللى مساكنى وبتفكرى تقرئينى ولا لأ!.. أنا مين؟!.. أنا الكتاب اللى إنتى مسكاه ده! بجد أنا فرحان جدًا جدًا إنك فتحتينى لأن أنا جوايا كلام كتير لازم تقرئيه لو حضرتك قرأتينى مش هاخد كتير من وقتك.. ساعة واحدة بس أنا محتاج أفضفض باللى جوايا وأدردش معاكى شوية أنا قصة جملية بين 12 بنت! لكن أنا مش أى قصة أنا قصة ممكن تغير حياتك كلها!.»
وبنفس الأسلوب تدور حلقات داخل الكتيب، التى حملت عناوين أنفلونزا الحب فى الحلقة الأولى وهى عبارة عن حوار خيالى بين فتاتين واحدة تقنع الأخرى بحرمانية الحب وتقول لها أثناء الحوار: «لو كنتى بتحبيه -تقصد الشاب- كنتى خفتى عليه من عذاب ربنا يوم القيامة بس المشكلة إنك عاوزه تكونى إنتى عذابه فى جهنم».
وفى ثنايا الحوار التخيلى يسرد الكاتب عدة نسب لم يرد مصدرها منها أن 15% من علاقات الحب تنتهى تدريجيًا بالوقوع فى الفاحشة، و5% فقط تنتهى بالزواج الشرعى، و80% تنتهى بالانفصال.
أمّا الحلقة الثانية من كتيب على فين يا بنات؟، فحملت عنوان «فيروس السيئات» وهى عبارة عن حوار تخيلى بين الأختين هدى وهيفاء، وفيه تقنع الأولى الأخيرة بحرمانية السينما عبر جولة خيالية فى الجنة والنار!، بينما الحلقة الثالثة كان عنوانها سرطان التبرج، وفيه تحاول عفاف إقناع فاتن بحقيقة الملابس الشرعية وأن ما ترتديه ليس حجابًا وهناك ضوابط شرعية لزى المرأة من ضمنه تحريم البنطلون بشكل كامل حتى وإن كان بمواصفات خاصة.
ويضيف الكاتب على لسان الشخصيات الخيالية العديد من النقاط فى هذا الفصل منها أن المتبرجة سلاح مع إبلييس، وأن التبرج خيانة عظمى للإسلام، وأيضَا تقوم المتبرجة بمساعدة اليهود دون أن تشعر، مشيرًا إلى أن اليهود نظروا فوجودا أنهم لن يستطيعوا إفساد الشباب.. ووجدوا أنهم لن يستطيعوا إفساد الشباب إلا من خلال جعل المرأة تخرج متبرجة.
بينما الحلقة الرابعة جاءت بعنوان «ميكروب الأغانى» ويسعى لتوصيل فكرة مفادها سماع الأغانى حرام وشراء الألبومات لا يجوز، أمّا الحلقة الأخيرة فعنوانها «مستشفى التائبات لإسعاف البنات» وتتحدث عن رجوع البنات عن الأشياء المحرمة وفق لمّا أورده الكاتب فى فصوله السابقة مثل الحب وسماع الأغانى والتبرج.
وعلى نفس الدرب والأسلوب، سار كتيب كلام بنات «girls Talking» لكاتبة تدعى تسنيم عماد فاروق، وترى فى مقدمتها أن الله يختار كل من يقع بين يديه هذا الكتيب كرسالة منه إليه للتعرف على حكمته بين سطور هذا الكتيب.. وتقريبًا لم يختلف محتواه عن سابقه ما بين الحديث عن التبرج ومواصفات الحجاب وأهمها عدم ارتداء البنطلون من الأساس، وعدم الحديث مع الشباب فى الجامعة إلا لضرورة، وكذلك تناول بعض الجوانب الشرعية من أهمية قراءة القرآن والالتزام فى الصلاة.
أمّا كتيب «خليك أسد» من تأليف دكتور مصطفى زايد، فيدور حول كيفية تقويم خلق الشباب، ويؤكد أن النظر للنساء غير المحارم بشهوة أو دون شهوة حرام، وكذلك حرمانية الشات مع البنات، إضافة إلى ذلك يتحدث الكتيب عن كيفية مواجهة إدمان المواقع الإباحية والعادة السرية، وأهمية استغلال الإنترنت ليكون شلال حسنات عبر الدعوة أو التعامل الأشياء المساعدة منها عمل فيديوهات وغيرها.
فيما، دار كتيب بلسم حياتك من تأليف دكتور محمد العجوز، حول أهمية الالتزام بكتاب الله وقراءته وتدبر معانيه فى كل الأوقات لكن بلغة عامية وفى صورة قصص قصيرة، بينما كتيب بحر الحب لنفس الكاتب تناول العديد من المحاور منها تحت عنوان «ايه هى رسالة الشكر اللى هتقدمها لربنا؟!»، واستطرد يا ترى هتبدأ تحافظ على الصلاة؟، وياترى هتبدأ فى حفظ القرآن؟، يا ترى يا أختى هتلبسى حجاب صح بدل البديهات والفستات والكعب العالى والأسبانش؟.
واستشهد الكاتب فى كتيب بحر الحب بمقولة نسبها للمطرب المعتزل فضل شاكر للحديث عن كراهية الأغانى والالتزام بقراءة القرآن ونصها:« إلى من ابتلى بسماع الأغانى، قسمًا بالله يا أخى ويا أختى عمرى الآن 44 سنة ولم أرتح ولم أجد حلاوة الدنيا إلا بعد تركى هذا المجال».
وتطرق الكتيب لعلاقة الشباب بالبنات حيث ذكر: «هزارك مع البنات والضحك والاختلاط اللى مفيهوش أى ضوابط والمكالمات والصحوبية لوش الفجر والـ chattin د ه مش حب..»، وأضاف: «وكونك إنك بتضحكى على نفسك إنك محجبة عشان مغطية شعرك فى حين إن جسمك باين لأنك للأسف غطيتى شعرك آه.. لكن.. بناطيل مجسمة جسمك ومفصلاكى حتة حتة.. بديهات.. طرح اسبانش.. وممكن جيبات وعبايات ضيقة.. ده غير الجزمة «البلارينا» اللى بتبقى مبينة نص رجيلكى.. والكعب العالى والطقطقة طول ما أنتى ماشية.. ده غير أضرارها على المفاصل والأعصاب.. ده غير الكوارث اللى بقت فى لبس البنات.. ده مش حب».
وزارة الأوقاف: مش مسؤوليتنا
ما تم عرضه فى السابق يدفع لطرح تساؤلات هل نحتاج إلى رقابة على مثل هذه الكتب؟، ومن الجهة المسؤولة عن المتابعة؟
وهنا يقول عمر حمروش أمين سر لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب ومدرس الفقه بكلية الشريعة والقانون: «الكتب الدينية يجب شراؤها والاطلاع عليها عبر المكتاب المُرخصة»، مضيفًا: «بالنسبة للفرشات أمام المساجد فينبغى وجود رقابة عليها من المؤسسات الدينية حتى لا ندع فرصة لأى فكر يبعد عن الوسطية الدينية أن يأخذ مساحة للانتشار».
وتابع أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان حديثه، قائلًا: «انتهز هذه الفرصة لتحية وزارة الأوقاف على دورها فى الفترة الأخيرة بالاهتمام بمكتبات المساجد، وتنقيتها من كتب التطرف، وكذلك محاولتها نشر الفكر الوسطى عبر الوسائط المتعددة».
وأكد حمروش على ضرورة معالجة انتشار الكتب أمام المساجد بهدوء وموضوعية، خصوصًا أن هؤلاء الباعة من البسطاء، ولا يجب أن يكون عدم علمهم بمحتوى الكتب ذريعة للإضرار بهم.
فيما قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن الوزارة الممثلة فى إمام المسجد المسؤول ليس له أى سلطة على ما يباع أمام المسجد، مؤكدًا أن فكرة وجود باعة أو أى شىء أمام المساجد مسؤولية شرطة المرافق والجهات الحكومية الأخرى، وليس مسؤولية وزارة الأوقاف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة