أعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أمس الإثنين من الخرطوم أن السودان خصص جزيرة سواكن الواقعة فى البحر الأحمر شرقى السودان لتركيا كى تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يحددها، ما يعنى أن الرئيس السودانى عمر البشير أصدر قرارا ببيع جزء من ترابه الوطنى مقابل المال ومقابل تحقيق أهداف إستراتيجية أخرى.
من جانبه رأى هانى سليمان، كبير الباحثين بالمركز العربى للدراسات السياسية والبحوث الاستراتيجية أن هذا الخطوة كانت متوقعة فى ظل الحفاوة المبالغ فيها من جانب عمر البشير بأردوغان ما يعنى أن البشير أتاح سياقا جديدا لأردوغان لممارسة سيطرة صلبة من نوع جديد على منطقة نفوذ جديدة ومؤثرة فى البحر الأحمر.
وأضاف سليمان فى اتصال هاتفى مع "اليوم السابع" ـ فى وقت باكر من صباح اليوم الثلاثاء ـ أن أردوغان يستهدف من التحكم فى جزيرة سواكن الاستراتيجية استعادة أمجاد الدولة العثمانية التى كانت تستحوذ على هذا الجزء من الإقليم.
البشير وأردوغان
وأشار إلى أن أردوغان يبتغى التأثير فى ملفات إفريقية متعددة تضر اللاعبين الإقليميين، معتقدا أن البشير أراد أن يحصل على موقف تركى يساند مواقفه فى مختلف النزاعات المحتملة مع جيرانه.
جزيرة سواكن
وتابع أن هذه الخطوة الظاهر منها زيادة العلاقات الاقتصادية ودعم اقتصاد السودان لكن المؤكد أن أردوغان يبحث من خلالها عن دور جديد فى قيادة المنطقة وتجميع بعض الدول فى إطار الإسلام السياسى، خاصة أن البشير ينتمى إلى جماعة الإخوان.
أردوغان
فى السياق ذاته قال الباحث المتخصص فى الشؤون التركية محمد حامد إن تلك الخطوة تستهدف أن يكون لأردوغان منطقة نفوذ استراتيجية فى إقليم القرن الإفريقى وتعكس إلى أى مدى يعد النظام السودانى ذى قبول وهوى للدور التركى المتنامى فى المنطقة.
جزيرة سواكن
ولفت حامد فى تصريحاته لـ"اليوم السابع" صباح اليوم الثلاثاء إلى أن تعدد الزيارات المتبادلة بين الجانبين على مستوى وزراء الخارجية وتعيين سفير جديد تشى بأن فكرة تخصيص الجزيرة المهمة من السودان لأردوغان عملية مقايضة قديمة وحديثة، وهى مقايضة للأرض مقابل المال.
ونوه الباحث فى سياق حديثه إلى أن أردوغان حقق من خلال البشير خطوة إستراتيجية بعيدة المدى وهى إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية، من خلالها يكون له وجود فى منطقة نفوذ قبالة السواحل اليمنية التى تشهد اضطرابا كبيرا بعد الانقلاب الحوثى الذى تم فى خريف 2014.
البشير
وميناء سواكن هو الأقدم فى السودان ويستخدم فى الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة فى السعودية، وهو الميناء الثانى للسودان بعد بور سودان الذى يبعد 60 كلم إلى الشمال منه.
واستخدمت الدولة العثمانية جزيرة سواكن مركزا لبحريتها فى البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثمانى لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامى 1821 و1885.
وقال أردوغان وهو يتحدث فى ختام ملتقى اقتصادى بين رجال أعمال سودانيين وأتراك فى اليوم الثانى لزيارته للسودان أولى محطات جولته الإفريقية "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم والرئيس البشير قال نعم".
وأضاف أن "هناك ملحقا لن أتحدث عنه الآن".
جزيرة سواكن
وزار أردوغان برفقة نظيره السودانى عمر البشير سواكن، حيث تنفذ وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" مشروعا لترميم الآثار العثمانية، وتفقد الرئيسان خلالها مبنى الجمارك ومسجدى الحنفى والشافعى التاريخيين فى الجزيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة