لم تشهد أسواق النفط عاما أفضل من عام 2017، والذى شهد صعود الأسعار العالمية لخام برنت إلى 67 دولار للبرميل وهو المستوى الأفضل منذ منتصف عام 2015.
مع بداية العام الحالى ترقب المنتجون الأسواق ما سيسفر عنه اتفاق خفض الإنتاج الذى تقوده منظمة الاوبك – الدول المصدرة للبترول- وعلى رأسهم السعودية، مع عدد من كبار المنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا، لتخفيض الإنتاج اليومى من النفط بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، لمدة 6 أشهر تنتهى فى يونيو 2017، وهو ما دفع أسعار النفط قبل نهاية شهر يناير الماضى للوصول إلى مستوى 55 دولار للبرميل، بعد أن كانت بداية الشهر مستقرة عند مستوى 50 دولار للبرميل.
اتفاق خفض الإنتاج
وفى شهر فبراير وجدت الأسعار العالمية طريقها إلى الانخفاض قليلا، حيث تراوحت الأسعار بين مستوى 52 – 54 دولار للبرميل ، لكنه كان مستوى جيد، بسبب انخفاض الطلب العالمى على النفط خلال الربع الأول من العام، بسبب عمليات الصيانة التى تقوم بها الشركات للآبار ومصافى التكرير.
وبحسب وزير النفط الكويتى السابق عصام المرزوقى، إن التزام دول منظمة أوبك باتفاق خفض إنتاج النفط بلغ 90% فى فبراير، وهو أعلى من مستوى الالتزام فى شهر يناير.
أما فى مارس اتخذت الأسعار مسارا هابطا حيث بدأ الشهر بسعر عند 52 دولار للبرميل، ليصل فى الثلث الأخير من الشهر عند مستوى 48 دولار للبرميل، مختتما ذلك الشهر بسعر أعلى من مستوى 51 دولار للبرميل، بسبب بدء الحديث عن تجديد اتفاق خفض الإنتاج لمدة جديدة، حيث قال وزير النفط الإيرانى بيجن زنجنه، إنه من المرجح تمديد إتفاق عالمى لتقليص إنتاج النفط، بين منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، وكبار المنتجين غير الأعضاء فى المنظمة.
القصف الأمريكى لسوريا
أما فى شهر أبريل الماضى وبسبب تصاعد المخاوف السياسية فى الشرق الأوسط، بسبب الأزمة السورية التى شهدت تدخلا قصفا أمريكيا لمناطق سورية، وهو ما أثر على أسعار النفط متسببا فى صعودها إلى مستوى 55 دولار للبرميل، لكنها تراجعت مرة اخرى إلى مستوى 51 دولار للبرميل.
وعلى الرغم من نية منتجى النفط إلى تمديد إتفاق خفض الإنتاج إلا أن أسعار النفط فى شهر مايو جاءت مغايرة تماما لهذا الإجراء، حيث انخفضت أسعار النفط لتصل إلى مستوى أقل من 49 دولار للبرميل، إلا أنه أنهى الشهر عند سعر 51 دولار للبرميل، بعد أن اتخذت أوبك وشركائها قرار بتمديد الإتفاق حتى مارس من 2018.
ليبيا ونيجيريا يتسببان فى انخفاض الأسعار
أما فى شهر يونيو فهو الشهر الذى انخفضت فيه أسعار النفط بشكل كبير حيث سجل مستوى أقل من 45 دولار للبرميل ، لكنه لم يستطع تخطى حاجز الـ50 دولار للبرميل خلال شهر يوليو، حيث سجل فى بداية الثلث الأخير من الشهر نحو 48 دولار للبرميل، وعاودت الأسعار لكسر مستوى الـ50 دولار للبرميل خلال شهر أغسطس لينتهى الشهر عند سعر 51 دولار للبرميل.
وتسبب تزايد إنتاج كلا من نيجيريا وليبيا وعدم الالتزام الكامل من دول أوبك والمشاركين فى اتفاق خفض الإنتاج فى هذه الانتكاسة السعرية التى سجلها خام برنت على مدار ثلاثة أشهر متتالية، بالإضافة إلى تزايد إنتاج النفط الصخرى الذى يسد الفجوة الناتجة عن تخفيضات اتفاق أوبك.
استفتاء كردستان
لكن فى شهر سبتمبر مع تعطل الإنتاج فى ليبيا وانخفاض إلى نحو يتراوح ما بين 850 – 900 ألف برميل بدلا من مليون برميل يوميا ، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج النيجيرى، وعادت التواترات السياسية مرة أخرى فى الشرق الأوسط بسبب استفتاء الانفصال لإقليم كردستان عن العراق، إن أسعار النفط بدأت خطوات متسارعة نحو الصعود، حيث وصل خام برنت خلال النصف الاول من شهر سبتمبر إلى نحو يتجاوز 54 دولار للبرميل، وصلت إلى 58 دولار للبرميل قبل نهاية الشهر، بسبب التمديد المحتمل لاتفاق خفض إنتاج النفط إلى ما بعد نهاية مارس 2018.
قرار ترامب ضد إيران
أما فى شهر أكتوبر تحركت الأسعار فى مستوى ما بين 54 – 60 دولار للبرميل ، وكانت التواترات السياسية فى الشرق الأوسط هى الرافع الأقوى لارتفاع أسعار النفط خاصة مع قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعدم الإقرار بأن إيران تمتثل للاتفاق النووى، بالإضافة إلى تصريحات ولى العهد السعودى محمد بن سلمان عن دعم بلاده لتمديد اتفاق خفض الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة الطلب الصينى على النفط.
حملة مكافحة الفساد السعودية
وعاد ولى العهد السعودى مرة أخرى على رأس الأسباب التى دعمت أسعار النفط خلال شهر نوفمبر، حيث واصلت الأسعار ارتفاعها متحركة فوق مستوى 60 دولار للبرميل ، وذلك بسبب حملة مكافحة الفساد التى يقودها ولى العهد السعودى محمد بن سلمان والتى أدت إلى توقيف العشرات من الامراء والمسئولين السعوديين بتهم فساد، وهو ما أحدث قلقا لدى المستهلكين لتخوفات عدم الاستقرار بالسعودية أكبر منتج للنفط .
وواصل فيه النفط ارتفاعه حيث وصل إلى نحو 67 دولار للبرميل قبل أن تنخفض إلى 66 دولار للبرميل، بسبب نقص الإمدادات النفطية بسبب توقف إمدادات خط أنابيب بحر الشمال، بالإضافة إلى انفجار خط أنابيب النفط الخام تابع لشركة الواحة للنفط، ويصل إلى ميناء السدرة.
وارتفعت الأسعار أيضا مدعومة بتعهدات من السعودية، أكبر منتج فى منظمة أوبك، وروسيا، أكبر المنتجين خارج المنظمة، التى ترى أن أى خروج من اتفاق تخفيضات الإنتاج سيكون تدريجيا.
تفاؤل بشأن أسعار النفط
أسعار النفط المرتفعة أرغمت عددا من البنوك الاستثمارية لتعديل توقعاتها بشان أسعار النفط خلال عام 2018 ، حيث عدل كلا من جولدن مان ساكس وجى بى ومرجان توقعاتهم من 58 دولار للبرميل إلى 62 – 60 دولار للبرميل على الترتيب.
ويأتى التفاؤل بسبب استمرار اتفاق خفض الإنتاج والإصرار عليه بين أكبر منتجين عالميين روسيا والسعودية، بالإضافة إلى تركيز منتجى النفط على الوصول إلى أسعار نفط مناسبة ومعقولة اقتصاديا لموازنات بلادهم التى عانت كثيرا خلال الأعوام الماضية نتيجة انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 30 دولار للبرميل، بالإضافة إلى نمو الطلب العالمى المتوقع على النفط.
وعلى الرغم من هذا التفاؤل إلا أن النفط الصخرى يبقى عائقا كبيرا أمام طموحات أوبك، وخاصة مع تمكن منتجى النفط الصخرى من خفض تكاليف الإنتاج بنسب 15 – 17 %.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة