لا أحد يصدق أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيعترف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ضاربا عرض الحائط بالقرارات الأممية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى، ودون اعتبار لما يمكن أن يسببه قراره الأهوج حال صدوره فى موجات جديدة من الفوضى والعنف لا يمكن التنبؤ بمداها ولا يمكن كذلك احتواؤها بقرارات أو إجراءات من أية جهة.
المؤكد أن التقارير المقدمة لترامب بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس أعدها صهاينة متعصبون، هونوا من المخاطر التى يمكن أن تنجم عن قرار كهذا، وأبسطها أن كل فلسطينى سيعتبر نفسه فدائيا فى سبيل القدس وستندلع الانتفاضة الرابعة التى لا يمكن احتواؤها، كما سيعتبر المسلمون بكل مذاهبهم أن القرار يمثل عدوانا أمريكيا وإسرائيليا جديدا عليهم وستصبح كل المصالح الأمريكية حول العالم مستهدفة، كما سيصبح الأمريكى شخصا غير مرغوب فيه بنصف بلاد العالم تقريبا بل مستهدفا هو الآخر، ومع سهولة وتطور أساليب الاعتداء والتدمير والعنف ستكون مصالح واشنطن فى خطر داهم.
القرار المتوقع يعتبر الفلسطينيين والعرب والمسلمين كمًّا مهملاً، صفرًا على الشمال، كتلة بلا وزن سياسى أو اقتصادى أو أمنى، وهو حساب خاطئ بالتأكيد، حتى لو كانت هذه الكتلة تبدو أنها تحت السيطرة، لكن ما يدور فى المفاوضات الرسمية أو على مستوى الأنظمة شىء وما يمكن أن يحدث من انفجارات شعبية وأفعال انتقامية ضد الدولة الأمريكية وعلى الأراضى الأمريكية وكذا ضد مصالحها فى مختلف دول العالم، كثير جدا بما لا يمكن توقعه أو التصدى له أو تحمله.
لن أقول إن قرار ترامب الكارثى حال صدوره يعتبر انتهاكا للقانون الدولى ولكل القرارات الأممية من دولة عظمى يمكن أن يفتح الباب أمام انتهاكات شبيهة من كل دولة تستشعر فى نفسها القوة والقدرة على تمرير سياساتها وبالتالى نتحول إلى البربرية والهمجية مرة أخرى، ولن أقول إن قرار ترامب المتوقع يتجاوز وينتهك قرار التقسيم الصادر عام 1947 والذى حدد وضعا خاصا لمدينة القدس وكذا يحطم القرار الأممى 242 لعام 1967 والذى دعا لانسحاب القوات الإسرائيلية لحدود الرابع من يونيو وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذا ينتهك القرار الأممى رقم 478 لعام 1980 والذى نص على عدم الاعتراف بأى إجراءات إسرائيلية لتغيير وضع مدينة القدس، داعيا إلى سحب كل البعثات الدبلوماسية من المدينة، وكذا القرار الأممى رقم 2334 لعام 2016 والذى نص على أن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التى اتخذتها إسرائيل والتى تهدف لتغيير وضع القدس ليس لها شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولى، بل أقول إن قرار ترامب حال اتخاذه يمثل إعلانا صريحا بحرب دينية شاملة وانفجار المنطقة بكاملها.
ولا أعتقد أن ترامب ومن يقدمون له تقدير المواقف التى يتخذها واعون بما يمكن أن يأخذنا إليه قراره الأحمق الدموى، وما يمكن أن يجره على المنطقة والعالم من خراب ودمار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة