"عايزين نربى ولادنا زى الناس وناكل لقمتنا بالحلال"بهذه الكلمات الموجزة يمكن تلخيص معاناة العشرات من السيدات اللاتى إمتهن صناعة الخبز الفلاحى لبيعه لقائدى السيارات على جانبى الطريق الزراعى بالبحيرة بالتحديد بالقرب من مدينة كفر الدوار.
انتشار-مخابز-العيش-الفلاحى-بالبحيرة
"اليوم السابع " حاول رصد هذا المشهد عن قرب، والذى يبدو للوهلة الأولى مشهدا فولكلوريا بإمتياز ولكن إذا تعمقنا أكثر سنرى المأساة بمعناها الحقيقى.
البداية مع "أم محمد" التى رفضت الإفصاح عن إسمها الحقيقى، خوفا من التشهير بها على حد قولها، مؤكدة إن معظم السيدات اللواتى يعملن فى صناعة الخبز الفلاحى والفطير المشلتت على الطريق الزراعى، هن ضحية ظروف اجتماعية قاسية أجبرتهن على العمل من أجل لقمة العيش.
وأضافت إن زوجها توفى منذ سنتين وترك لها ثلاث بنات وولدين، كلهم فى المراحل التعليمية المختلفة، فاضطرت للعمل باليومية مثل الرجال من أجل الإنفاق على أولادها .
وأوضحت "أم محمد"، إن مخابز العيش الفلاحى على الطريق بدأت بفرن واحد منذ حوالى سنة، وسرعان ما انتشرت حتى وصلت إلى أكثر من 20 فرن بلدى على جانبى طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى.
وقالت صباح عبد الله - إحدى العاملات من مركز كفر الدوار - إن المشروع بأكمله يتكون من فرن غاز وعجانة ومكان لعرض المخبوذات، تضمهم عشه من الخوص المجدول للوقاية من حرارة الشمس وأمطار الشتاء.
مشيرة الى أن هؤلاء السيدات يعملن فى ظروف صعبة للغاية منذ شروق الشمس حتى أذان المغرب مقابل أجر لا يتعدى 80 جنيها يوميا، وهو مبلغ يغطى نفقات أسرهن بالكاد.
مخابز-العيش-على-الطريق-الزراعى-بالبحيرة
وأوضحت عبد الله أن المعاناة الحقيقية لهولاء النسوة يتمثل فى حملات الإزالة المتكررة على الأفران بزعم عدم ترخيصها وتعطيلها للحركة المرورية.
وتابعت "هى الحكومة عايزة مننا إيه ..كل يوم شحططة على الفاضى.. عايزين نعرف نصرف على عيالنا".
مخابز-ااطريق-الزراعى-بالبحيرة
إنتقاد العاملات للجهات التنفيذية يمكن شرحه باستفاضة مع محمد البحيرى أحد أصحاب الأفران المنتشرة على الطريق الزراعى، الذى أكد على استمرار حملات الإزالة من قبل الشرطة بشكل مكثف على تلك الأفران بحجة عدم وجود تراخيص وتعطيل المرور.
مضيفا "حاولنا أكثر من مرة تقنين أوضاعنا مع الوحدة المحلية ودفع غرامات إشغال طريق مثل الباعة الجائلين ولكن دون جدوى".
رواج-بيع-المخبوزات-الفلاحى-على-الطرق-بالبحيرة
وطالب البحيرى من المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة، إنقاذ أسرهم من التشرد و الاستماع إلى شكواهم بشكل إنسانى وتقنين أوضاعهم بالشروط المناسبة مراعاة للظروف الإجتماعية لعشرات الأسر من أصحاب الأفران والعاملات اللذين يعتمدون بشكل أساسى على هذا المشروع البسيط.
فيما قالت عزيزة إسماعيل 20 عاما حاصلة على دبلوم فنى - وتعمل فى أحد أفران الطريق، إنها حاولت الالتحاق بأى عمل لمساعدة أسرتها فى المعيشة وتجهيز "شوار" العرس، لكنها لم تنجح فى فى الحصول على أى فرصة عمل، فاضطرت إلى العمل خبازة للعيش الفلاحى.
عاملات-المخابز-بالطريق-الزراعى-بالبحيرة
مضيفة، إن هذا المشروع يلقى رواجا كبيرا بين الكثير من العابرين وسائقى السيارات المتعطشين للمخبوزات الفلاحى التى كادت أن تندثر مع الزمن، خاصة وأن سعر هذه المخبوزات فى متناول الجميع مثل كيلو القرص الفلاحى الذى لا يزيد ثمنه عن 15 جنيها، والفطير بالسمن البلدى الذى لا يتجاوز 25 جنيها.
وطالبت عزيزة إسماعيل بتوفير فرص عمل للشباب أو تقنين أوضاع هذه المخابز ودعمها من قبل الدولة، واعتبارها من المشروعات الصغيرة التى تتبناها الحكومة فى الآونة الأخيرة.
رواج-المخبوذات-الفلاحى-على-الطرق-السريعة
وأكدت "مرفت إبراهيم أبو زهرة "صاحبة أحد الأفران على الطريق الزراعى على معاناتها الشديدة خلال عملها خاصة مع حملات الإزالة المستمرة على المخابز العشوائية.
وأضافت :"عندى 6 أولاد منهم 3 حاصلين على شهادات ومفيش ولا واحد بيشتغل..لو الحكومة عايزانا نسيب الشغل ده يوظفوا عيالى.. "أيه اللى رماك على المر اللى أمر منه".
مخابز-الطريق-بزراعى-البحيرة
وعن وجود حوادث على الطريق بسبب الأفران العشوائية قالت أبو زهرة :من يوم فتحنا المخبز ومفيش أى حادثة حصلت بسببنا..ولوفيه أى شروط للمحافظة مستعدين نعملها بس بلاش نقفل الأفران علشان فاتحة بيوت كتيرة"
مخابز-الطرق-بالقرب-من-مدينة-كفر-الدوار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة