هل يمكن أن تختفى الدروس الخصوصية يوما، يبدو الأمر أقرب للمستحيل أحيانا، نقول هذا بمناسبة إعلان الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم عن قانون جديد لتجريم الدروس الخصوصية، تزامنا مع تصريحات عن خطة لرفع رواتب المعلمين بشكل تدريجى.
الوزير قال إن القانون الحالى به نصوص تجرم الدروس الحصوصية، وهناك حملات تفتيش على المراكز والوزارة لديها سلطة التحقيق والعقاب للمخالفين، وهو أمر صحيح نظريا، وعمليا فى حالة تطبيق القانون على المخالفين فسيتم فصل وحبس ما يقرب من ثلث المعلمين، وحتى لو كانت هناك حملات وتفتيش وإغلاق مراكز نشاهد أغلبية التلاميذ فى المراحل المختلفة يتلقون دروسا خصوصيا بانتظام، وأباطرة الدروس يعملون بكل هدوء، ومن دون أى تغييرات فى برامجهم، والمراكز تعمل بكامل طاقتها.
وتخرج لسانها للقرارات والحملات، بل إن إغلاق المراكز غالبا ما يثير غضب أولياء الأمور أنفسهم ممن يعتبرون الدروس الخصوصية واقعا يجب حمايته.
وزير التربية والتعليم قال من شهور، إن المواطن مريض بالثانوية العامة، وهناك من يعتبر المجتمع مريضا ومدمنا للدروس الخصوصية، وهذا المرض يحتاج إلى إقناع المجتمع أولا بالعلاج، وليس فرض إجراءات ربما لا تكون قابلة للتنفيذ، القانون الحالى فيه مواد لمواجهة الدروس الخصوصية لا تطبق.
البعض يبرر استمرار الدروس الخصوصية بارتفاع كثافة الفصول، لكن الواقع أحياناً يكذب ذلك، بعض أباطرة الدروس الخصوصية يجمعون أكثر من 100 وأحيانا 200 وأكثر فى مدرجات ومراكز فلماذا يفهم التلميذ فى المدرج مع مئات ما لا يفهمه فى الفصل؟ ثم إن كل تلاميذ المدارس الخاصة يحصلون على الدروس الخصوصية، بالرغم من أن كثافة الفصول فى المدارس الخاصة أقل كثيرا من نظيرتها الحكومية.
آخر رقم فى الموازنة للإنفاق على التعليم 83 مليار جنيه والوزارة طلبت زيادتها إلى 100 مليار جنيه، وإذا أضفنا ما يدفعه الأهل للدروس الخصوصية، والمدارس الخاصة نكتشف أن هناك أكثر من 200 مليار جنيه، وهو رقم يفترض أن يوفر تعليما معقولا، لكن هذا لا يحدث.
المواجهة تحتاج إلى مصارحة، كانت الدروس الخصوصية بداية الانهيار التام للتعليم، لأنها جعلت هدف التعليم هو الامتحانات، وكل وزير للتعليم كان يعلن عن نيته فى القضاء على الدروس، لكن لم يكن الأمر يتم بجدية، وبعض الوزراء اعترفوا بإرسال أبنائهم للدروس الخصوصية.
هناك أيضا ضعف رواتب المعلمين سواء فى المدارس الحكومية، أو حتى الخاصة التى تحصل على مصروفات ضخمة لكنها تدفع رواتب ضعيفة للمعلمين، وبالرغم من التكاليف الضخمة للمدارس الخاصة لم تنجح فى إنتاج تعليم أفضل.
ربما تكون بداية مواجهة فيروس الدروس الخصوصية هو إقناع المجتمع أولا، وأن نعترف بأننا فى تمثيلية نشارك فيها ولا تصل إلى طريق، هل يوافق من يدفع للدروس الخصوصية أن يسدد جزءا مما ينفقه على الدروس للتعليم فى حال كان هناك نظام أفضل؟ وهل يتوقف أباطرة الدروس الخصوصية إذا حصلوا على رواتب أكبر؟
قد يكون الحل فى نظام جديد يقوم على التراكم والفهم والقدرات، وأن يختفى بعبع الثانوية والتعليم من أجل الامتحانات فقط، والأهم ألا نظل نتجاهل الواقع ونخدع أنفسنا ونبحث عن تفسيرات خاطئة تقودنا إلى حلول خاطئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة