دندراوى الهوارى

وإيه يعنى لما النسر يسقط من علم مصر؟! وإيه يعنى لما الجيش يحارب إسرائيل؟!

الإثنين، 18 ديسمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع تغول الـ«سوشيال ميديا»، لتصبح أسلوب حياة، تبدل المجتمع المصرى رأسا على عقب، وبدأ يفقد أهم مميزاته ومقوماته، من انتماء للوطن وتماسك أسرى، وقيم أخلاقية وعادات وتقاليد، وهوية واضحة ومتفردة، وتحول الأمر وكأننا نعيش فى كابوس مزعج ومخيف.
 
وفَرغَ المصريون الهدف الرئيسى من الـ«سوشيال ميديا»، وهو التواصل الاجتماعى بين الأهل والأصدقاء مهما ابتعدت المسافات بينهم، إلى وسيلة «تقطيع» العلاقات واغتيال السمعة وخراب وتدمير البيوت، وزادت نسبة الطلاق بشكل خطير، وأصبح اللايك والكومنت والبلوك سمة رئيسية ودستورا حياة، يتوقف عندها استقرار وهدم كيان الأسرة المصرية، وتفسخت العلاقات، وأصبحت باردة مثلها مثل العلاقات الأسرية فى الإسكيمو على سبيل المثال!
 
بجانب أيضا، وهو الأهم أن مواقع التواصل الاجتماعى، أصابت المئات من المصريين بمرض جنون العظمة والبحث عن الشهرة حتى ولو على جثث الآخرين، واعتقد الكثيرون أنهم مؤثرون ويستطيعون تسيير السفينة على الإسفلت، وإبداء الرأى والتحليل فى العلوم العسكرية والاجتماعية والنفسية والفلك والكائنات البحرية والغاز والبترول والفيزياء والانشطار النووى والكيمياء وفنيات ألعاب كرة القدم والسلة والجمباز وما يدور فوق الكواكب الأخرى، والكارثة تزداد قناعتهم بقدراتهم العبقرية كلما زاد عدد المعجبين والمعلقين على «بوستاتهم وتويتاتهم»، ثم سرعان ما يطالبون بالمشاركة فى الفعاليات والمؤتمرات العلمية والاقتصادية والسياسية.
 
ولم يصل الأمر عند هذا الحد فحسب، وإنما تحول بعضهم إلى نشطاء وقوّامين على سياسة الدولة مع مختلف دول العالم، واستثمروا وجود عدد كبير من المتابعين فى عقد الصفقات القذرة للعمل ضد البلاد، فتجد معظمهم يدعمون ويؤيدون قطر ونظام الحمدين، وتركيا وأردوغان وحماس، ويناصبون العداء الشديد لمصر ونظامها ومؤسساتها خاصة القوات المسلحة والشرطة والقضاء، وهى المؤسسات الحاكمة والمحافظة على الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد!!
 
هؤلاء جميعا قدراتهم وقيمتهم الحقيقية عبارة عن «باسورد» لحساباتهم، سواء على «تويتر» أو «فيس بوك» على وجه الخصوص، وإذا فقده يصبح بلا قيمة، كما أن معظم هؤلاء تكتشف بمجرد مناقشتهم أنهم غير مؤهلين بالمرة، وأن معلوماتهم يستقونها من بوستات مجهولة، وشائعات تبثها مواقع وحسابات مجهولة، ودون التحقق من المعلومة، يتعاطون معها على إنها حقائق لا يتخللها الباطل من قريب أو بعيد، ثم يرددون المصطلح المقيت، «هو فيها إيه..؟!»
 
يبدأ الناشط بطرح هذا السؤال فى كل مناسبة، فبعد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، طرح هؤلاء سؤلا «وفيها إيه الجيش المصرى لو حارب إسرائيل لتحرير القدس؟» دون أى حيثيات أو دراسة أو تقارير تقدير موقف، تجيب عن سؤال: فى حالة إذا قررت مصر إعلان الحرب على إسرائيل ما النتائج التى ستترتب على هذا القرار؟ وهل مصر لديها استعداد لخوض حرب هجوميا من كل النواحى الاقتصادية والسياسية؟ ولماذا مصر فقط هى التى تعلن الحرب بينما أردوغان أمير المؤمنين الذى ترفع صوره فى الشوارع والميادين الفلسطينية يدفع بما قيمته %30 من حديد التسليح والأسمنت لإسرائيل لبناء الجدار العازل لتأمين مغتصبى القدس؟!
 
لعنة مصطلح «وإيه يعنى» كارثة حقيقية على الأوضاع فى مصر، وطال كل شىء، والهدف منه التسفيه والتسخيف، والتقليل من شأن الأشخاص، وقيمة الأشياء، والقرارات والإنجازات، للدرجة أن هذا المصطلح تجاوز الـ«سوشيال ميديا»، ليصل للإدارات والهيئات الحكومية وهو مأساة حقيقية، مخاطرها تتجاوز كل حسابات وتقديرات الخبراء للخسائر الناجمة عنها، وهناك واقعة معبرة، بوضوح عن كارثة مصطلح «وإيه يعنى»؟!
 
الواقعة تتلخص فى التبرير الذى ساقه مسؤولو التربية والتعليم، رداً على طباعة صور العلم المصرى فى كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائى بدون «نسر»، وأن الكتاب تم الانتهاء من طباعته بالفعل، ورغم هذه الكارثة، إلا أن مسؤولى التربية والتعليم مُصرون على توزيع الكتاب على التلاميذ فى هذا السن، وأنهم لن يستطيعوا إعدام آلاف الكتب، وأعطوا توجيهاتهم للمدرسين بأن يلفتوا نظر الطلاب أن النسر موجود فى العلم الحقيقى الموجود فى منتصف فناء المدرسة.
 
وعند سؤال مسؤول عن مخاطر استمرار صورة العلم المصرى بدون نسر فى منهج الصف الخامس، قال «وإيه يعنى» وهو ما أصابنى بحالة من السخط والغضب، لأن التسخيف والتسفيه من حجم المشاكل كارثة أكبر وأخطر، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بما يتم غرسه فى عقول الأطفال فى هذا السن الصغير، وأن الصورة تثبت الرؤية البصرية، وتحفرها على جدران ذاكرة أطفال مصر!!
 
مصطلح «وإيه يعنى» انتشر بشكل خطير، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعى فى تغلغله، فى كل مناحى الحياة، فتجد خونة يعملون ضد بلادنا، وتزداد عملية اختناق الانتماء فى الصدور، انتشارا، والتسفيه والتسخيف من الإنجازات، وتضخيم سفاسف الأمور لتشغل الشارع، ودفع البلاد بقوة للفوضى والارتباك، وتخريب العقول، ودمار البيوت، ولا تجد سوى و«إيه يعنى»؟!
ولك الله يا مصر...!!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة