بعد 7 سنوات من الحرب والدمار، ليس فقط على المستوى البنية التحتية،الذى ضرب أرجاء سوريا، بل أيضا على المستوى الصحى والنفسى للمواطنين فى سوريا، فلا فرح وسط الإرهاب، ولا طعام وسط الحروب، ولا ماء تروى وسط الموت،هكذا عاش الشعب السورى أعوام عديدة ، حالة من التخبط والخوف، إرهاب فى كل مكان، قذائف من كل جانب، تسمع صراخ الأهالى من كل زاوية، أطفال تجرى من أهوال إطلاق النار، فمنهم شهيد، ومنهم مصاب،فهذا المشهد قد لا يتخيل أحد أن يوجد فى دولة عربية، بل إنة وجد فى دولنا العربية وخاصة سوريا والعراق، وأيضا اليمن بفعل الإرهاب وهو أقل ما يقال عنه " السرطان بإسم الدين".... إذن بعد كل هذه الأهوال.. حان الوقت للشعب السورى أن يفرح...
شجرة الكريسماس وسط الدمار
بدأت بوادر الفرحة من سكان حى الحميدية فى مدينة حمص السورية بوضع اللمسات الأخيرة على شجرة عملاقة تعلوها نجمة حديدية وسط شارع يلف الدمار بعض أبنيته رغم توقف المعارك.
ومن المقرر أن تستضيف هذه المنصة عروضاً مخصصة للأطفال ونشاطات متنوعة تزامناً مع الاحتفال بإنارة الشجرة الخضراء عصر الخميس.
وتقول المديرة التنفيذية لمؤسسة بيتى للتنمية، لوكالة فرانس برس "فى العام 2014، كانت الشجرة مصنوعة من الأنقاض، وكنّا قد عدنا للتو إلى هذه الحارة المدمّرة".
سوريون يبنون شجرة الكريسماس من أنقاض البيوت
وتضيف بعد توزيعها المهام على فريق من المتطوعين الشباب "لكن هذه السنة مع عودة الأهالى وعودة الحياة.. بدأت الناس تفرح مجدّداً".
ورغم تجاوزه الستين عاماً، أصر عبدو اليوسفى أحد سكان حى الحميدية ذات الغالبية المسيحية، على مساعدة المتطوعين، وتولى مهمة جر صناديق الزينة الى جوار الشجرة.
ويقول وهو يمسح جبينه بمنديل أبيض "فى الماضى، كانت شجرة الميلاد فرحة الأطفال، أما اليوم فهى فرحة للكبار والصغار، فالشجرة تجمعنا حولها".
عودة النازحين وسط الدمار
ويشير مبتسماً إلى الشبان حوله "كما ترى جميع سكّان الحارة يتعاونون ويضحكون كالأطفال الصغار" قبل أن يطلب من أحدهم أن يلتقط له صوراً بجوار الشجرة ليرسلها الى أبنائه الذين هاجروا الى ألمانيا بعد اندلاع النزاع.
ويضيف بصوت مرتفع "أريد أن أطلب منهم أن يعودوا، لقد عاد الفرح إلى حمص".
ووصل عدد سكان مدينة حمص قبل اندلاع النزاع، إلى نحو 800 الف شخص، فرّ الكثير منهم بسبب المعارك، وقد عاد بعد انتهاء المعارك عشرات الآلاف بينهم الآلاف الى المدينة القديمة.
مواطنون يحتفلون بالكريسماس على أنقاض الحروب
أثناء تزيين الشجرة، يمر أطفال ويتسمرون أمامها لدقائق. يتأملون زينتها المبعثرة فيما ينهمك عمال بناء فى الجهة الأخرى من الشارع بترميم منازل ومحال متضررة بفعل المعارك، تمهيداً لافتتاحها تزامناً مع موعد إنارة الشجرة.
فى منزل داخل مبنى شبه مهجور، زينت إحدى العائلات شجرة صغيرة بإضاءة حمراء خافتة، تطل على شرفة لا تزال آثار حريق واضحة عليها.
ورغم توقف المعارك فى المدينة منذ مايو 2014، لا تزال معالم الدمار فى كل ناحية وصوب،أبنية شبه مدمرة، وأخرى تصدعت طوابق منها ومتاريس لا تزال تزنّر الشرفات.
وشهدت المدينة معارك ضارية بين الفصائل المقاتلة والجيش الذى تمكن فى العام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب نحو 2000 مقاتل معارض من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف.
شجرة الكريسماس
وعلى بعد أمتار من مكان الشجرة، علّقت عشرات الصور على جدران الحى تظهر شباناً ورجالاً، بينهم مهندس وعسكرى، قتلوا خلال الحرب، وكتب فوق إحدى هذه الصور عبارة "جدار الشرف".
وتحتضن أحياء حمص القديمة كنائس عدة أبرزها كنيسة أم الزنار، حيث يعمل شبان على ترتيب مغارة الميلاد المصنوعة من الورق البنى ووضع التماثيل داخلها.
ويشرح أحد وكلاء الكنيسة لفرانس برس "كان الحزن فى السابق حاضراً فى أعيادنا بسبب الشهداء الذين قضوا والدمار الذى حلّ بالكنيسة".
ويقول "كنا نقيم صلواتنا على الأنقاض، لكن اليوم ترمّمت الكنيسة، وعادت الزينة. عيدنا هذه السنة يشبه أعياد ما قبل الحرب".
عودة الباعة
وتعد كنيسة أم الزنار ذات الجدران الحجرية الرمادية أشهر كنائس حمص القديمة. وتسببت المعارك باحتراق جزء منها ودمار جزء آخر، ولا تزال الحفر الكبيرة فى وسط الطريق المؤدية اليها والدمار الذى لحق بالأبنية المجاورة شاهداً على ضراوة القتال.
وتشرف أعمال الترميم على الانتهاء فى الكنيسة، حيث وضعت مقاعد خشبية جديدة وتدلت من السقف نجوم حمراء وعلقت أيقونة كبيرة للسيدة العذراء فى احدى زوايا الكنيسة.
ويشرح أحد وكلاء الكنيسة لفرانس برس "أعدنا أيقونات ثمينة إلى الكنيسة كنا قد خبئناها بعد تضرر بعضها خلال الحرب، وأحضرنا أيقونات جديدة".
داخل الكنيسة، تصدح أصوات الجوقة خلال تمرينات كثيفة لأداء تراتيل الميلاد تزامناً مع استعداد كشافة الكنيسة لتنظيم استعراض موسيقى فى شوارع الحى يوم الميلاد.
عودة النازحين وسط الدمار
وعلى بعد شوارع عدة، يرتفع صوت موسيقى من داخل مطعم جوليا دومنا الشهير فى حمص القديمة، الذى أعيد ترميمه قبل عام بعد تضرره خلال المعارك، وينشغل عمال بتعليق حبل من الأضواء فيما ينهمك مدير المطعم وهو شيخ كبير فى احتساب الحجوزات.
ويقول بفخر "عادت الأعراس بعدما كثرت الجنازات، وامتلأ المطعم بالزبائن بعدما هجروه طيلة سنوات الحرب".
ويضيف "انتهت الأحداث المؤلمة، أعتقد أن حمص وصلت اليوم إلى برّ الأمان وأعلنت فك حدادها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة