فى الفترة الأخيرة، ونظرا للأحداث التى لا يمكن إنكارها أو التغاضى عنها، صار التراث الدينى والشعبى والاجتماعى متهما بشكل كبير، حيث يرى البعض أن بعض مواده هى السبب فى التطرف والعصبية والعنصرية الذى يعانى منها البعض، والتى تصل إلى حد المشاركة فى صناعة الإرهاب، لذا يطالب هؤلاء بقطيعة دائمة مع هذا التراث، وأن علينا البدء فى تكوين عالم حديث لا علاقة له بما سبق، بينما يؤكد آخرون أهمية الماضى وفنونه وإنتاجه المادى وغير المادى ويدعون إلى ضرورة دمجه فى المناهج التعليمية.
وكان لى أن تابعت خلال الفترة الماضية الملتقى الدولى السادس للفنون الشعبية، والذى أقيم فى الأقصر، ونظمه المجلس الأعلى للثقافة واستضافه قصر ثقافة الأقصر، وجاء تحت عنوان «التراث الثقافى غير المادى والتعليم.. رؤية عربية»، حيث شارك فيه قرابة 60 باحثا من مختلف الدول العربية، ناقشوا خلاله الكثير من القضايا المتعلقة بالتراث والتعليم والعلاقة بينهما.
فى هذا المؤتمر كان التراث هو محط السؤال ومركزه، فقد تساءل البعض ما المقصود بالتراث؟ وما دوره؟ وما تاريخه وأثره وسياقه ومكانته وقدرته على الاستمرار وعن حاجتنا إليه من عدمها؟ كما تساءل المشاركون عن أى نوع من التراث يصلح للدمج فى التعليم؟ لأن ذلك التراث مثقل بالكثير من المواد، التى تدعو إلى التفرقة وتحمل فى داخلها معاول هدم كما تحمل أسس بناء، ومن الذى سيختار التراث الذى يكون صالحا لتعليمه للأطفال؟ كذلك تساءل البعض عن الطرق والآليات التى يمكن تعليم التراث بها للأطفال؟ لأن الطريقة لا تقل أهمية عن المادة المقدمة، وهى السبب فى أن يترك هذا التراث أثرا أو لا يترك.
كانت خلاصة المؤتمر أن البعض رأوا أن طرقا معينة مثل استخدام الصورة والتكنولوجيا الحديثة هى السبيل إلى تعليم التراث، بينما رأى آخرون أن التعليم النظامى للتراث سوف يفقده دوره، وأن الأمر يجب أن يظل مقصورا على الجوانب المبهجة فقط والمهرجانات الاحتفالية، لأن التعليم الإجبارى لهذه المواد سوف يحولها إلى مواد جافة غير ممتعة. هذه الأمور التى ناقشها المؤتمر على مدى ثلاثة أيام فى التراث غير المادى فى الفنون الشعبية بحاجة أكبر إلى مناقشتها فى التراث الدينى، لأن معظم الأزمات ناتجة عن تفسيرات لهذا التراث، وعلينا كذلك أن نزيد جرعة الأسئلة، خاصة أن التراث الدينى هو الأكثر ارتباطًا بالعملية التعليمية، سواء أردنا أم أبينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة