صفعة على وجه ترامب المغرور والبلطجى والغشيم، وصفعة أخرى على وجه نتنياهو القاتل واللص والوقح. فى الوقت الذى ظنت قوى الاستعمار أنها قوضت كل القيم الإنسانية وشرعت من جديد لقانون الغاب والبلطجة الدولية، وقف أغلبية دول العالم فى مقر الأمم المتحدة، لتقول لقوة الشر الأولى أمريكا وحليفتها إسرائيل: لا، دول العالم الحر لا تباع ولا تشترى ولا تخضع للتهديد.
كان التاجر الفاسد دونالد ترامب، يهدد ويتوعد الدول التى تقدم لها بلاده مساعدات اقتصادية، لو صوتت ضد قراره الفاجر باعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى، لم يكن يظن ترامب الذى لا يعرف إلا قوانين البيع والشراء والصفقات السرية، أن هناك أشياء فى العالم يمكن أن يحميها البشر بأرواحهم وأن يدافعوا عنها مهما كلفهم الأمر، ولم يكن يظن أن الشجاعة والإقدام مازالتا قيمتين باقيتين فى هذا العالم الملوث بالبلطجة والعدوان والاستعمار والإفساد المنظم، لكنه فوجئ بأن هناك من يتحداه رغم افتقاره إلى الغنى الفاحش أو إلى القوة الساحقة، وهو ما جعله يفقد أعصابه ويظهر معدنه الخسيس.
كان يوم تاريخى بالجمعية العامة للأمم المتحدة، فى الجلسة الطارئة المنعقدة تحت بند «الاتحاد من أجل السلام»، للبت فى مشروع قرار يرفض إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، عندما صوتت 128 دولة لصالح القرار، فيما عارضته 9 دول هامشية، وامتنعت 35 دولة عن التصويت، وسيظل العالم يتذكر طويلا «A-1022»، الذى يعتبر أكبر دفعة إيجابية للقضية الفلسطينية المشروعة وحق الفلسطينيين فى الحلم بدولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
القرار الأممى «A-1022» نص على اعتبار أية إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس المحتلة لاغية وباطلة، وهو ما يعنى بوضوح أن استناد ترامب إلى قوته الساحقة لفرض انحيازه للاحتلال الإسرائيلى باطل وأن قراره بنقل السفارة الأمريكية للقدس باطل وأن مساعدته قوات الاحتلال الإسرائيلى على ابتلاع الأراضى الفلسطينية باطلة وأن محاولته الخبيثة لإضفاء المشروعية على أعمال الاحتلال باطلة وغير مقبول تنفيذه على الأرض.
من ناحية ثانية، أسهم القرار الأممى «A-1022» فى عودة الروح، ليس للقضية الفلسطينية فحسب، وإنما لمبادئ القانون الدولى والشرعية الدولية، وهى المبادئ التى دهستها لعقود الدبابات الأمريكية وقصفتها بالطائرات ودعت حلفائها لتجاهلها واحتقارها وترسيخ قانون الغاب والبلطجة بدلا عنها، لذا علينا جميعا أن نبنى على ما أسسه هذا القرار التاريخى، وأن نرفع رءوسنا فى مواجهة البلطجة الدولية أيا كان مصدرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة