أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

فلسطين والقدس.. قضية مصر الأولى

الإثنين، 18 ديسمبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا خلاف على أن قضية القدس تحتاج إلى تحركات دولية وإقليمية تضغط على الإدارة الأمريكية لكى تتراجع عن قرارها الكارثى بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى، ونقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس المحتلة، لكن مطلوب أيضاً أن تكون هذه التحركات داعمة لا أن تكون لإثبات الوجود فقط، كما تحاول بعض الدول التى يصرخ رؤسائها فى العلن دعماً للقدس، وفى الخفاء يمد يده لإسرائيل، ويزيد من تعاونه العسكرى والاقتصادى.
 
تابعنا جميعاً على مدى الأيام الماضية المهرجانات البكائية فى عدد من العواصم العربية والإقليمية، التى لم تأتِ بجديد، إلا المزيد من التصريحات والخطب الرنانة، التى لا تهدف إلا لإثبات الوجود فقط، وإظهار قادة هذه الدول على أنها خير مدافع عن الفلسطينيين، لكنهم فى حقيقة الأمر لا تذرف عيونهم إلا دموع التماسيح، ففلسطين لا تمثل لهم إلا جسرا يعبرون به إلى قلوب العرب والفلسطينيين، وبعدها يهدمونه على رؤوس الجميع، ولدينا أمثلة كثيرة الجميع يعرفها.
 
وسط هذه البكائيات، تتحرك مصر بكل ما تملكه من قوة وحضور سياسى ودبلوماسى، لتعطى الجميع مثالاً فى كيف يمكن مساندة الفلسطينيين حقاً وليس بهدف الظهور الإعلامى فقط، وتابعنا كيف تحركت مصر منذ اللحظة الأولى للإعلان الأمريكى تحركاً مدروسا يستند لأسس ومبادئ قانونية تفند بها القرار الأمريكى وتتصدى له، ولا أبالغ إذا قلت إن الموقف المصرى الذى عبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقاءاته واتصالاته مع زعماء العالم، وأيضاً ما قدمته الخارجية المصرية من شرح للقضية وما تستند له من أسس قانونية، وهو ما أتى بثماره فى انتصار المجتمع الدولى لعروبة وفلسطينية القدس، ولم تقف مصر عند هذا الحد، بل واصلت تحركاتها بأن دعت مجلس الأمن للانعقاد مساء أمس الأحد للنظر فى مشروع قرار قدمته مصر، يؤكد أن أى قرار أحادى الجانب حول وضع القدس ليس له أى مفعول قانونى ويجب إبطاله، بحسب مسودة النص الذى وزعته مندوبية مصر فى المجلس على الأعضاء الـ15، أمس الأول السبت، ويتكون القرار من صفحة واحدة، ولم يذكر الولايات المتحدة أو ترمب بالتحديد، بل يتناول وضع مدينة القدس.
 
ويؤكد نص المشروع المصرى على أن أى قرارات أو أعمال تطال الوضع الديموجرافى للقدس ليس لها أى أثر قانونى، وتعتبر باطلة ولاغية ولا بد من التراجع عنها، كما يطالب مشروع القرار بالالتزام بقرارات مجلس الأمن حول القدس وعدم الاعتراف بأى إجراءات أو أعمال تخالف تلك القرارات، كذلك يؤكد مطالبته بالتراجع عن التحركات السلبية على الأرض والتى تهدد حل الدولتين، إضافة للمطالبة بتكثيف وتسريع الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق حل الدولتين دون أى تأخير وبصورة شاملة وعادلة ودائمة لاستتباب السلام فى المنطقة، وإبقاء مجلس الأمن على اطلاع ومتابعة لمستجدات هذه القضية.
 
لا توجد حتى الآن أى توقعات لتعامل مجلس الأمن مع هذا القرار، الذى يحتاج لإقراره موافقة 9 أعضاء مع عدم استخدام أى من الدول الأعضاء الدائمين، وهى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، حق النقض «الفيتو»، لكن هناك توقعات بأن تستخدم واشنطن الفيتو، لأن مشروع القرار فى مجمله يهدم الأسس التى بنى عليها دونالد ترامب قراراه الكارثى الأخير، وأن حدث فلا أعتقد أن القاهرة ستقف عند هذه الخطوة بل ستواصل عملها الداعم للفلسطينيين، وربما تكون زيارة نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس للقاهرة خلال ساعات فرصة مناسبة لكى تواجهه مصر بخطورة ما اتخذته واشنطن من قرار يعيد الأمور إلى نقطة الصفر مرة أخرى، ويهدم أى فرصة ممكنة للسلام فى المنطقة، كما أنه ينهى أى دور مستقبلى للولايات المتحدة فى الحل، مع تذكيره مرة أخرى بأن مجلس الأمن وافق على قرار فى ديسمبر الماضى، يؤكد أنه لن يعترف بأى تعديلات فى خطوط الرابع من يونيو 1967، بما فى ذلك ما يتعلق بالقدس، باستثناء ما تتفق عليه الأطراف من خلال المفاوضات، وتمت الموافقة على هذا القرار بأغلبية 14 صوتاً وامتناع إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما عن التصويت، وهو ما يؤكد أن واشنطن تناقض نفسها وقراراتها أيضاً.
 
كل ما نتمناه حالياً أن يتوقف الحنجوريون ولو مؤقتا، ويساندوا كل التحركات والجهود المصرية سواء فى مجلس الأمن أو فى المحافل الدولية والإقليمية الأخرى، وأن يكون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن كما نتوقع عاملا مساعدا لهذه التحركات، خاصة أن هناك بوادر من التحركات المعاكسة بدأت تظهر، منها على سبيل المثال ما قاله دانى دانون ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة، حول مشروع القرار المصرى، بأن «التصويت أو المناقشة لن ​​يغيرا الواقع الواضح بأن القدس كانت دائما وستكون عاصمة لإسرائيل»، مضيفا أنه «مع حلفائنا سنواصل الكفاح من أجل الحقيقة التاريخية».
 
إشارة مندوب إسرائيل إلى حلفائه تحتمل الكثير، خاصة أن لتل أبيب حلفاء فى المنطقة مازالوا يمدون لها يد المساعدة مثل تركيا التى تتعاون عسكرياً مع تل أبيب وبينهم مناورات عسكرية مشتركة كما أن شركاتها تصدر الحديد والأسمنت التركى لتل أبيب لإقامة الجدار العازل، فضلاً عما تقدمه قطر من تمويل لمنظمات ولوبيهات صهيونية تقف خلف بنيامين نتانياهو، فهل تكف هذه الدول عن ازدواجيتها ويقفون لمرة واحدة مع العرب أم سيواصلون دعم تل أبيب؟!.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة