ما حدث فى كنيسة مار مينا فى حلوان يدمى قلوبنا جميعا لسقوط ضحايا شهداء كانوا فى طريقهم إلى بيت من بيوت الله للصلاة، لكن الحزن جاء ومعه موقف وطنى عظيم تدمع له العيون من الفرح، هو موقف المصريين البسطاء أولاد البلد العزل الساعين وراء لقمة العيش الذين يتعاملون مع بعضهم البعض دون أن يسأل أحدهم الآخر ما ديانتك؟ أو لماذا لا تكون متطابقا معى حرفيا؟ هؤلاء المصريون وقفوا فى وجه الإرهابى الذى يحمل رشاشا ويطيح فى الأبرياء وهم لا يحملون سلاحا.
الشيخ طه رفعت إمام مسجد الدسوقى، أول ما أخبره أحد رواد المسجد بأن إرهابيا يعتدى على الكنيسة المجاورة برشاش، فتح ميكروفون الجامع وتوجه لجموع الناس وأبناء المنطقة بالنداء مرارا «احموا الكنيسة زى ما بتحموا الجامع، أغيثوا إخوانكم المسيحيين من الإرهاب، الإرهاب يستهدف الكنيسة»، الأمر الذى دفع كثيرا من المواطنين للخروج إلى الشارع وإشغال الإرهابى حتى لا يدخل الكنيسة وبها المصلون العزل ويوجه حقده وغباءه وأمراضه النفسية إليهم.
صلاح الموجى، البطل الذى تابع المجرم الإرهابى وفور إصابته بطلق نار فى الساق، انقض عليه وشل حركته وانتزع خزانة البندقية التى فى يده، ثم وجه له ضربة على رأسه أفقدته الوعى حتى تسليمه إلى رجال الشرطة الذين تولوا اتخاذ الإجراءات القانونية معه، هذا البطل العادى مثله عشرات الملايين من المصريين يسعون كل يوم وراء لقمة العيش يرجون غدا أفضل لأولادهم ولبلدهم وعند الشدائد لا يهابون الموت، بل يتقدمون إليه بأيديهم العزلاء ليواجهونه.
عبدالله، الشاب الذى يسكن فى مواجهة الكنيسة واستطاع إنقاذ ستة مصابين من بينهم طفلة صغيرة كانت تحتضن أمها التى تلقت رصاصة الإرهابى الكلب، قبل أن يعود إليها الإرهابى ويكتشف أنها مازالت حية، استدعى السيارات المتاحة رغم إطلاق الرصاص ونقل ومعه أبناء المنطقة السيدات المصابات أولا متوجهين بهن إلى المستشفى القريب، ثم عاد إلى موقع الإرهابى ونقل سائر المصابين، دون أن يقول أنا مالى أو يداخله حتى الشعور الطبيعى بالخوف من الإرهابى، الخوف على الحياة، الخوف على الأسرة.
رغم الحزن على الشهداء الذين نحسبهم الآن فى مكان أفضل، حادث مارمينا الأليم أسقط حاجز الخوف من الإرهاب والرصاص والقنابل لدى المصريين العزل، وجمعهم تلقائيا وبدون أى عامل خارجى للدفاع عن بعضهم البعض ومساندة بعضهم البعض فى مواجهة الشر.
انظروا إلى الفيديوهات المسجلة والمتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى حول الحادث وتأملوا كيف اندفع عشرات المواطنين نحو الإرهابى أول ما اختل توازنه واستطاعوا معاونة البطل صلاح الموجى فى تثبيته ونزع سلاحه والقبض عليه، هل يمكن أن تفرق بين مسلم ومسيحى بينهم؟ هل يمكن أن تفسر المشهد إلا برفض الإرهاب والرغبة فى مواجهته والقضاء عليه؟ وهل يمكن أن يعيش الإرهاب فى أرض هؤلاء هم سكانها؟
هذه هى الرسالة وهذا هو الدرس المستفاد.
رسالتنا نحن المصريين للعالم كله وللكونجرس الأمريكى خصوصا الذى يحاول أن يفتح ملف الفتنة من جديد، نحن جميعا مسلمين وأقباطا على قلب رجل واحد متعايشون إخوة وجيران، سنواجه الإرهاب وسنقضى عليه، نعم قد ندفع ثمن المواجهة بفقد أعزاء على قلوبنا ومن دماء طاهرة تسيل فداء لنا، لكنها الحرب الدائمة بين الخير والشر، ومقدر علينا أن ندافع عن أنفسنا فى مواجهة قوى الشر.
أما الدرس المستفاد، أن ندرك جيدا أننا ليس لنا إلا إخوتنا الأقباط وإخوتنا الأقباط ليس لهم غيرنا، وكل من يحاول إثارة الفتنة بيننا إرهابى وعدو سواء كان فى الداخل أو فى الخارج، كل من يحاول أن يعتدى على منزل يصلى فيه الأقباط إرهابى ومتطرف، ليس لنا جميعا إلا المحبة وعلينا أن نتمسك بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة