رغم تاريخ مصر القديم والحضارة الفرعونية التى هى من أقدم حضارات التاريخ، وإرثها التراثى والثقافى الكبير، إلى أنه لا يوجد لها سوى عنصرين فقط فى قائمة "اليونسكو" لقائمة التراث الثقافى اللا مادى، وهما السيرة الهلالية والتى أضيفت عام 2008، وفن التحطيب الذى أضيف فى ديسمبر عام 2016.
وأعلنت منظمة اليونسكو مؤخرًا عن إضافة أكثر من 39 عنصرا جديدا للقائمة ليس من ضمنها أى عناصر مصرية، بينما ضمت فن العازى الإماراتى، وفن القط العسيرى السعودى، بالإضافة إلى إدراج رقصة تاسكيوين المغربية، رغم إننا نملك مئات العناصر التراثية من فنون وآكلات شعبية وألعاب محلية يمكن إضافتها للقائمة، فسؤال يطرح نفسه هل هناك تقصير من وزارة الثقافة أم أن الاشتراطات التى تضعها اليونسكو تقف عائقًا أمام إضافة عناصر أخرى؟.
مسعود شومان: لا نستعين بالكفاءات والأمر أصبح سبوبة
الشاعر مسعود شومان، الباحث فى التراث الشعبى، ورئيس سلسلة الدراسات الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، قال إن الجهة المسئولة عند تقديم الملفات فى مصر لا تستعين بالكفاءات التى تستطيع تقديم ملفات قوية لإضافة عناصر جديدة بقائمة التراث غير المادى.
وأضاف "شومان" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن منظمة اليونسكو قامت من قبل بتنظيم عدة دورات لشرح كيفية التقديم بملفات لضم عناصر جديدة تتوافق مع رغبات المنظمة ولكن وزارة الثقافة لم تستعن بأحد منهم.
ولفت مسعود شومان، إلى أن هناك دولاً مما تمتلك رءوس أموال كبيرة، تقوم بالاستعانة من الخارج بأصحاب الخبرات القادرين على تقديم ملفات قوية وتحتوى على الاشتراطات اللازمة لضم العنصر، مستشهدًا بدولة مثل تركيا التى قامت بتقديم ملف جحا لقائمة التراث رغم إنه من التراث العربى فى الأساس، مشيرًا إلى أن المعايير ليست فى أهمية العنصر أو قوته ومدى تأثيره الثقافى فقط، بل يكون التقييم وفقًا لقوة الملفات المقدمة.
وبسؤاله عن أهم العناصر التى يمكن التقدم بها، أكد أن الموضوع أصبح "سبوبة".
وطالب الشاعر مسعود شومان، بألا يصبح التراث محتكرًا، على فئة معينة هى من تقدم الملفات وهى من تحضر المؤتمرات، وأن يحول المسئولون عمل حصر لعناصر التراث المصرى وهى كثيرة جدًا ومن ثم التقديم بملفات لإضافتها إلى قائمة التراث العالمى، مؤكدًا أن ذلك يحتاج لضمير ثقافى وطنى.
خبيرة تراث: مصر لم تتقدم بعناصر جديدة
من جانبه قال الدكتورة نهلة إمام، خبير فى التراث غير المادى، ورئيس الوفد المصرى المشارك فى اجتماع اللجنة الحكومية الدولية لليونسكو، لإضافة فن التحطيب إلى قائمة التراث العالمى غير المادى، إن إضافة عناصر جديدة إلى القائمة تحتاج سنوات طويلة، نظرًا للشروط التى تشترطها المنظمة الدولية.
وأضافت نهلة إمام أن المنظمة الدولية تقوم بإضافة عنصر واحد فقط من كل بلد فى العام الواحد، موضحة فى الوقت ذاته أن مصر لم تتقدم لإضافة أى عنصر جديدة لقائمة التراث هذا العام.
وأكدت الدكتورة نهلة إمام أن وزارة الثقافة بحكم الدستور هى الجهة المعنية بالحفاظ على التراث، وهى من لها الحق فى ترشيح أى عنصر للقائمة، مشيرة إلى أنه من المفترض أن تتقدم مصر فى مارس المقبل بعنصر جديد لإضافته إلى القائمة، على أن يكون تقييم اليونسكو، فى يونيو المقبل، والإعلان فى ديسمبر، ولكن حتى الآن لم يتم الاستقرار على ذلك من الجانب المصرى.
مقرر لجنة الفنون: ليس غاية المراد والمهم حصرها
الدكتور سميح شعلان
من جانبه قال الدكتور سميح شعلان، مقرر لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للثقافة، إن عدم تقديم مصر لملفات لإضافة عناصر جديدة لقائمة التراث العالمى غير المادى لمنظمة اليونسكو، لا يعتبر تقصيرًا، وذلك كون تسجيل أى عنصر جديد بالقائمة يحتاج لمقاييس ومعايير خاصة.
وأضاف "شعلان" أن لجنة تقييم الملفات باليونسكو تنظر لعدة أمور ليس من ضمنها ثقافة وتراث البلد المقدم، بقدر النظر لكيفية كتابة الملف وحرفيته، مشيرًا إلى أن تلك اللجنة لا تقوم على التقارب بين الشعوب كما هو الغرض من القائمة، وذلك لأن هناك عدة دول تتصارع على عناصر معينة.
وأكد الدكتور سميح شعلان، أنه لابد أن ندرك أن إضافة عناصر التراث الشعبى المصرى فى قائمة اليونسكو هو غاية المراد فقط، فعلينا أن نخضع تراثنا للتسجيل والتوثيق وإخضاعه لعملية البحث العلمى، والصيغة المتحفية، وأن نتعمق ونحلل تلك التراث وكيف ارتبط به المصريون، وأن يكون جزءًا من المقررات المدرسية، وأن نستغله فى عملية التنمية.
وأوضح "شعلان"، أن مصر لديها ثلاث ملفات جاهزة للتقديم لليونسكو، هى الأرجواز والتلى والفخار، وأن الأخير مقدم بالفعل منذ 3 سنوات ولكن تم ترحيله بعد تسجيل فن التحطيب، كما أن المنظمة قررت أن تسجل عنصرًا واحدًا كل عام من كل بلد، بسبب ما أسماه "زحمة الملفات المقدمة"، على حد تعبيره.
وطلب "شعلان" بتشكيل لجنة تكون مدربة وواعية لمقاييس تسجيل الملفات، تكون مهمتها هو كتابة وصيغة الملفات بالطرق التى تتلاءم مع لجنة التقييم باليونسكو.