أعلنت كل من تركيا والسودان عن توقيع بعض الاتفاقيات، الاقتصادية منها والعسكرية، وذلك خلال زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، للسودان، فيما أعلن وزير الخارجية التركى مولود تشاوش اوغلو، أنه تم توقيع اتفاقيات بخصوص أمن البحر الاحمر، مؤكدا أن تركيا ستواصل تقديم كل الدعم للسودان بخصوص أمن البحر الأحمر، فى الوقت ذاته تنازلت السودان عن جزيرة سواكن الواقعة فى البحر الأحمر لتركيا كى تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يتم تحديدها.
جزيرة "سواكن" قريبة من السواحل المصرية، حيث تبعد نحو 650 كيلومترا من حلايب وشلاتين المصرية، وتضم الجزيرة منطقة أثرية تاريخية وكانت سابقا ميناء السودان الرئيسى، وقد بنيت المدينة القديمة فوق جزيرة مرجانية وتحولت منازلها الآن إلى آثار وأطلال.
أمن البحر الأحمر لا يتوقف عند السودان فقط، بل يمتد لسبع دول أخرى، مطلة عليه بالإضافة للسودان وهى: اليمن، والسعودية من الجهة الشرقية، والأردن، وفلسطين من الجهة الشمالية، وجيبوتي من الجهة الجنوبية، ومصر من الجهتين الشمالية، والغربية، وإريتيريا من الجهتين الجنوبية، والغربية.
أهمية البحر الأحمر من الناحية الأمنية والإستراتيجية، تكمن في كونه، أحد أهم البحار في العالم، حيث يقع بين قارتي آسيا وأفريقيا؛ ويتصل مع المحيط الهندى من جهة الجنوب من خلال خليج عدن، ومضيق باب المندب، أَما من جهة الشمال فيشترك بالحدود مع شبه جزيرة سيناء، وخليج السويس، وخليج العقبة، حيث قناة السويس، ويعتبر أحد طرق الملاحة الأساسية في العالم، ومعبراً رئيسياً لتصدير النفط من دول الخليج إلى دول العالم، وتزداد أهميته بوجود قناة السويس.
البحر الأحمر
وتوجد هيئات حكومية عدة تتبع الدول المطلة على البحر الأحمر، كهيئة قناة السويس، والهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر فى مصر، والهيئة البحرية الأردنية، والمؤسسة العامة للموانئ فى المملكة العربية السعودية، وهيئة الموانئ البحرية فى السودان، إلى جانب هيئات أخرى، كالهيئة التابعة لإسرائيل المحتلة لأراضى فلسطين.
الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر تنطلق من الجنوب، عند مضيق باب المندب، فهو أحد أهم الممرات المائية فى العالم وأكثرها احتضانا للسفن، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذى تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز، حيث ظلت أهميته محدودة إلى أن تم افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط، فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندى وشرقى إفريقيا.
وعملت الدول الكبرى على إقامة قواعد عسكرية قرب مضيق باب المندب نظراً لأهميته العالمية فى التجارة، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التى تمتلك قاعدة عسكرية فى جيبوتى على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، بالإضافة لفرنسا، وروسيا، وبريطانيا، واليابان والصين، إلى جانب تركيا التى تمتلك قاعدة عسكرية فى جيبوتى كذلك.
وأقامت إسرائيل قاعدة بحرية عند ميناء مصوع الإريترى عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، بالإضافة لقواعدها العسكرية بجنوب أثيوبيا، وكينيا وأوغندا.
وبعد أحداث سبتمبر 2001، عملت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على زيادة نفوذها فى البحر الأحمر، وفرضتا وجودهما الدائم فى البحر الأحمر، بحجة مكافحة الإرهاب، مما جعل اسرائيل أحد الدولة المشاركة فى استراتيجية أمن البحر الأحمر.
وتزداد إقامة القواعد العسكرية الأجنبية فى الدولة المطلة على البحر الأحمر مثل اريتريا والسودان تحت دعوى حماية الممر المائى والمجرى الملاحى، لضمان عدم تعرض قوافل التجارة العالمية لأى مخاطر تهدد تدفقها بالبحر الأحمر، بجانب الانتشار السريع لقوات تلك الدول فى حالة أية طوارئ بالشرق الأوسط خاصة فى السنوات الأخيرة الماضية.
وتسببت أعمال القرصنة فى تزايد التواجد الأجنبى بالبحر الأحمر، ففى أكتوبر عام 2008، صدر قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1838، بوجود قوات أجنبية أمام السواحل الصومالية لمقاومة القرصنة بالبحر الأحمر، وتم نشر سفن حربية وطائرات عسكرية، حيث تركزت السفن الحربية المشاركة من فرسنا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية فى جيبوتى.
ولإيران تواجد فى إريتريا، وذلك بعد الاتفاقية الأمنية التى عقدت بينهما فى مايو 2008، والتى شملت أيضا التعاون فى مجالات الصناعة والزراعة والطاقة، ومنح إيران الحق الحصرى فى الإشراف على تطوير وصيانة وعمل شركة تكرير النفط الإريترية، حيث تستورد إيران أكثر من 40% منها.
وبالنسبة لمصر ففى حرب أكتوبر 1973، أغلقت مصر باب المندب طوال الحرب ولم تفتحه إلا فى يناير 1974، بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى وبدء الانسحاب الإسرائيلى من غرب قناة السويس.
وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى التواجد الدائم للقوات البحرية المصرية عند باب المندب وتعاملها المباشر والحاسم مع بعض الزوارق الإيرانية التى حاولت التدخل لمساعدة الحوثيين فى الحرب الأخيرة باليمن.
منح الرئيس السودانى، لنظيره التركى "جزيرة سواكن" الواقعة على سواحل البحر الأحمر شرقى البلاد لإعادة ترميمها على أن تكون تحت الإدارة التركية لفترة زمنية غير معلنة، وعد جزيرة سواكن التى تبعد بنحو 700 كم عن العاصمة الخرطوم، مركزاً حضارياً يرتبط فى أذهان السودانيين بمقاومة المستعمر العثمانى الذى تكتظ الجزيرة بآثاره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة