عمارة "راقودة".. شاهدة على دور الدولة فى الحفاظ على التراث

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017 11:30 م
عمارة "راقودة".. شاهدة على دور الدولة فى الحفاظ على التراث عمارة راقودة
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تجسد مبانى الإسكندرية التراثية فصلاً مهمًا وعلامة مميزة تعكس وتتحدث عن طابع (عروس البحر المتوسط) وحضارتها خلال حقب تاريخية عديدة كانت فيها المدينة مركزًا لجذب والتقاء الحضارات والثقافات القادمة من أوروبا.

وتتصدر المبانى التراثية التى تقابل شاطئ عروس البحر المتوسط بداية من منطقة قلعة قايتباى الأثرية حتى منطقة الشاطبى بوسط المدينة القائمة الخاصة بالعقارات ذات الطابع المعمارى المميز والتى يرجع بناؤها إلى بدايات القرن الماضى.

ويأتى عقار (راقودة) هذا البناء الذى يقع بمنطقة الشاطبى بوسط المدينة ليحتل موقعًا مناسبًا بين تلك المبانى التراثية ليضم ويروى تفاصيل أحداث كثيرة يختلط فيها الماضى والحاضر التراث مع الحضارة ففيه عاش المخرج العالمى يوسف شاهين واستوحى منه أفلامه، كما قدم فيه الفنان المبدع إسماعيل يس عددًا من (منولوجاته) وكان مقصدًا للجنود الانجليز خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

وأصبح هذا المبنى حديث العامة والمثقفين كما حاز الخبر الخاص بهدمه اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية وأصدر محافظ الإسكندرية محمد سلطان قرارًا بوقف هدم العقار وإجراء تحقيق فى هذا الصدد، ودعا إلى انعقاد اجتماع عاجل للجنة العليا للحافظ على التراث.

وثمن الخبراء والنشطاء فى مجال الحفاظ على التراث هذا القرار الذى حمى عقار (راقودة) من الهدم وضياع التراث المميز الذى يعد ملكًا للبشرية والأجيال المقبلة.

ومن جانبه، قال الدكتور إسلام عاصم نقيب المرشديين السياحيين السابق ومسئول العلاقات الخارجية بجمعية التراث والفنون التقليدية إن (راقودة) يمثل طرازا معماريًا نادرًا عالميًا يماثل طابع مبنى (امبير ستات) فى نيويورك الذى ظل أطول بناء فى العالم طوال 40 عامًا، مضيفًا أن عقار الإسكندرية الفريد يعد أقدم من العقار الأمريكى .

وأوضح أن تاريخ بناء (راقودة) يرجع إلى الفترة ما بين 1925 و 1930 وهو يمثل الطراز (الارت تكو) ولا يوجد مثيل له بطول كورنيش الإسكندرية سوى مبنى واحد آخر يقع بالقرب من منطقة (بحري) ذات الطابع التراثى المميز.

وأشار عاصم إلى أن المبنى شهد أحداثا مهمة فقد كان مكانا يقصده الجنود الإنجليز للترفيه فى فترة الحرب العالمية الثانية، مشددًا على أهمية (راقودة) من الناحية التراثية والسياحية والأثرية فهو يمثل محطة مهمة بالنسبة لجولات الأفواج السياح الأجانب، كما أنه يقع على مقربة من منطقة الشاطبى الأثرية التى تضم أقدم المقابر الأثرية، مؤكدًا أن الخرائط تؤكد أن هناك آثارًا أسفل العقار.

وبدوره، أكد وليد منصور الحاصل على ماجستير فى مجال البيئة والتنمية المستدامة وأول من أطلق مبادرة للحافظ على عقار (راقودة) من الهدم، أن الدولة المصرية تنفذ خطوات جادة وتشهد تطورًا ملحوظًا فى مسار الحفاظ على التراث خاصة خلال الفترة الماضية.

ووصف منصور قرار محافظ الإسكندرية بوقف هدم عقار (راقودة) بأنه "خطوة غير مسبوقة" واستجابته لمطالب المواطنين بالحفاظ على هذا التراث المهم.

وقال "أهمية (راقودة) إنه منزل (يوسف شاهين) وفيه شهد الكثير من الأحداث التى كانت ملهمًا له فى الكثير من أفلامه، بل وقدم فيه الفنان الكبير (إسماعيل يس) الكثير من أعماله و(منولوجاته) فى فترة بين خمسينيات وستينيات القرن الماضي، متسائلا: "ألا يستحق كل هذا التراث أن يبقى ويظل شاهدا على أحداث مهمة قدمتها رموز الثقافة المصرية؟".

ودعا إلى ضرورة استثمار هذا التراث الذى لا يقدر بثمن وترميمه بما يحافظ عليه وإقامة متحف يضم إبداعات كبار الفنانين المصريين من أبناء الإسكندرية ومنهم يوسف شاهين وبيرم التونسى وسيد درويش، مقترحًا أن يشيد المستثمرون هذا المتحف الذى يمكن أن يحقق دخلا كبيرا ويجذب السياحة الداخلية.

وطالب منصور بتطبيق تجارب الدول المتقدمة فى الحفاظ على التراث والآثار وذكر فى هذا الصدد القوانين الخاصة بالحفاظ على التراث الألمانى والبريطانى التى تمنع هدم المبانى القديمة وتطالب بإعادة أى بناء -حتى وإن كان طوبة واحدة هى المتبقية منه- إلى أصله، منوها بضرورة الحفاظ على حق الأجيال المقبلة فى معرفة تراثهم وحضارتهم.

وأشار منصور إلى أن الارتباط بالتراث والثقافة والحضارة يخلق الهوية ويتصدى للعنف والإرهاب كما أن التراث يعد الرابط الحقيقى بين الشعوب عالميا.

وأكد ضرورة إصدار التشريعات والقوانين التى تنظم العمل فى مجال التراث والاستثمار فيه وتحقق الترابط بين المجتمع وحضارته.

وفى هذا السياق، أكد مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالإسكندرية محمد متولى أهمية عقار راقودة وطابعه المعمارى المميز، قائلا إن العقار ليس مسجلا ضمن عداد الآثار ولكنه يمثل قيمة تراثية وحضارية.

ودعا إلى ضرورة اجتماع اللجنة العليا للحفاظ على التراث قبل إصدار أى قرار يتعلق بالمبانى التراثية ذات الطابع المعمارى المميز لتقرير ما يجب اتخاذه من إجراءات بشأنها الحفاظ على الحضارة والتراث المميز للإسكندرية (عروس البحر المتوسط).









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة