لم يدر بخلد "تميم" فى يوم أن تنقلب عليه الدولة التى لقبها بـ"الشريفة" بعد شهر عسل دام طويلا بين إيران وقطر، تلك العلاقة التى توطدت أواصرها مع اشتعال الأزمة القطرية مع الدول العربية، ليخفت توهجها مؤخرا مع اقتراب إيران من عقوبات دولية جراء ارتكبها انتهاكات حقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وللحوثيين، وهو ما كشفت عنه واشنطن أمس وقدمت الأدلة للأمم المتحدة، ما دفع طهران بالمقابل للتخلص من شريك السوء فى محاولة منها للنجاة من خطر بات محدقا بها، فمؤخرا نعت محمود علوى وزير الاستخبارات الإيرانى قطر بأنها الداعمة للإرهاب فى المنطقة، وتدعم أيضا جماعة الإخوان فى مصر وهم جذور الإرهاب فى الشرق الأوسط.
وأوضح علوى أن "الدافع لإحياء الخلافة أدى إلى تحركات مختلفة، بما فى ذلك الدفع إلى إيجاد حركات مسلحة إرهابية"، مشيرا إلى أن "تنظيم داعش لا يزال يملك أسلحة رغم إعلان القضاء عليه فى العراق"، وأن أحد العوامل المؤدية إلى ظهور الإرهاب هو إهانة وتحقير الشعوب والأقليات الدينية فى بعض البلدان"، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية مثل داعش تعرضت لهزيمة كبيرة، فداعش ليست لها سيادة؛ ولكنها موجودة، لقد فقدوا أرضهم؛ لكنهم لم يفقدوا أسلحتهم، وهم يتطلعون إلى الهبوط فى أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، من أجل استعادة فكرة الخلافة الإسلامية من تلقاء نفسها".
محاولات امتصاص الغضب
فيما اعتبر المحللون السياسيون العرب أن هذه بمثابة محاولات من طهران لامتصاص شعور الغضب العربى العارم تجاهها خاصة بعدما تكشف للجميع حجم التقارب بين "طهران والدوحة والإخوان" عقب إعلان الدول الأربعة المعنية بمكافحة الإرهاب "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" مقاطعة قطر لتورطها فى دعم الإرهاب والتطرف، وهو ما أكده الخبراء السياسيون بصحيفة عكاظ، منوهين بوجود تحولات على المستوى الرسمى سواء فى إيران أو تركيا، وأشاروا إلى أن هذه التصريحات جاءت متواكبة مع انعقاد المؤتمر الإسلامى العالمى حول القدس، مما يشير إلى رغبة إيران وتركيا لتغيير موقفهما العدائى تجاه العرب واصفين ذلك بأنه يمثل ضربة قاضية لقطر والأسرة الحاكمة التى تعبث فى أمن واستقرار المنطقة العربية كلها.
تصاعد الأزمات
ومن جانب آخر، يشار إلى أن تصاعد الأزمات داخل دولة اليمن مؤخرًا ومقتل على عبد الله صالح وقبلها إطلاق الصاروخ الباليستى على السعودية، هى السبب فى انقلاب إيران على قطر بقيادة تنظيم "الحمدين" وجماعة الإخوان، حيث اعتبر وزير الأمن الإيرانى "الاستخبارات" محمود علوى، أن قطر تدعم بعض التيارات الإرهابية فى المنطقة.
جس نبض الشارع
وفى سياق متصل، قال محللون سعوديون إن تلك التصريحات هى محاولة لجس نبض الشارع العربى وليست دليلا على تغير السياسة الإيرانية، مؤكدا أن علامات التحول إن صدقت إيران يجب أن تظهر على أرض الواقع من خلال تحركات ملموسة على الأرض والكف عن دعم التيارات الإرهابية.
وأضافوا أن الواقع الآن هو وجود عوامل كراهية من غالبية الدول العربية تجاه إيران، وأن هناك تخوفات وفكرا قوميا عربيا يعلم جيدا أطماع الدولة الفارسية ومحاولات تمددها بالمنطقة العربية لإعادة الإمبراطورية الفارسية مرة أخرى، مشيرين إلى أن هذه الأطماع واضحة جدا فى العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين مؤكدا أنه حينما لا يتطابق القول مع الفعل يصبح وهما وبالتالى فإن هذه التصريحات لن تتعدى كونها مناورة فارسية.
وأكدوا أن التصريحات التى أدلى بها وزير الأمن الإيرانى فى الغالب قد تكون مناورة لامتصاص ذلك الشعور الجامح ضد إيران، وأنها تصريحات غير واقعية مطالبين الجانب الإيرانى بأن تثبت حسن النية تجاه الدول العربية والقيام بخطوات إيجابية على الأرض وإعادة الجزر الثلاث الإماراتية التى استعمرتها وتغيير سياستها تجاه المنطقة والكف عن التدخل فى شئون المنطقة العربية وفى هذه الحالة سيعيد العرب النظر فى شكل العلاقة مع إيران.
العلاقة الحرام بين قطر وإيران
إن العلاقة بين قطر وإيران، سعت الدوحة لإخفائها طيلة سنوات، حتى تكشفت بعد المقاطعة العربية لقطر بل وإتاحة الفرصة لطهران لتحقيق أهدافها التوسعية فى المنطقة، حتى اعترف الإيرانيون أنفسهم بهذه العلاقة، قائلا إن "أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى كان يحب الإيرانيين ومدحهم"، وحسبما أكدت صحف سعودية فإن نظام الدوحة سارع لأحضان إيران وتركيا، لحماية نظام تميم من السقوط فى ظل المقاطعة العربية لقطر وتداعياتها، واتضح أن قطر تلعب دورا وسيطا مع بعض الجماعات الإرهابية بالنسبة لإيران، وساعدت فى تحرير بعض الرهائن من الحرس الثورى الإيرانى، وكان الغرض من ذلك كسب الود الإيرانى حماية لها فى مواجهة العرب.
كما كشف موقع "مشرق نيوز" الإيرانى، عن تغلغل إيران فى المراكز الحيوية داخل قطر، قائلا إن "إيران تعد أحد أكبر المؤثرين فى القطاعات المختلفة من بينها قطاعات الخدمات الفنية والهندسية كالموارد البشرية"، كما كشف السفير عن جلب قطر للطيارين الإيرانيين للعمل على خطوط الطيران القطرية، قائلا أن "الدوحة تمنح مرتبات مناسبة وتمنحهم التدريبات الحديثة وميدان العمل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة